الدرباسية/ نيرودا كرد – أشارت عضوة المجلس العام لحزب سوريا المستقبل، سهام داوود، إلى أن ما يجري في سوريا اليوم انعكاس للصراع على المستوى الإقليمي، ولفتت بأن هناك خارطة طريق جديدة للشرق الأوسط، وسوريا ليست ببعيدة عنها، وأكدت، أن الإعلان الدستوري جاء مستنسخاً عن دستور النظام البعثي السابق، وأوضحت، بأن الحوار بين السوريين السبيل للتوصل لغد مشرق ومن دون حروب وصراعات.
لا تزال سوريا تعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، على المستوى الأمني، والسياسي، وذلك لمحاولات الاستئثار بالقرار السوري من سلطات دمشق الحالية، وقد تجلى ذلك من خلال المحطات التي مرت بها سوريا، إبان سقوط نظام البعث الحاكم، فمنذ عقد ما سمي بمؤتمر الحوار الوطني، مرورا بالإعلان الدستوري، وصولا إلى التشكيلة الحكومية، كل هذه المحطات تنذر بهشاشة الواقع السوري، وارتفاع احتمالية انفجاره مجددا.
السبب في ذلك يعود إلى أن المحطات التي ذكرنها آنفا، اعتمدت في صياغتها وإخراجها على استبعاد مختلف الشرائح السورية، من المشهد العام، ما أدى للوصول إلى نسخة جديدة عن نظام الحكم الذي كان يتبعه البعث، والذي أدى بسوريا إلى ما أدى إليه، وذلك بسبب سياسة اللون الواحد التي لا تزال معتمدة في سوريا.
لقد مرت المراحل التي تؤسس لسورية الجديدة، بالكثير من النواقص، التي من الواضح أنها ستستمر في المراحل القادمة، ما جعل السوريين يتوجسون شرا من هذا الواقع المفروض عليهم، الأمر الذي يدفعهم للبحث عن بديل بأسرع وقت ممكن، تفاديا لمستقبل قد تتجدد فيه الصراعات والحروب، واستمرار الأوضاع غير المستقرة.
خرائط جديدة تحت مسميات مختلفة
وحول الموضوع، التقت صحيفتنا عضوة المجلس العام لحزب سوريا المستقبل، سهام داوود: إن “الفوضى التي تمر بها سوريا، منذ 14 عاماً، هي الشكل المصغر للفوضى التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، لا سيما بعد انقضاء المئوية الأولى لاتفاقية سايكس بيكو، التي قسمت المنطقة، واليوم هناك إعادة رسم خرائط جديدة تحت مسميات مختلفة، لأن القوى الإقليمية، والدولية، تسعى لتحقيق نفوذ كبير وقوي في المنطقة”.
وتابعت: “الخرائط الجديدة التي ترسم للمنطقة، غالباً ما تكون على أساس المصالح الاقتصادية، وتحديدا خطوط الغاز والنفط، ما يضع الحالة السورية تحت المجهر، حيث نلاحظ أن سوريا، ومنذ اندلاع الأزمة في العام 2011، وحتى سقوط نظام الحكم فيها، تحولت إلى صندوق بريد ترسل من خلالها القوى الإقليمية، والدولية، الرسائل إلى بعضها، وذلك بسبب تناقض مصالح هذه القوى على الأرض السورية”.
وأضافت: “هناك قوى إقليمية أكثر فاعلية على الأرض السورية، كتركيا وإيران، ولهما مشاريع متناقضة في منطقة الشرق الأوسط، كما أن بعض القوى الدولية، تسعى لتثبيت موطئ قدم لها في المنطقة عبر سوريا، وذلك نتيجة للموقع الجيوسياسي الهام لهذا البلد، لذلك، فإن هذه التغيرات السياسية المتسارعة في المنطقة، إضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك حرب غزة، أرخت بظلالها على الحالة السورية، وبشكل كبير، وهذه العوامل عقدت الأزمة السورية أكثر”.
وزادت: “إلى جانب كل ما ذكرناه، لا بد من التذكير إن حزب البعث، حكم سوريا عن طريق نظام حكم شمولي، مركزي، استبدادي، على مدار أكثر من نصف قرن، هذا الشكل من الحكم أفرز قضايا اجتماعية كثيرة في المجتمع السوري، فبدلا من العمل على بناء مجتمع سوري متماسك وقوي، عمل على تجزئة هذا المجتمع، وزرع الفتن الطائفية، والقومية، بين شعوبه ومكوناته، وكذلك قمع الحريات الفردية والجماعية، إلى جانب انعدام الحياة السياسية، وإنكار التعددية السياسية، وغياب مظاهر الحرية، والديمقراطية، والأمن، والأمان، في سوريا”.
تعنت النظام أطال عمر الأزمة
وأردفت: “مع انطلاق الأزمة السورية، أصر النظام على عدم القيام بأي تحول ديمقراطي، في بنيته، وكان له الدور الكبير في تعقيد الأزمة، وبقي مصراً على تعنته واستخدم الحل العسكري، وهذا ما أدى لإطالة عمر الأزمة السورية بشكل كبير، كما إن إغلاق نظام البعث قنوات الحوار بين السوريين، أدى إلى زيادة الفوضى التي تعيشها سوريا اليوم”.
وأكملت: “لقد تحقق حلم الشعب السوري، بإسقاط نظام البعث وبشار الأسد، ولكن سلطات دمشق الحالية، بخلفيتها المتطرفة، لن تكون البديل الذي يحلم به السوريون؛ لأن مشروعها لا يبنى للوصول إلى سوريا الديمقراطية، التي ينشدها السوريون، والخطوات التي قامت بها حتى اليوم، منذ عقدها لما سمي بمؤتمر الحوار الوطني، مرورا بالإعلان الدستوري، وصولا إلى تشكيل الحكومة الانتقالية، كلها أثارت مخاوف السوريين بشكل كبير، وثبتت الرؤية الضبابية حول شكل سوريا الجديدة وشكل الحكم فيها”.
ولفتت: “كل ما أتينا على ذكره، هي عوامل مهمة لأسباب الفوضى التي تعيشها سوريا اليوم، ولهذه الأسباب ذاتها، لا يمكن التوصل للحلول في سوريا، ما يؤدي بالنتيجة إلى تفاقم الأوضاع يوما بعد يوم، وكلما تأخرت الحلول تعقدت الأوضاع في سوريا”.
وأشارت: الإعلان الدستوري، والخطوات السابقة واللاحقة، لم تمثل مطلقا قيم الثورة السورية، التي خرج من أجلها السوريون، وجاء الإعلان الدستوري، نسخة طبق الأصل عن دساتير حكم البعث، ولكنه بنكهة الإسلام الراديكالي، الأكثر تشددا وتعصبا ومركزية في الحكم، هذا النمط من الحكم جلب الويلات على الشعب السوري، وبالتالي لا يمكن إعادة إنتاج حكم مركزي جديد يحمل الاستبداد، ويقصي الشعوب، والمكونات، ويتفرد بالحكم في سوريا”.
العمل لتثبيت حقوق السوريين
واستكملت: ان “عدم أخذ خصوصية الحالة السورية، وتنوعها بعين الاعتبار، من خلال مراعاة تعدد الألوان، واللغات، والأديان، في سوريا، سيعيدنا إلى المربع الأول من الأزمة السورية، ولتلافي ذلك، يجب إعادة تشكيل لجنة دستورية جديدة، تعمل على كتابة دستور سوري، بما يتوافق مع مطالب السوريين، في بناء سوريا موحدة أرضا وشعبا، تحفظ حقوق وكرامة المواطن السوري، وترسخ قيم العدالة، والمساواة، والحرية، والديمقراطية، وتراعي التعددية المذهبية، والقومية، والدينية، التي تتميز بها سوريا، عبر توافق وطني حقيقي، تُحفظ من خلاله حقوق الجميع، وتعمل على إعادة إحياء الحياة السياسية في سوريا، ودفع مسار التحول الديمقراطي في البلاد، نحو الأمام، وسد كل الأبواب امام إعادة إنتاج نظام استبدادي، وسلطة مركزية مطلقة”.
واستطردت: “المسؤولية تقع على عاتق السوريين، وبشكل خاص الأطر والأحزاب والقوى السياسية السورية، وكذلك الفعاليات الثقافية، والاجتماعية، والدينية، التي تؤمن بالديمقراطية، والتعددية، والحرية، ومن أجل العمل على تثبيت ذلك، يجب تقوية الجبهة الداخلية”.
وبينت: “سوريا اليوم تعيش مرحلة مفصلية، وانعطاف وتحول تاريخي، لذلك فإن أمام السوريين خيارين لا ثالث لها، وعلى الجميع أن يعلم، أنه إذا ما تم إعادة تدوير الدولة القومية، المركزية، وإنتاجها بصيغة إسلامية متشددة، فإن الأوضاع في سوريا القادمة، ستكون الأكثر دموية في التاريخ السوري، ما سيؤدي إلى تقسيم سوريا، نتيجة العوامل التي ذكرناها سابقاً، أما الخيار الثاني، فهو الوقوف على الاستحقاقات التاريخية القادمة، وهناك الكثير من الأمور يتطلب من السوريين القيام بها، وأهمها التوافق بين السوريين، لإدارة دولتهم، ومسألة إعادة الإعمار، وعودة المهجرين إلى بيوتهم بأمان، وكل ذلك يستوجب، تقوية الجبهة الداخلية كأحد المهام الجوهرية التي يتعين على الأحزاب، والقوى السياسية، والشخصيات الثقافية، والدينية المؤثرة، التي يجب القيام بها، للتوصل للحلول التي تنهي الأزمة وتضع النقاط على الحروف”.
واختتمت، عضوة المجلس العام لحزب سوريا المستقبل، سهام داوود، حديثها: “القوى الوطنية السورية، مطالبة بتفعيل الحوار السوري – السوري، وتوحيد صفوفها، للاتفاق حول كل ما هو ممكن، من خلال التوافقات والتقاطعات التي تلتقي من خلالها هذه القوى، بحيث توحد رؤاها حول مستقبل سوريا، وشكل الحكم فيها، وعليها أن تنهي حالة التشرذم والتشتت في صفوفها، بما يبعث الأمل من جديد في نفوس السوريين، وكذلك من الواجب الضغط على المجتمع الدولي، لدفع عجلة التحول الديمقراطي والحلول، نحو الأمام، ما سيساهم في بناء سوريا”.