رفيق إبراهيم
من حق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وعموم السوريين، اختيار ما هو مناسب؛ للوصول بسوريا إلى بر الأمان، وتوفير الأمن والاستقرار في ربوعها، وهي التي عانت سنين طويلة من الحرب والدمار في الأزمة التي دامت 14 عاماً، واللامركزية في سوريا المستقبل وصفة سحرية لإنهاء الصراع أولاً، ولحصول السوريين على حقوقهم الكاملة ثانياً، وهوما ترفضه سلطات الأمر الواقع في دمشق؛ لوجود حساسية كبيرة في موقفها من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
الإدارة الذاتية، وقوات سوريا الديمقراطية، تدركان هذه الجزئية، تماماً. لذا؛ فالحوارات المتتالية بين “قسد” وسلطات دمشق، تم التوصل فيها لتوافقات، بين “قسد” وسلطات دمشق، وكان منها الاتفاق حول حيي الشيخ مقصود والأشرفية، على أن يستمر تطبيق بنود الاتفاقية في المراحل القادمة، وعودة المهجرين إلى عفرين وسري كانية وكري سبي، وهذه من المواضيع التي سيتم النقاش حولها.
مسألة اللامركزية في سوريا، وتمسك الإدارة الذاتية بها، أمر مفروغ منه، ولا يمكن العودة إلى ما قبل 2011، بأي شكل من الأشكال، حتى ولو قامت ثورة سورية جديدة على سلطات دمشق الحالية، وحاجة شعوب شمال وشرق سوريا، وفي مقدمتهم الكرد، باتت ملحة لتطبيق نظام جديد يعيش فيه المواطن بحرية وكرامة وديمقراطية، ويدير نفسه بنفسه، واللامركزية الإدارية من أنسب الأنظمة الواجب تطبيقها في سوريا، وعلى سلطات دمشق أن تعي حقيقة ما يحدث على الأرض، وترضخ للقرار السوري الجامع، فالإدارة الذاتية، وجميع السوريين، يرفضون العودة إلى النظام الفردي المركزي الديكتاتوري.
السلطات الجديدة في دمشق، ومن أجل التوصل للحلول السلمية المستدامة، عليها تطبيق مفهوم اللامركزية الإدارية، على أنه نظام ديمقراطي، يعطي صلاحيات واسعة للأقاليم ضمن الدولة الواحدة، وشعوبها هي التي تديرها، وخلال سنوات الأزمة السورية، برز مفهوم اللامركزية في العديد من المناطق السورية، الإدارة الذاتية، والسويداء، وأثبتت تلك التجارب نجاحها، في إدارة مناطقهم بكل اقتدار بعيداً عن سلطة المركز.
إن الرفض التركي اللامركزية والخطوات الديمقراطية في سوريا، هو السبب الرئيسي، الذي يهدد تحقيق الأمن والاستقرار، وتتحجج تركيا بأن ذلك يمثل تهديداً لأمنها القومي، ولكن هدفها الأساسي في ذلك، تحقيق طموحاتها الاحتلالية على الأرض السورية، وتركيا تفرض املاءاتها على سلطات دمشق، بهدف إجهاض العملية السياسية، والتوصل للحلول التي قد ترضي جميع الأطراف في سوريا، لأن أي حل سينهي الاحتلال التركي أولاً.
وعلى الرغم من أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أكدت في الكثير من المرات على وحدة الأراضي السورية، وأنه ليس لديها أية رغبة للانفصال، وتطالب باللامركزية التي تحقق المساواة والحرية والديمقراطية والعدالة لكل السوريين، وهي تؤكد دائماً على أن الحوار بين السوريين مدخل لبناء سوريا الجديدة بتحقيق اللامركزية الديمقراطية، كحل لحفظ الحقوق الكاملة في مناطق الإدارة الذاتية، وعلى المستوى السوري بشكل عام.