بناز سليمان
الثاني والعشرون من نيسان، يوم الصحافة الكردية، تتألق فيه نساء إقليم شمال وشرق سوريا في ميدان الإعلام، حيث تحول الكلمات إلى أداة لتحقيق العدالة والتمكين، رغم القيود الاجتماعية والتحديات الجسيمة التي تواجههنّ، استطاعت الإعلاميات تحويل الإعلام من منبر تقليدي إلى صوت يعبّر عن معاناة ونضال مجتمع كامل، صوت قادر على نقل الحقيقة.
حضور يتحدى الأرقام
تشهد المؤسسات الإعلامية في المنطقة مشاركة ملحوظة للمرأة، إذ تشير التقارير إلى تجاوز نسبة مشاركتها 60%، وقد ساهمت برامج التدريب المتخصصة في الإعلام، في إعداد كوادر إعلامية قوية، قادرة على مواجهة التهديدات التي يتعرضن لها، كما يقدم الدعم القانوني والإعلامي للعديد من الإعلاميات اللواتي يواجهن المخاطر اليومية أثناء أداء واجبهن الاعلامي.
الشهادة ثمن نقل الحقيقة
لم يكن النجاح الإعلامي خالياً من التضحيات، ففي خضم تغطية الهجمات والاعتداءات التي تشهدها مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، استشهدت العديد من الإعلاميات، وسطرن بدمائهن الحقيقة، التي لا تقبل الجدل في حقيقة وصدق القضية التي يناضلنَ من أجلها، فقد شهدت مناطق سد تشرين، وكوباني مآسي فادحة، حيث فقدت فرق إعلامية شجاعة حياتها أثناء توثيق الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين، والمقاومين لإرهاب الدولة التركية ومجموعاتها المرتزقة، تلك التضحيات أصبحت رمزاً للالتزام والمقاومة، لتؤكد أن نقل الحقيقة يتطلب ثمناً باهظاً في معارك الوجود.
الاتحاد الداعم.. درع الإعلاميات
يأتي دور المنظمات الداعمة مثل اتحاد إعلام المرأة الحرة، لتكون بمثابة الدرع الذي يحمي الإعلاميات، ويوفر لهن التدريب والدعم القانوني والميداني اللازم، فقد أطلقت مبادرات لتوثيق الانتهاكات تحت ظروف قاسية، مدربة المئات من الإعلاميات على تقنيات التحقيق الصحفي تحت ضغط المخاطر، هذه الجهود لم تكن مجرد نشاط إعلامي، بل كانت معركة حقيقية من أجل بقاء الهوية والوجود في وجه التحديات.
إعلاميات تروي قصص النجاح والتحدي
أصبحت بعض المنصات الإعلامية، مثل المجلات والقنوات التلفازية في إقليم شمال وشرق سوريا، وفي قنوات عالمية وفضائية ومنصات التواصل الافتراضي، منارات تسلط الضوء على إنجازات المرأة الإعلامية في المنطقة، فقد تحولت العديد من الفتيات إلى إعلاميات حقيقيات يكشفن انتهاكات الاحتلال التركي ويتناولن مدى الإجحاف الاجتماعي والقهر التاريخي المتراكم بسلطوية الذهنية الذكورية، حيث استطعن تقديم قصص التحدي والنجاح؛ ما يدل على أن الإعلام أصبح أكثر من نقل للأخبار بل بات وسيلة لصنع الوعي وتوثيق الحقائق.
التعليم والإعلام.. شراكة نحو التمكين
لم يبق التطوير والتأهيل على صعيد التدريب العملي فحسب، بل شمل أيضاً المؤسسات الأكاديمية التي تعاونت مع المنظمات الإعلامية، لإطلاق برامج متكاملة تجمع بين المناهج الأكاديمية والتدريب الميداني، تلك البرامج التي هدفت إلى الارتقاء بالإعلام، باعتباره التزاماً أخلاقياً ومهنية تتطلب الجرأة والولاء للقيم الإنسانية، بما يعكس روح الشهيدات والتضحيات التي شهدتها ميادين العمل والنضال.
يوم الصحافة الكردية.. تأكيد على الاستمرارية
يعد يوم الصحافة الكردية شهادة على تحول تاريخي عميق. فقد أصبحت المرأة الإعلامية رمزاً للتغيير والمقاومة، تكتب بمثابرتها مستقبلاً جديداً يتحدى القيود، ويعيد صياغة معاني الحرية والعدالة، في زمن تكافح فيه المنطقة لاستعادة هويتها، يظل صوت الإعلاميات الكرديات نبض الحياة، الذي يروي قصة أمل لا ينضب، ويؤكد أن التغيير يبدأ بخطوة شجاعة على درب الحقيقة.