روناهي/ الرقة ـ تتوجه هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الرقة لافتتاح مؤسسة لتعليم اللغة الكردية في المدينة وريفها، وهي المؤسسة التعليمية الأولى التي ستدرس اللغة الأم في المنطقة في التاريخ الحديث لسوريا.
بتاريخ العاشر من شهر نيسان الجاري، بدأت هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الرقة، بالتحضيرات العملية لافتتاح مؤسسة متخصصة في تعليم اللغة الكردية، حيث اعتمدت على رؤية شاملة، لدعم المناهج التربوية وإعادة الاعتبار للغة الأم والثقافة الكردية للراغبين بالتعلم باللغة الكردية من مختلف الشعوب السورية، سواء من سكان الرقة أو الوافدين إليها.
وستتبنى المؤسسة نظاماً أكاديمياً، يتضمن ثلاثة مستويات تعليمية، تغطي أساسيات اللغة، والقواعد، والمهارات الكتابية، والوعي الثقافي، وفي نهاية كل دورة، سيمنح الطلبة شهادات تخريج معترف بها، تمكنهم من متابعة دراستهم في معهد اللغة الكردية التابع لجامعة الشرق، وهو أول معهد جامعي من نوعه في المنطقة يركز على البحث والتعليم باللغة الكردية
إعادة تشكيل الوعي
وفي السياق، قالت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في الرقة “زليخة عبدي” لصحيفتنا “روناهي”: “نحن نمر بمرحلة انتقالية في سوريا، نعيد فيها صياغة مفهوم الهوية والمواطنة، في السابق، كان نظام البعث يمنع تدريس اللغة الكردية، بل ويمنع الاعتراف بها كلغة رسمية، ما خلق فراغاً هائلاً في الوعي والانتماء، واليوم، نفتح أبواب هذه المؤسسة لتكون بيتاً لكل من يريد أن يتعلّم الكردية، من كافة المكونات الموجودة في مدينة الرقة”.
وأضافت: “الهدف من هذه الخطوة، هو إعادة وصل الإنسان بلغته وثقافته، وتعزيز الإحساس بالانتماء والمساواة بين أبناء المجتمع بمختلف أعراقهم وخلفياتهم”.
وأوضحت، أن هذه الشهادات، ستفتح الأبواب أمام الطلبة ليصبحوا معلمين، مثقفين، ومساهمين في إنتاج معرفة بلغتهم الأم، فعندما يتعلم العربي أو التركماني أو السرياني الكردية، يقترب من أخيه في الوطن، ويتشارك معه لغة كانت محظورة على مدى عقود: “ما يميز هذه المؤسسة، أنها ليست حكراً على الكرد فقط، بل تهدف إلى تعليم اللغة الكردية لكافة مكونات مدينة الرقة، في محاولة لتعزيز التفاهم المشترك والتعايش”.
من التهميش إلى التمكين
واختتمت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في الرقة “زليخة عبدي”: “تعرضت اللغة الكردية، التي هي من أقدم اللغات الحية في المنطقة، لعقود من الإقصاء في ظل الأنظمة المتعاقبة، لا سيما في عهد النظام البعثي البائد، الذي فرض تعريباً ممنهجاً على التعليم، والإعلام، وحتى أسماء القرى والمدن”، مضيفةً: “ومع انطلاقة مشروع الإدارة الذاتية، بدأ الكرد يستعيدون حقوقهم الثقافية تدريجياً، ومن ضمنها حق التعليم بلغتهم الأم، وكتابة مناهجهم، وتأسيس مؤسساتهم التعليمية”.
يذكر، بأنه تشير التحضيرات الجارية لافتتاح هذه المؤسسة إلى وجود إرادة اجتماعية حقيقية لتأسيس نموذج تعليمي تعددي، يعترف بجميع لغات وثقافات المجتمع، ويرفض الإقصاء.
ويأمل القائمون على المشروع أن تكون هذه الخطوة بداية لمسيرة تعليمية طويلة، يعاد فيها الاعتبار للغة الكردية، وتفتح أمام الأجيال القادمة أبواب الفخر بلغتهم وثقافتهم.
وستفتتح المؤسسة أبوابها في الخامس عشر من شهر أيار القادم.
