عبد الرحمن ربوع
الحلول المؤقتة كما الإسعافات الأولية؛ لا تعالج جريحاً ولا تداوي مريضاً، هذه بديهية حياتية لا حاجة لإثباتها أو التدليل عليها، ومع أن المصاب أو المريض بحاجة ماسة إلى هذه الإسعافات الأولية لمعالجة الأعراض الطارئة، إلا أنه لن يستغني بها عن العلاج المستدام الذي يعود إلى أساس المشكلة الصحية، ويعالجها ببرنامج استشفاء متكامل.
منذ سقوط نظام الأسد ووصول هيئة تحرير الشام إلى سُدة الحكم في دمشق، لم يلمس المواطن أي حلول جذرية لواقعه البائس والمزري، وواقع البلد المدمر والممزق. وكل ما تم حتى الآن لم يلبِ الحد الأدنى من أبسط المطالب أو أهم الاحتياجات والضروريات. فلا إعلان دستوري يضع النقاط على الحروف في مجال الحقوق الطبيعية للمواطن السوري، ويوضح حدود السلطة وطرق محاسبتها، ولا حكومة انتقالية قادرة على التعامل مع المشكلات المستعصية ومع المنظومة الإقليمية والدولية. ولا عدالة انتقالية مكّنت ضحية واحدة من استرداد حقّها ممن ظلمها أو اعتدى عليها سواء في العهد البائد أو العهد الحالي، وكل ما هنالك استجابات لمطالب خارجية تتعلق بإرضاء حلفاء الحكومة الانتقالية أو إرضاء المجتمع الدولي الذي لا يهمّه من سوريا إلا أن تكون مستقرة ساكنة، بغض النظر عن كونها تقدم لمواطنيها حياة كريمة أو معيشة ذليلة.
حتى اليوم جميع السوريين يشتكون ويتذمرون، ولا أحد مرتاح بما في ذلك أفراد السلطة ومؤيدوها، لأنه لم يتحقق أي مطلب من مطالب الشعب، خصوصًا مطالب الفئات الأضعف والأكثر احتياجاً. حتى المطالب الدولية، ونصائح الأشقاء والأصدقاء لم تؤدَّ بالشكل الكافي أو المطلوب. ما يُنذر ببقاء البلد في دائرة النبذ الإقليمي والاستبعاد الدولي. مع أن الحلول سهلة وميسرة، وواضحة وصريحة، والكل تكلم فيها تصريحاً وتلميحاً، ولكن لا حياة لمن تنادي.
إن الحلول المؤقتة التي استهلت بها حكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أيامها الأولى ثبت أنها مجرد حلول إسعافية لا جدوى منها ولا طاقة لها بإصلاح ما فسد أو بإعادة إعمار ما تدمّر. وأن البلد بحاجة لمنظومة حلول مستدامة قائمة على أسس متينة أقلها أن تكون الحكومة الانتقالية متوافقة ومتناغمة مع قاعدتها الشعبية، ومسايرة ومتماشية مع محيطها الإقليمي والدولي لكن حتى الآن لا تزال سلطات الأمر الواقع متمسكة بالقاعدة السخيفة “من يحرر يقرر” دون اكتراث لحال وحاجة البلد والشعب.
والسلطة الحالية في دمشق تحمل من الأعباء الشخصية ما يمنعها من أداء واجبها على مستوى الدولة والشعب. فـ”من يحمل قِرْبة مخرومة تخرّ على رأسه”، ولن يتمكن من أداء واجبه أو تحمُّل المسؤولية التي احتملها عُنوةً وغَلَبةً. وهذه الحال لا يمكن للشعب احتمالها إلى ما لا نهاية، وكما أشرنا في مقال سابق “للصبر حدود” وعلى السلطة الانتقالية تصحيح مسارها والشروع بحلول مستدامة لا إسعافية. ولدى السوريين كل الإمكانيات لتحقيق ذلك لكن ليس لديهم رفاهية الوقت يبذلونها مع سلطة تتعلم وتجرب فيهم أسس ومبادئ الحكم والإدارة.