عبد الرحمن ربوع
زال النظام السوري ولم تُزَل الاضطرابات التي خلّفها وراءه في سوريا. بل زادت وارتفعت وتيرتها خلال الأشهر الخمسة التالية على سقوطه وهروب رئيسه. وسط تخبط السلطة الانتقالية وارتعاش يديها وعدم قدرتها على البت في معظم القضايا التي تعترض طريقها. فضلاً عن تعقد المشهد على كافة الصعد وعلى كل المستويات.
كثيرون يقولون إن سوريا بلد صعبة الحكم، وشعبها صعب المِراس “لا يُعجبه العجب ولا الصيام في رجب”. لكن كل هذه الأقاويل لا تمتّ للواقع بصلة، فسوريا بلد استراتيجي يحتل موقعًا متميزًا في سرّة العالم بل هي قلبه الذي يجب أن يستمر نابضًا بلا توقف، ولا يمكن للنظام الدولي والمنظومة الإقليمية أن تسمح لسوريا بالفشل أو الوقوع في متاهة الاضطرابات، أو مهب رياح التغيير غير المحسوب أو غير المدروس، أو فريسة التطرف والإرهاب، وسيطرة فصيل سياسي غير متناغم أو غير منسجم مع بيئته الحاضنة أو محيطه الإقليمي.
يعلم الجميع أن التركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في سوريا مُثقلة بالقضايا المعقدة والمشكلات المزمنة. مع شحّ الموارد وقلة الإمكانيات، ومحيط عدائي طارد للاستقرار، وجاذب للقلاقل والاضطرابات، لكن هذا ليس كل شيء.. يمكن بقليل من العمل الجماعي التشاركي، و”اختيار من يصلح”، وتقديم الخبرة على الولاء، وتفضيل الوطنية على الفئوية.. يمكن وضع خطة استراتيجية والسير عليها للخروج من عنق الزجاجة وإعادة إعمار الدولة والبلد بحيث تعود صالحة للعيش الكريم لأبنائها المقيمين والعائدين.
سوريا اليوم بحاجة لكل أبنائها وبحاجة لقيادة جامعة لا مفرّقة، ومن واجب كل السوريين العمل “معًا” للعبور بالبلد إلى بر الأمان، وعلى الجميع العمل لا الفُرجة. بحاجةٍ لقيادة على أعلى مستوى من الكفاءة “قيادة خمس نجوم” تلبّي للجميع حاجاتهم، وتحقق لهم آمالهم، وتقلل من مخاوفهم وشكوكهم.
أبسط مثال يمكن تشبيه وضع سوريا الحالي به هو مسلسل “عائلة خمس نجوم”. فعلى الرغم من أنها عائلة متحابّة بما يكفي للبقاء والاستمرار؛ إلا أن لديها ما يكفي من أزمات يومية ذاتية وخارجية تشغلها عن الاستقرار. ربما لأنها عائلة ينقصها الأب الحكيم والأم الصابرة والأبناء البررة والجيران الأمينين، أو ربما لأن حسّاد “أم أحمد بلاليش” أكثر من محبيها. حتى مُحبّيها الطماعين، سواء أبو محمود السمّان أو أبو وصفي الدلال لم يقدما لها إلا وجع القلب ووجع الرأس.
مسلسل “عائلة خمس نجوم”.. تحفة حكم البابا وهشام شربتجي، رحمهما الله، كان ومازال معبّر عن سوريا الأمس وسوريا اليوم. وكم نفتقد اليوم كلًّا من حكم وهشام ليقدما لنا حلقة واحدة إضافية يحلان لنا فيها عقدة المسلسل المحيّرة، وعقدة سوريا المزمنة.