رفيق ابراهيم
مناطق العلويين في سوريا، قبل وصول النظام البعثي إلى الحكم، كانت فقيرة، ومستويات العيش فيها كان متدنياً، ومع وصول حزب البعث والرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد إثر انقلاب عسكري، إلى سدة الحكم في سوريا، دخلت سوريا مرحلة جديدة وهامة، وباتت على مفترق طرق، ولكن مع مرور السنوات الأولى من حكمه، أدرك السوريين بأن القبضة الأمنية والمركزية الإدارية ستكون السمة البارزة لحكمه.
وبعد ما كان العلويون يعيشون مثلهم كباقي السوريين، قام حافظ الأسد، بتقديم كل ما أمكن من أجل توظيفهم في المؤسسات المدنية، والعسكرية، وأجهزة الامن، وبعد عدة سنوات أصبح لقسم من العلويين حضور قوي في كافة مؤسسات الدولة، وخاصة العسكرية والأمنية منها، وبعد أن تمكن من القبض على الحكم بكل مفاصله، بدأ بنقل النفوذ والأموال والثروات، ووضعها في أيدي عائلته والمقربين منه، ما أثر على بقاء غالبية مناطق العلويين أيضاً دون خدمات، ولم تتغير حالة الطبقة الفقيرة الغير مقربة من السلطة كثيراً.
واستمر الابن بشار الأسد باتباع سياسة أبيه في حكم سوريا، وبعد سقوط النظام السوري، وتسلم هيئة تحرير الشام زمام الأمور في دمشق، كان تقربه من العلويين عامة سافراً، وكأنهم هم من ارتكبوا جميع الموبقات التي ارتكبها اركان النظام السابق، بحق السوريين، فتعرضوا للانتقام على الهوية، وخاصة في الآونة الأخيرة، وقعت مجازر مروعة في معظم مناطقهم، واستمرار العمليات الانتقامية بهذا الشكل سيهدد بقائهم، عمليات القتل والتصفية في مناطق العلويين، جاءت انتقاماً لهجمات نفذتها مجموعات مسلحة ضد عناصر من هيئة تحرير الشام، واتخذوا الامر كذريعة لارتكاب مجازر وجرائم واسعة بحقهم، جلهم من المدنيين بينهم مئات الأطفال والنساء.
عمليات القتل تجاوزت كل الحدود الإنسانية والأخلاقية، والتي جرت تحت مسمى “فلول النظام”، ما هي إلا ذريعة للانتقام من العلويين، ومن هنا نسأل هل كان الأطفال من الأعمار بين سنتين وعشر سنوات، من بقايا أو فلول النظام؟ ومع كل أسف، التزمت الدول العربية، والمجتمع الدولي، وحتى المؤسسات الحقوقية، الصمت حيال كل ما يحدث، وكانت هناك مباركات من قبل العديد من الدول العربية للعمليات الانتقامية لأجهزة الأمن التابعة لسطلة دمشق.
السلطات في دمشق، تتحدث عن المحاسبة لمن تورط في قتل المدنيين بهذه الطريقة البشعة، وأيضاً قالت بأنها ستنتقم من كل الذين كانوا سببا في مقتل عناصرها، وهذا الموقف المزدوج، لا ينم عن موقف المسؤول تجاه السوريين بمختلف طوائفهم وأديانهم، وبخاصة أن عمليات الانتقام تطال فئات معينة وعلى الهوية.