ـ ليلى خالد
في ظل ما يعيشه الشعب السوري من صراعاتٍ وتحديات، في ظروف قاسية تسودها الضبابية، من اختلاف الذهنيات وتعاقب القوى المسيطرة التي تنعكس سلباً على المواطن والمجتمع، حيث كان يأمل واقعاً أفضل وأكثر أمناً وأماناً وشفافية في المستقبل، ويضمن له مسارات العيش الرغيد، في وضع الحلول البديلة لكل مشاكله السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفجأةً يصطدم بواقعٍ مناقض تماماً لليوتوبيا الذي بناه في مخيلته عقب سقوط النظام البائد.
إنّ ما مرّت به سوريا خلال السنوات الماضية، من ظروف استثنائية أثّرت بشكل عميق على مؤسسات الدولة والمجتمع على حدّ سواء، وفي ظلّ التحديات والمعوقات التي خلفتها الحرب من خراب ودمار اقتصادي، وتهجير و نزوح وفقدان واعتقالات، بالإضافة لكل ذلك، تبرز معوقات تعقيد في البنية الإدارية، لتزيد في الطين بلة وتكتمل بها صورة المعاناة بكل أشكالها، لتُعمق بذلك جذور الأزمات وتودي بالشعب والمجتمع نحو المجهول مخلفة ورائها فجوةً كبيرة.
كي نحافظ على التركيبة السكانية ووحدة الشعب مع الحكومة الحالية والإدارات التنظيمية ونحمي الشعب من مآلات الأزمات والتهجير، علينا خوض التحديات في وجه الواقع الحالي وإحداث التغيير الإيجابي، وبدون شك ذلك يتطلب من الحكومة الحالية و الإدارات العامة، المرونة اللازمة مع تبسيط الإجراءات الحكومية كخطوة محورية لدعم تعافي المجتمع السوري وتعزيز ثقة المواطن بالدولة.
الأنظمة البيروقراطية المعقدة تُشكّل عائقاً أمام تسيير وتيسير الأمور للوصول السلس إلى الخدمات الأساسية كالتعليم، والصحة، والعمل، وبذلك ستُؤخر جهود التنمية في إعادة الإعمار، كما أنها تُثقل كاهل المواطنين الذين يعانون أصلاً من ظروف معيشية صعبة. لذا؛ فإن تيسير المعاملات الإدارية، وتطوير بيئة قانونية مرنة من شأنه تسهيل اندماج المواطنين في الاقتصاد الرسمي، وتحفيز الاستثمار وتمكين المرأة والشباب من إطلاق مبادراتهم ومشاريعهم بسهولة والتي تساهم في بناء المجتمع من جديد.
إذاً المطلوب:
التحلي بالمرونة في الإجراءات، والتي لا تعني التفريط بالقوانين أو الشفافية، بل تعني التكيّف مع الواقع الجديد وتقديم حلول عملية تتسم بالكفاءة والسرعة، مثل الرقمنة، وتخفيض عدد الوثائق المطلوبة، وتوحيد المرجعيات الإدارية.
إن تمكين المواطنين من الوصول إلى الخدمات في المراكز الحكومية، من خلال تسهيلات يقدمها المواطن لرفيقه وأخوه المواطن بيسر يعزز شعورهم بالانتماء، ويعيد بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس من الثقة المتبادلة والعدالة.
وفي النهاية:
فإن إعادة بناء سوريا لا تتطلب فقط إعادة إعمار البنية التحتية، بل أيضاً إعادة بناء المؤسسات لتكون مرنة، شفافة، وقريبة من المواطن، بما يلبّي حاجاته، ويدعم استقراره، ويعزز مناعته تجاه الأزمات المقبلة.
إن الحالة التكاملية بين الفرد والمجتمع، في تناسق وتناغم يخلق التوازن بينهما، ويفتح كل السبل في النجاح والتطور، وهنا تكمن المعضلة الأساسية. لذا؛ فمعرفة الذات ضرورة قصوة للفرد، بذلك سيدرك مدى أهمية دوره ومسؤوليته تجاه نفسه و وطنه، ويبادر في السعي لترميم جراحه وبنائه من جديد وفق أطر الاحترام والعدالة والمساواة لتحقيق مستقبلٍ مستدام في مجتمعٍ ديمقراطي حر.