قامشلو/ فريدة عمر – أكدت القيادية في وحدات حماية المرأة “ساريا عفرين”، أن المرحلة التي تمر بها سوريا مرحلة مفصلية وحاسمة لشعوب المنطقة والمرأة خصوصاً، ودعت النساء لتوحيد صفهن وتعزيز الحماية الذاتية لضمان مكانتهن وحقوقهن.
في مجتمع يرى حدود المرأة جدران منزلها وغرفتها، ويقيم المرأة في المطبخ وبين أعمال المنزل، وحصر المرأة بين مصطلحات أم ومربية – طبعاً لا يمكن إنكار أن المرأة هي أم، وهذه أقدس الصفات والأدوار التي تقوم بها- إلا أن حصرها ضمن هذا، جعل المرأة على هامش العديد من الأدوار الهامة الأخرى في المجتمع على اختلاف حقيقتها، حيث لم تكن يوماً المرأة الجريئة والقوية امرأة، إنما كانت تشبه لألف رجل حسب تقيم ونظرة المجتمع.
من قلب هذا المجتمع استطاعت المرأة الكردية على وجه الخصوص أن تكسر هذه القوالب، لماذا نخص المرأة الكردية على وجه الخصوص؟ لأنها حقيقة نموذج للمرأة المناضلة، ولأنها حملت على عاتقها مسؤولية قضيتها وقضية وطنها والدفاع عنه، ومن بين ذلك تبرز وحدات حماية المرأة “YPJ”، والتي أُسست في الرابع من نيسان عام 2013، بريادة المرأة الكردية حتى أصبحت في يومنا هذا، بفضل النضال والتضحيات التي قدمتها، نموذجاً رائداً للمرأة ومظلة نضال لنساء الشرق الأوسط والعالم. لتتخطى القومية والجغرافية، حيث أصبحت الحماية الجوهرية والدفاع ضرورة للمرأة أكثر من أي شيء أخر، في ظل ازدياد وتيرة العنف والمخططات التي تستهدفها في النظام الأبوي وأنظمة الدولة.
مرحلة مفصلية
وفي هذا السياق، وفي تصريح خاص لصحيفتنا “روناهي”، أشارت القيادية في وحدات حماية المرأة “ساريا عفرين”، إلى أهمية المرحلة المفصلية التي تشهدها عموم المنطقة وسوريا على وجه الخصوص: “إن أردنا تقييم دور المرأة ودور الحماية والدفاع، علينا أن نتطرق إلى المرحلة التي تمر بها عموم جغرافية الشرق الأوسط، حقيقة الأنظمة التي تتواجد في الشرق الأوسط، وما خلفته من تداعيات على شعوب المنطقة والمرأة تحديداً، من المؤكد هنالك حاجة وضرورة لأن يكون للمرأة وسائل حماية. وتحديداً خلال المرحلة المفصلية والحاسمة التي نمر بها، فإن كان لها قوة وجيش ستكون مصانة ضد الأخطار المحدقة بها”.
وتابعت: “في هذه الحقيقة التي تعيشها مجتمعنا، طبعاً لا يوجد للمرأة أي حقوق معترف بها ولا هوية وإرادة، على الرغم من أنها تمثل نصف المجتمع، وتأخذ الدور الريادي والطليعي في العديد من جوانب الحياة، لكن مع الأسف من ناحية وجودها وتمثيلها لا يوجد لها حق سياسي ولا دور في أي دولة، وهذا يعود للسياسات التي مارست بحقها عبر سنوات، ولا يمكن الحفاظ على دور المرأة ووجودها بتمثيلها السطحي في بعض المراكز والمؤسسات، لأن المرأة يجب أن تتواجد بالمكانة اللائقة بها، وأن يؤخذ ذلك على محمل الجد”.
نضال تخطى الجغرافية
وسلطت القيادية ساريا الضوء على المرأة السورية ونضال وحدات حماية المرأة: “في دوامة الصراعات والحروب التي شهدتها سوريا منذ سنوات طويلة، كان للمرأة النصيب الأكبر من المعاناة، استطعنا في إقليم شمال وشرق سوريا بالتزامن مع ثورتنا، أن ننهض بواقع المرأة، وألا نستسلم للظروف والسياسات، وكان تأسيس وحدات حماية المرأة من أعظم الإنجازات التي حققته المرأة، واستطعنا أن نكون صوت وقوة لهؤلاء النساء بداية في سوريا، ونحو الشرق الأوسط وكانت لهذه الخطوة ضرورة وحاجة أساسية في حماية ذاتنا”. وأضافت: “وحدات حماية المرأة، كسرت القيود المجتمعية التي فرضت على المرأة وكانت الرادع الأقوى أمام محاولات إبادتها، وهذا جاء بفضل تضحيات كبيرة، وبقيادة الشهيدة سلافا وبيريفان ودستان وروناهي، أصبح لنا دور في العمل السياسي، وفي هذا الشهر مرت ذكرى تأسيس وحداتنا ومجدداً نبارك هذا اليوم العظيم للنساء التواقات للحرية”.
ونوهت إلى أن الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا خلال الفترة الأخيرة بعد سقوط نظام الأسد: “يتوجب على المرأة أن تقوي الحماية الجوهرية وسبل الدفاع، لأنها حاجة دائمة، باختلاف الأنظمة التي تحكم البلاد، لذلك يتوجب على السلطة الجديدة الحاكمة في سوريا أن تنصف المرأة”.
وأشادت بخطوة نساء السويداء في انضمامهنَّ إلى المجال العسكري: “مثلما تشكلت في إقليم شمال وشرق سوريا وحدات حماية المرأة، اليوم نرى أن المرأة في السويداء أيضاً، شكلت قواتها الخاصة، ورأت أن هنالك ضرورة ملحة لأن تكون للنساء قوتهن وتنظيمهن الخاص، وهذه قفزة نوعية لهن وخاصة في ظل ما تشهده البلاد”.
وأكدت على أن وحدات حماية المرأة تخطت الجغرافية، وأصبحت مظلة النساء: “إن تأسيس وحدات حماية المرأة كان لها أهمية كبيرة، الأعوام التي مضت، وما وصلنا له اليوم هو بفضل تضحيات كبيرة وتحديات، نضال بوجه الاحتلال التركي وداعش، لدينا ميراث وتاريخ طويل من النضال، بدأنا بريادة المرأة الكردية، واليوم أصبحنا مظلة نضال للنساء الدرزيات، والشركسيات، والعربيات، والصينيات والنساء في ميانمار كانت رسالتهنَّ تؤكد مدى ثقتهم في قوتنا وإرادتنا”.
الحماية الذاتية ضرورة
وشددت القيادية في وحدات حماية المرأة “ساريا عفرين”، في ختام حديثها، على ضرورة التنظيم ورفع وتيرة النضال لضمان حماية مكتسبات المرأة وتحقيق حريتها: “حينما استطعنا أن نناضل بصوت المرأة حققنا التغيير، وهذه رسالتنا للنساء السوريات ونساء الشرق الأوسط والعالم، بأن الاختلاف والتنوع ليس عائقاً، بل توحيد الصف والنضال سيضمن لنا مستقبل أكثر أمناً وعدالة ومساواة، إن فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان أنارت لنا طريق الحرية، بهذه الروح النضالية نتعهد أننا سنتوج هذا النضال بالنصر الأكيد”.