تواصل “رفيقة الحوات”، من المغرب مدينة الدار البيضاء، وهي امرأة متزوجة، رحلتها في عالم الحياكة لا لتثنيها العقبات، فاتجهت إلى العمل بصناعة الحقائب كي تكون لها مصدر رزق وهواية تجد نفسها فيها.
بدأت رفيقة الحوات رحلتها مع تصميم الحقائب دون تخطيط مسبق، فحبها الخياطة قادها لصنع حقيبة، فأعجبت بها صديقاتها ثم أخذت تطور هذا المجال، وبدأت تتلقى الطلبات من الكثيرات.
الخياطة والتصميم
لم تكن فكرة تصميم الحقائب تخطر ببال “رفيقة” يوماً، لكنها كانت محبة للخياطة والتصميم، إذ تعد الحياكة جزءاً من حياتها اليومية، فتمضي ساعات طويلة في ابتكار تصاميم بسيطة لعائلتها، دون أن تفكر يوماً في تحويل هذه المهنة إلى مشروع، إلا أن الصدفة قادتها إلى ذلك، عندما قررت تجربة الكروشيه لأول مرة وصنع حقيبة لنفسها.
فتخبرنا عن بداية عملها: “كنت أرغب فقط في صنع حقيبة مميزة لي، وعندما رأتها صديقاتي نالت إعجابهن كثيراً، وطلبن مني تصميم حقائب مماثلة، لم أكن أعتقد أن الأمر سيتحول إلى مشروع، لكن تشجيعهن جعلني أفكر في الفكرة بجدية”.
وبذلك بدأت بتصميم حقائب مختلفة، مستخدمة مهاراتها في الحياكة والكروشيه، ومع كل طلب جديد، وجدت نفسها تغوص أكثر في عالم التصميم، وتبحث عن أفكار جديدة، وتبدع في تنسيق الألوان، حيث لم يكن الأمر مجرد خياطة، بل كان انعكاساً لمخيلتها وذوقها الفني.
ومن بين التصاميم، التي تعتز بها، هناك حقيبة صنعتها بخيوط كروشيه سميكة باللون البني الداكن، أضافت إليها مقبضاً من الخشب المنحوت، وأكملتها بلمسة خاصة عبر زهرة من الكروشيه مثبتة على الزاوية؛ ما يمنحها لمسة فاخرة، عندما سألناها عن مصدر إلهامها أجابت “أحب أن أستوحي الألوان من الطبيعة، فهذه الحقيبة استلهمتها من الطبيعة، أردت أن تبدو طبيعية وتحمل لمسة من الترتيب”.
ولن تكتف “رفيقة” بنسخ تصاميم جاهزة، بل تسعى إلى تقديم قطع فريدة تعكس ذوقها الشخصي، وتلبي رغبات الزبونات الباحثات عن لمسات مميزة في الإكسسوار اليدوي، ومع تزايد الطلب على حقائبها، أدركت أهمية الترويج لمنتجاتها خارج نطاق محيطها، ولأنها لا تملك متجراً خاصاً بها لجأت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أنشأت صفحة لعرض تصاميمها، وتنشر صوراً لكل حقيبة جديدة تنجزها.
وقالت عن هذه الخطوة نحو الترويج على وسائل التواصل الافتراضي: “تفاعل الناس مع أعمالي منحني حافزاً أكبر للاستمرار، ورأيت في ذلك فرصة حقيقية لتوسيع مشروعي”.
لكن رغم نجاحها في الترويج عبر الإنترنت، لا تزال رفيقة الحوات ترى في المعارض التقليدية جزءاً مهماً من استراتيجيتها، حيث يمكن للزبائن رؤية الحقائب ولمسها عن قرب؛ ما يجعلهم يقدرون العمل اليدوي أكثر، إلا أنها تواجه تحدياً بسبب الرسوم المالية المرتفعة للمشاركة في هذه المعارض، وهذا يحد من الوصول إلى جمهور أوسع، خصوصاً أنها ربة بيت ولا تملك دخلاً ثابتاً.
ورغم نجاح مشروعها، لم يكن الطريق سهلاً، فواجهت رفيقة حوات في البداية صعوبة في إيجاد المواد الأولية بالجودة التي تناسبها، كما أن الترويج وبناء قاعدة زبائن لم يكن بالأمر السهل، لكنها لم تستسلم، بل تعلمت من التجربة، وطورت مهاراتها شيئا فشيئاً “عندما بدأت كنت أعمل بحماس، لكن بدون خطة واضحة، اليوم أفكر بشكل أكثر تنظيماً، وأبحث عن فرص جديدة لتوسيع مشروعي”.
التحديات المهنية
وإلى جانب التحديات المهنية، تحاول رفيقة الحوات الموازنة بين مسؤولياتها الأسرية، وعملها في الحياكة، إذ تقضي الصباح في العناية بأسرتها، بينما تخصص المساء لإنجاز طلبات الزبائن، وتعترف بأن الأمر ليس سهلاً، لكنه ممكن بالإرادة والتنظيم: “المرأة قادرة على تحقيق التوازن إذا وجدت الدعم والإرادة”.
بالنسبة لها لم يكن هذا المشروع مجرد مصدر دخل، بل تحولاً جذرياً في حياتها، فقبل أن تبدأ، شعرت أن الروتين يقتلها، لكن اليوم، تجد في كل حقيبة تصنعها متعة وإحساساً بالإنجاز، خصوصاً عندما ترى تفاعل الناس مع أعمالها.
وفي ختام حديثها، وجهت “رفيقة الحوات”، رسالة دعت فيها النساء للبحث عن طريقهن الخاص نحو الاستقلالية: “على المرأة أن تعمل وتثبت ذاتها، فالعمل يمنحها القوة والحرية ويجعلها تشعر بقيمتها، لا يجب أن تنتظر الظروف المثالية، بل عليها أن تبدأ ولو بخطوات صغيرة”.
وكالة أنباء المرأة