قامشلو/ ملاك علي – مع تعقيدات المشهد السوري وتحوّلاته السياسية والاجتماعية، تبرز قضية اللغة الكردية واحدة من المطالب الجوهرية للشعب الكردي، في سعيه لنيل الاعتراف الثقافي واللغوي الكامل، وفي الوقت الذي تسعى فيه الشعوب السورية نحو ترسيخ مفاهيم التعددية والعدالة، يشدد تربويون في قامشلو، على أن الحفاظ على اللغة الكردية ليس فقط حقاً ثقافياً، بل ضرورة وجودية ترتبط بالهوية والتاريخ والانتماء.
اللغة أداة للمعرفة والانتماء، تُعد من أبرز الرموز التي تعبّر عن هوية الشعوب، ومن هذا المنطلق، يولي الشعب الكردي في إقليم شمال وشرق سوريا اهتماماً بالغاً بالحفاظ على لغته، وتوريثها للأجيال الجديدة، والدفع باتجاه اعتمادها لغة رسمية إلى جانب العربية، في أي دستور جديد لسوريا.
عزة القوم بلغتهم
وبهذا الصدد، أكد مدرس اللغة العربية في معهد إعداد المعلمين في قامشلو “قحطان دهام“، أن الاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية لا يعدّ ترفاً ثقافياً، بل هو حق طبيعي وإنساني يجب احترامه.
مضيفاً: “فاللغة الكردية هي لغة رسمية، ويجب أن يُمنح الشعب الكردي كامل الحق في التحدث بها، وتعلمها، وتدريسها أيضاً، لا يمكن أن يشعر أي شعب بعزّته إذا لم يحافظ على لغته، اللغة هي أساس الهوية وأداة التواصل مع الآخرين، وإذا فقد الإنسان لغته، فقد جزءاً كبيراً من ذاته”.
وأشار دهام: “من خلال عملي في التعليم، ألاحظ أن الشعوب التي تعتز بلغتها، تعتز بنفسها وتفرض احترامها، لذلك يجب أن يكون هناك دعم حقيقي للمناهج التي تدرّس باللغة الكردية، وتدريب الكوادر التدريسية الكردية بشكل مؤسسي ومنهجي”.
اللغة الكردية ليست وسيلة تواصل فقط بل هوية ووجود ومعرفة
ومن جهته، يرى الإداري في مجمع قامشلو التربوي، “آزاد حسين” أن اللغة الكردية تشكل العمود الفقري للهوية الكردية، وأن المساس بها أو تهميشها يعني تهميش الوجود الكردي.
حيث قال: “اللغة الكردية هي هويتنا، هي وجودنا، هي معرفتنا، الإنسان يُعرَف من خلال لغته وهويته، ولهذا نحن نُصرّ على التمسك بلغتنا الكردية وتعليمها لأبنائنا وطلابنا، لا يمكننا أن نطلب من أطفالنا أن يكونوا مرتبطين بثقافتهم وهم لا يجيدون لغتهم الأم”.
وشدّد “آزاد حسين” في ختام حديثه، على أن من أبرز مطالبهم في سوريا الجديدة، هو أن يتم الاعتراف باللغة الكردية بشكل رسمي، وأن تكون جزءاً من الدستور الجديد: “نحن لا نطالب بشيء خارج عن حقوق الإنسان الأساسية، نريد أن تكون لغتنا جزءاً من النظام التعليمي والقانوني والدستوري، تماماً كما تُحترم لغات أخرى في مجتمعات متعددة الثقافات”.
لغة في قلب التغيير السياسي والمجتمعي
فما عبّر عنه “قحطان دهام: ومع استمرار النقاش حول مستقبل سوريا وشكل الدولة المنشودة بعد سنوات من النزاع، تبدو المطالب المتعلقة باللغة الكردية جزءاً لا يتجزأ من مساعي بناء دولة المواطنة والتعدد الثقافي.
وتبقى مسألة اللغة الكردية من أبرز التحديات والآمال في آنٍ واحد، وهي مؤشر حساس لمدى تقبّل الدولة، والمجتمع لفكرة التعددية الحقيقية، والانطلاق نحو مستقبل أكثر عدلاً واحتضاناً لجميع شعوبه.
ي أأأأأ