قامشلو/ ملاك علي – أوضحت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الديمقراطية، لإقليم شمال وشرق سوريا “إلهام أحمد” إن تجربة المرأة الكردية ودورها الفاعل في جميع المجالات، شكّل نموذجاً ملهماً لمسيرة النضال النسوي في سوريا رغم التحديات المستمرة، وأكدت أن مستقبل سوريا لا يمكن أن يكون ديمقراطياً وعادلاً ما لم تكن المرأة جزءاً أساسياً منه، وأن المرأة من خلال استمرارها بالنضال والتنظيم تستطيع أن تضمن حقوقها وتحقق التغيير المنشود نحو مستقبل أكثر عدلاً ومساواة.
لم تكن مشاركة المرأة في السياسة أمراً مستحدثاً، بل كانت نتيجة تراكم طويل من النضال السياسي والتنظيمي داخل الحركة الكردية، حيث لعبت النساء أدواراً رئيسية في بناء مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية والمشاركة في صناعة القرار، ومن خلال نظام الرئاسة المشتركة، تمكنت النساء من أن يكنَّ جزءاً أساسياً في مختلف الهيئات، ما منحهن صوتاً في رسم سياسات المنطقة داخلياً وخارجياً.
ومع اقتراب سوريا من صياغة دستور جديد وإعادة ترتيب مؤسساتها السياسية والإدارية، أصبح دور المرأة أكثر أهمية من أي وقت مضى، فمشاركتها في هذه العملية ستحدد مدى قدرتها على ترسيخ حقوقها ضمن القوانين والتشريعات المستقبلية، وضمان تمثيل عادل لها في الدولة الجديدة.
المرأة الكرديّة بقوة تنظيمها حققت العديد من المكتسبات
حول هذا الموضوع، تحدثت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الديمقراطية، لإقليم شمال وشرق سوريا، “إلهام أحمد” في لقاء خاص لصحيفتنا “روناهي”، عن أهمية مشاركة المرأة الكردية في هذه المرحلة المفصلية، والدور الذي لعبته في السياسة والدبلوماسية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها في طريق تحقيق المساواة الفعلية: “إن المرأة استطاعت أن تحقق حضوراً قوياً، ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضاً على الساحة الدولية”.
وأوضحت أن المرأة الكردية كانت منظمة منذ البداية، مما أتاح لها فرصة كبيرة للمشاركة في العمل السياسي بشكلٍ فعال: “منذ بدء الأزمة السوريّة، كانت المرأة الكردية أكثر تنظيماً، وهو ما ساعدها على لعب دور ريادي في السياسة والدبلوماسية، فالنظام القائم في إقليم شمال وشرق سوريا، الذي يعتمد على الرئاسة المشتركة، ومنح المرأة فرصة متساوية للمشاركة في كل المجالات، وجعلها جزءاً أساسياً من عملية اتخاذ القرار”.
وأضافت أن المرأة لم تكتفِ بالمشاركة السياسية فقط، بل كانت في خط المواجهة في الساحة الدبلوماسية أيضاً، حيث استطاعت أن تمثل قضيتها بفاعلية في المحافل الدولية: “لقد أثبتنا أن الساحة السياسية ليست حكراً على الرجال، بل هي أيضاً ساحة للنضال بالنسبة لنا كنساء، عندما تكون المرأة منظمة، واعية، ومتحررة من قيود المجتمع التقليدي، فإنها قادرة على تحقيق تغيير حقيقي”.
على صعيد السياسة الخارجية، تؤكد “إلهام أحمد” أن المرأة لعبت دوراً مهماً في نشر وترويج النموذج الديمقراطي الذي تطبقه الإدارة الذاتية الديمقراطية: “عملنا على تقديم نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية في مختلف المحافل، لأننا نؤمن بأنه يمكن أن يكون حلاً مناسباً لمشاكل سوريا، هذا النموذج يقوم على الديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، ومشاركة جميع الشعوب، وهو ما حاولنا الترويج له على المستوى الدولي”.
لا يمكن إقصاء دور المرأة من مرحلة إعادة البناء
وفيما يتعلق بمستقبل سوريا، ترى “إلهام أحمد” أن المرحلة القادمة تتطلب مشاركة قوية من النساء، خاصةً في صياغة الدستور الجديد، وتوضح قائلةً: “سوريا اليوم في مرحلة إعادة بناء، سواء على مستوى المؤسسات الإدارية أو على مستوى الدولة ككل، والدستور الجديد سيكون الوثيقة التي سترسم ملامح سوريا المستقبلية، ولهذا من الضروري أن تكون المرأة جزءاً من هذه العملية”.
ونوهت إلى أن إشراك النساء في صياغة الدستور سيضمن تثبيت حقوقهن: “القرن الحادي والعشرين هو قرن حرية المرأة، لذلك يجب أن يعكس الدستور الجديد هذه الحقيقة، يجب أن يتضمن قوانين تحمي حقوق النساء، وتضمن المساواة بين الجنسين، بما يتماشى مع متطلبات العصر”.
كما شددت على أهمية إعادة النظر في تشكيل اللجنة الدستورية: “اللجان التي تُصيغ سياسات سوريا المستقبلية يجب أن تكون ممثلة لجميع الفئات، بما في ذلك النساء، لا يمكن الحديث عن بناء دولة ديمقراطية إذا كانت المرأة غائبة عن صناعة القرار”.
تعزيز التنظيم والرؤى النسوية
مؤخراً، عُقد كونفرانس نسوي هام جمع النساء الكرد، في مدينة قامشلو، في إقليم شمال وشرق سوريا، لمناقشة سبل تعزيز دورهن في السياسة والمجتمع، وتصف “إلهام أحمد” إن هذا الكونفرانس خطوة مهمة في مسار تنظيم المرأة، ونوهت بأنه كان بداية جديدة لوضع أسس أقوى لتنظيم المرأة سياسياً واجتماعياً، ما خرج به من قرارات سيكون له تأثير ليس فقط على النساء الكرد، بل على جميع النساء في سوريا.
ونوهت أن الكونفرانس تناول عدة قضايا هامة، مثل القوانين التي تحمي المرأة، والقوانين الاجتماعية، والحقوق السياسية، إضافةً إلى مشاركة المرأة في الدبلوماسية: “نحن نريد وضع سياسات جديدة تعزز دور المرأة في مختلف المجالات، سواء من الناحية القانونية، أو الاجتماعية، أو الدبلوماسية، هذا المؤتمر كان بمثابة انطلاقة نحو تعزيز التنظيم النسوي ليكون له تأثير حقيقي في مستقبل سوريا”.
في ختام حديثها، أكدت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الديمقراطية، لإقليم شمال وشرق سوريا “إلهام أحمد” إن المرأة لن تتراجع عن المكتسبات التي حققتها، وأنها ستواصل نضالها لتحقيق المزيد من الحقوق والمشاركة في صياغة مستقبل سوريا: “لقد أثبتنا أن المرأة قادرة على أن تكون جزءاً من الحل، وليست مجرد متفرج، نحن هنا لنبني مستقبلاً تكون فيه المرأة شريكة حقيقية في كل القرارات السياسية والإدارية”.