تصدرت أهمية بناء ثقافة مجتمعية تعزز التسامح والعدالة، وتفصل الدين عن الدولة، والعمل على عقد مؤتمر وطني يضم الشعوب، لضمان السلام والعيش المشترك، والتصدي للتحديات المتعلقة بالمرأة، مع التركيز على توعية المجتمع وتغيير الذهنية السائدة، وخلق سوريا ديمقراطية ومتنوعة، ما يتوجب العمل عليه لمستقبل سوريا.
نظم مجلس الأديان والمعتقدات في شمال وشرق سوريا، منتدىً حوارياً تحت شعار “المعتقد والوطن شراكة لأجل السلام والعدالة في سوريا الجديدة”، وذلك في مدرج جامعة روج آفا بمدينة قامشلو الثلاثاء في العشرين من شهر أيار الجاري.
حضر المنتدى العشرات من شيوخ وأئمة وممثلي مختلف الطوائف، والمذاهب الدينية، بالإضافة إلى ممثلي المعتقدات، وأعضاء اتحاد المثقفين في مقاطعة الجزيرة، وحركة المجتمع الديمقراطي، ومؤتمر ستار، فضلاً عن شخصيات مستقلة من مثقفين وسياسيين ونشطاء، وأكاديميين وطلبة جامعة روج آفا.
تناول المنتدى أربعة محاور: “المرأة ما بين الدين والواقع”، “والسلام في الأديان والمعتقدات”، و”العدالة في الأديان”، و”التنوع العرقي والديني من منظور الأديان والمعتقدات، ودورها في بناء الوطن الجامع لأبنائه”.
المرأة قوة فاعلة
المحور الأول بعنوان “المرأة ما بين الدين والواقع”، ركزت مسؤولة العلاقات الدبلوماسية في مجلس الأديان والمعتقدات في شمال وشرق سوريا، دلال خليل، على أهمية دور المرأة في المجتمع، وأشارت إلى أن تحجيم هذا الدور ناتج عن معتقدات تقليدية وذهنية متحجرة، خاصة في المجتمعات المنغلقة. وذكرت: إن “المرأة قوة فاعلة وأساسية لبناء وطن ديمقراطي، ويجب أن يشارك الجميع، رجال ونساء، في التنمية، أن تعرض المرأة للاضطهاد باسم الدين، والعادات، مرحلي، ويعكس هيمنة الذهنية الذكورية”.
وأكدت: على أن “الأديان تدعو إلى احترام وتكريم المرأة، وشددت على ضرورة منح المرأة فرص القيادة والاعتراف بقدراتها لتحقيق التقدم المجتمعية”.
أما المحور الثاني بعنوان “السلام في الأديان والمعتقدات”، فقد سلط أمين سر مجلس الكنائس المسيحية في الجزيرة والفرات، عزيز آحي، الضوء على أن “السلام لدى عموم الأديان والمعتقدات هو هدف إنساني سام، يُجمع أهمية العلاقة بين الإنسان ونفسه والآخرين، ورفع شعارات ودعوات لتحقيق السلام، حيث تكرمه الأديان كقيمة أساسية”.
وأشار: إلى أنه “في ظل الأزمات والنزاعات، خاصة في سوريا، أصبح السلام ضرورة وجودية، ويستدعي تعزيز الحوار والتسامح وبناء الثقة، السلام لا يقتصر على غياب العنف فحسب، بل يشمل العدالة والاعتراف بالآخر والعيش المشترك، وهو أساس الإنسانية المتصالحة”.
من جهتهم، أكد المشاركون في مداخلاتهم على أهمية فصل الدين عن الدولة، لبناء وطن عادل ومتماسك، مع ضرورة مشاركة شرائح المجتمع، في البناء دون استثناء، خاصة في ظل وجود مرتزقة داعش التي تهاجم المكونات وترتكب المجازر.
وأوضحوا، أن السلام هو هدف ورسالة الأديان، وأن التنوع هو هبة إلهية، وأشارت التجارب، كمثال “المرأة الإيزيدية”، إلى قوة الصمود وبناء الذات رغم المصاعب، مؤكدين، على ضرورة التعاون للحفاظ على المنطقة من الانتهاكات والمؤامرات، والعمل من أجل السلام والتسامح، مع تعزيز دور المرأة في المجتمع.
العدالة جوهر التعايش
في المحور الثالث بعنوان “العدالة في الأديان”، أكد الرئيس المشترك لمؤتمر الإسلام الديمقراطي في شمال وشرق سوريا، الملا محمد مصطفى الغرزاني، على أهمية العدالة الاجتماعية.
وأشار: إلى أن “العدالة الاجتماعية مبدأ عالمي تتفق عليه الأديان والفلسفات، فهي جوهر التعايش والسلام، وتعد أساساً للرخاء والاستقرار، واستعرض نصوصاً دينية، وآراء فلاسفة، تؤكد أن تحقيق العدالة هو شرط أساسي لصدق الإيمان، وأنها ضرورة لبقاء المجتمعات وازدهارها”.
ولفت: إلى أن ” الأديان، سواء السماوية أو الوضعية، تدعو للعدالة، وأن غيابها يهدد الأمة ويقوض التماسك الاجتماعي، في ظل تزايد الظلم، تعد العدالة ضرورة لمقاومة الطغيان، وتحقيق المساواة، وحماية حرية المعتقد، وضمان العيش المشترك”.
أما المحور الرابع، الذي جاء تحت عنوان “التنوع العرقي والديني من منظور الأديان والمعتقدات، ودوره في بناء الوطن والجامع لأبنائه”، أشار الرئيس المشترك لاتحاد إيزيديي سوريا، سليمان جعفر، إلى ما يشهده إقليم شمال وشرق سوريا من تنوع: “سوريا غنية بتنوعها الديني والقومي، ما يتطلب تعزيز الوعي والتسامح، وحماية حقوق الأفراد في ممارسة شعائرهم بحرية”.
ولفت: “الحروب والتوترات الدينية، أدت إلى تصعيد خطاب الكراهية والعنف، رغم أن الأديان تدعو إلى كرامة الإنسان وحرية اعتناق المعتقدات”. وعدّ، التنوع دليلاً على حكمة الله، وأن التعايش السلمي، والتعددية، يعزز الوحدة والتماسك المجتمعي، ويشجع على الحوار والتعاون بين مختلف الشعوب.
وأغنى المشاركون في نهاية المحاور، المنتدى بمداخلات عدة، أكد المتحدثون على ضرورة بناء ثقافة مجتمعية، تعزز التسامح والعدالة، وتوجيه الجهود للتصدي للتكنولوجيا التي تُستخدم لدعم التطرف، خاصة تجاه المرأة التي ينبغي أن تكون شريكاً متساوياً في المجتمع والدستور.
ونوهوا، إلى أهمية فصل الدين عن الدولة، وتحقيق العدل، مع العمل على بناء مؤتمر وطني يعزز السلم الأهلي ويشمل المكونات والأديان، مع توثيق ومحاكمة الانتهاكات.
وشددوا، في الختام، على أهمية اللامركزية والتعددية، وتغيير الذهنية السائدة بتثقيف المجتمع، وضرورة العمل بوعي بهدف بناء سوريا ديمقراطية ومتنوعة يسودها السلام والتعايش بين الشعوب والأديان.
وكالة هاوار