روناهي/ دير الزور ـ تُمثل الآثار في دير الزور شاهداً على تاريخٍ عريقٍ وحضاراتٍ مُتعددة، بدءاً من العصر الحجري وصولاً إلى العصر الإسلامي. إن حماية هذه المعالم تُسهم في فهم تطور المنطقة عبر العصور، وتُلقي الضوء على التفاعلات الثقافية والحضارية التي شكلت هويتها. كما أن هذه الآثار تعدُّ مصدراً للفخر والاعتزاز بالتراث الوطني، وتُعزز الانتماء إلى هذه الأرض.
ولا تقتصر أهمية الحفاظ على الآثار في دير الزور على البُعد التاريخي والثقافي فحسب، بل تمتد لتشمل البُعد الاقتصادي أيضاً، حيث تُسهم هذه المعالم في جذب السياح، وتوفير فرص عمل، وتنشيط الاقتصاد المحلي.
في أطراف الصحراء السورية، على الحدود العراقية، تقبع مغارة التيس معلماً طبيعياً وأثرياً مُبهماً، يكتنفه الغموض وتُحيط به الأساطير. تمتد هذه المغارة مسافة ثمانية كيلومترات تقريباً، مُشكلةً متاهةً من الممرات الصخرية الضيقة والغُرف المُظلمة، التي تحمل على جدرانها نقوشاً ورموزاً غامضة، لم تُفك شيفرتها حتى يومنا هذا.
يُضفي موقع المغارة، وسط التضاريس الوعرة والتلال الصخرية، طابعاً من السحر والغموض على المكان. بالإضافة إلى أن مغارة التيس ليست مجرد ظاهرة طبيعية، بل هي “موقع تاريخي عريق” يربط بين سوريا والعراق منذ عصورٍ سحيقة. وأن المنطقة غنية بالمعالم الأثرية، مثل قلعة قديمة تُنسب إلى ملكة تُدعى مارديني، وجبل عرسي الذي يُعتقد أنه يُخفي في باطنه آثار مدنٍ وممالك قديمة.
في السياق أشارت سمية الأحمد من نساء الباغوز، التي زارت المغارة مؤخراً، إلى أنها لاحظت ازدياد العتمة وضيق الممرات وقلة الهواء كلما تعمقت في المغارة، مُضيفةً أن هذه المعالم الأثرية تُمثل أجمل ملامح المنطقة، وتُتيح فرصةً لاسترجاع تاريخ الحضارات السابقة التي ازدهرت في هذه البقعة.
وأضافت؛ تُروى العديد من الحكايات والأساطير حول مغارة التيس، أشهرها قصة الراعي الصغير الذي دخل المغارة بحثاً عن تيسه المفقود، ليخرج منها وقد شاب شعره من هول ما رأى. وتُضيف بعض الروايات أن التيس دخل المغارة أسود اللون، وخرج منها أبيض، كنايةً عن مرور الزمن أو عظمة ما شاهده في الداخل. كما يتداول السكان قصصاً عن المغارة بأنها ملجأً للصوص والهاربين في الماضي، وعن وجود كنوزٍ ومدخراتٍ مخبأة بين جنباتها، ما يُضفي على المكان هالةً من الغموض والإثارة.
وطالبت الجهات المسؤولة بإرسال فرقٍ مُتخصصة للتنقيب ودراسة مغارة التيس وغيرها من المواقع الأثرية في المنطقة، لحمايتها من التخريب والنهب، والكشف عن أسرارها الدفينة، مُشددةً على أهمية هذه المواقع في فهم تاريخ المنطقة وتراثها الغني.