د. علي أبو الخير
ما إن سقط النظام السوري السابق، يوم الثامن من كانون الأول عام ٢٠٢٤، حتى تساءل الجميع عن كيفية اعتراف الدول العربية بالنظام الجديد؛ خاصةً أن أحمد الشرع صار رئيساً انتقالياً لسوريا، بحكم الأمر الواقع، فتتابع الاعتراف بالحكم الجديد؛ ثم فتحت سوريا الجديدة، فصلاً في سجل علاقاتها الخارجية؛ فراح أركان الحكم الجديد يتوددون لدول الاتحاد الأوربي والأمريكي، وطمأنة الجميع على أن سوريا لن تكون في عداء مع أي دولة، وسوف تمنع الهجرات غير الشرعية إلى أوروبا، وتلتزم بمحاربة الإرهاب، ونتيجة ذلك أن تم رفع أسماء القادة الجدد من لوائح الإرهاب العالمي، كما لو كانت سوريا وقادتها الجدد يولدون من جديد، وربما بأسماء جديدة وأزياء معاصرة.
ولكن أبرز المشاكل التي واجهها القادة، هي العلاقة مع الدول العربية، لأنهم يخافون من تبعات الثورة السوريّة، التي أطاحت بنظام بشار الأسد، ومن أجل حث العرب على الاعتراف بالسلطة الجديدة؛ ويقول الشرع لطمأنة العرب: “إن الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام البعثي، ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر”، مؤكداً أن بلاده لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية.
وتخوفت وتريثت الدول العربية؛ ولم يطُل الترقّب، فبدأ الاعتراف العربي يتوالى ثم زيارات من وإلى سوريا، وأعادت الجامعة العربية مقعد سوريا لها، أي لنظام بشار الأسد، عام 2023 ، وعلى هذا الأساس تمت دعوة وحضور الشرع لمؤتمر القمة العربية بالقاهرة في الرابع من آذار 2025، والتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو اعتراف مصري به، ما مهّد الطريق للاعتراف العربي، وعودة العلاقات الطبيعية بين سوريا والدول العربية كافة، باستثناء العراق لظروف خاصة، والمهم أن الاعتراف العربي، خاصةً الدول المؤثرة، وهي دول الخليج ومصر والأردن، صبّ في النهاية لصالح النظام السوري، وتثبيت أركانه؛ ومن الطبيعي أن يرحب أحمد الشرع، لهذا التقارب، فظل ومازال يردد، أن سوريا لن تكون مصدر قلق للدول العربية.
ومن المناسب التأكيد على أن سوريا طمأنت أيضاً إسرائيل، وأكدت أنها لن تكون مصدر قلق لها، هذا بالإضافة إلى الدور التركي المشبوه داخل سوريا، لأن تركيا تؤثر على القرار السوري، وتحتل أراضي سوريّة، وتعادي الكرد وتهاجمهم، وتبارك قتل العلويين، والدروز، كما أنها تركت الباب مفتوحاً للسيطرة التركية على سوريا، تحت الاحتلال التركي الذي ورث السيطرة الإيرانية، وهو استبدال احتلال فارسي باحتلال عثماني، وكلاهما أضعف سوريا وأشعل نيران الحروب في المنطقة، وجعل إسرائيل تشن حرب الإبادة ضد غزة وجنوب لبنان، فضلاً عن الاعتداءات المتكررة ضد سوريا.
في المقابل هناك قلق حول مستقبل سوريا، من قبل الشعوب والمكونات السوريّة، رغم أن قوات سوريا الديمقراطية، هي التي حافظت على وحدة الأرض السوريّة، عندما انتصرت على داعش الإرهابي؛ ولولا (قسد) لتمزقت سوريا قبل عشر سنوات، ومن المفترض أن يزيل النظام السوري، بواعث القلق والترقب من الشوفينية، التي يمكن أن تتحول لعنصرية مقيتة.