قامشلو/ دعاء يوسف ـ أعربت نساء من الشعب السرياني في العيد القومي “رأس السنة البابلية الأشورية” عن أملهن أن يعم السلام على الشعب السوري، وتنتهي سلسلة الصراعات والنزاعات الدائرة في سوريا، داعيات الشعوب للاحتفال معهم في عيد الأكيتو.
حتفل الشعب المسيحي من السريان والأشور والكلدان في الأول من نيسان من كل عام بعيد الأكيتو أو “رأس السنة الآشورية”، والذي يعد من أقدم الأعياد، التي يحتفل بها حتى يومنا هذا في العراق وسوريا، هذا ومن المقرر أن يحيوا عيدهم 6775 هذا العام في العديد من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا.
عيد رأس السنة البابلية الأشورية
يعود رأس السنة البابلية الأشورية “أكيتو”، لأصل سومري يعني البداية أو العتبة، في إشارة إلى انطلاق السنة الجديدة، وكانت الشعوب القديمة في العراق وسوريا، تحتفل بحسب دورة الطبيعة، بأعياد الحصاد والزرع.
وإن كلمة “أكيتو” كانت تسمى من قبل الساميين “حجتو” وتعني الحج وبالآرامية السريانية “حاجو” حتى الآن، وفي اللغة البابلية القديمة كان يسمى “ريش شاتو” ويعني رأس السنة، كما أن له علاقة وثيقة في تجدد وخصب الأرض المتمثلة في الزواج المقدس ورمزه الإله سومري “دموزي “وزوجته “غنانا”، واقتبس في العهد البابلي في شخصية تموز وزوجته عشتار، وحسب الأساطير الآشورية، في هذا اليوم تزوجت إلهة الحب عشتار من آلهة الطبيعة تموز.
وفي القرن الثامن عشر، بدأت الاحتفالات في الأول من نيسان عند حلول فصل الربيع، ويستمر الاحتفال أحد عشر يوماً متواصلة، وأضيف يوم إضافي ليكون عدد أيام الاحتفال في السنة اثني عشر يوماً بدلاً من أحد عشر يوماً، وإن السنة القمرية تختلف عن السنة الشمسية، وقد أضافوا شهراً إضافياً لتتناغم الفصول كما نعرفها اليوم، واختير نيسان ليكون الشهر الأول من كل عام.
لذا يحتفل الشعب السرياني، الكلداني، الآشوري في ذكرى السنة البابلية الآشورية بعيد أكيتو من كل عام بالحياة الجديدة، فهو إرث أسطوري له شجون مع تجدد الحياة في فصل الخصب، والخير، والأزهار.
أما المعاني، والرموز، والدلالات المستوحاة لهذا العيد، الذي يدوم اثني عشر يوماً، حيث يولد كل شيء من جديد، هي ما جاء في ملحمة “جلجامش” و “إينوما ايلش” حول البحث عن الخلود والحياة الثانية، وفي السابق كانت احتفالات الأكيتو تبدأ من عيد النوروز 21 آذار، وتستمر 12 يوماً، إلا أنها أصبحت ليوم واحد فقط قبل 200 عام بقرار من “بابا الفاتيكان” آنذاك.
عام يملؤه السلام والأمان
ومع اقتراب بداية رأس السنة الجديدة، تمنت العديد من النساء السريان أن يحل السلام في سوريا، كما أشرن إلى أن عيد الأكيتو بداية سلام ورسالة محبة لشعوب المنطقة، التي آمنت بالفكر الديمقراطي والتعايش المشترك. هذا وبينت المواطنة فيروز أنطون ملكي، أن “هذا العيد هو بداية سلام، ورسالة محبة لشعوب المنطقة، التي عانت من ويلات الحروب، والآلام والفقد، وبداية عام جديد تعني ولادة جديدة للحياة”، وقد أشادت بمشاركة الشعوب بعيد الأكيتو للعام الماضي: “لقد احتفلت معنا شعوب المنطقة ونتمنى مشاركتها هذا العام أيضاً، فقد برهنوا على وحدة الشعوب وتكاتفها”.
كما أشارت إلى إن منطقة بلاد ما بين النهرين، الواقعة بين نهري دجلة والفرات، لها تاريخ وحضارة عريقة، وهي أم الحضارات والثقافات والعلوم والأديان والأمم، إلى جانب كونها مهداً للطوائف، من السومريين، إلى الأكاديين، والبابليين والآشوريين، والميتانيين، والهوريين.
واختتمت المواطنة “فيروز أنطون ملكي” حديثها: “لقد عانى الشعب السرياني الكثير، واليوم في هذا العام يجب أن تزدهر الحياة من جديد في سوريا حرة تمارس فيها الشعوب طقوسها، وتحيي احتفالاتها دون تعصب، أو تهميش طائفي، أو ديني”.
وحدة الشعوب
ومن جانب آخر، أشارت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مقاطعة الجزيرة والرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد السرياني في قامشلو، فيفيان بحو أوسي إلى: “إن قدم وجمال كل ثقافة على هذه الأرض، هو سبب مهاجمة العديد من الدول المهيمنة لتدمير هذه الثقافات، والمجتمعات في الحروب الدينية والطائفية، والعديد من الأساليب الأخرى، وقد واجه شعب الآشور، والكرد، والأرمن، والسريان، العديد من هجمات الإبادة الجماعية، لذا علينا أن نوحد مصيرنا اليوم، ونضع حداً لمثل هذه الهجمات”.
وترى، أنه بالاحتفال بالأعياد القومية والوطنية والشعائر الدينية؛ يخلق ترسيخ هذه الثقافات للأجيال القادمة: “نحتفل في المنطقة بالأعياد الوطنية كنوروز، والأكيتو، والأربعاء الأحمر، وكل منا له طقوسه، التي يحترمها الأخر، إذ بالفكر الديمقراطي والتعايش المشترك كنا قادرين على إحلال السلام والأمن لمناطقنا”.
كما تمنت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مقاطعة الجزيرة والرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد السرياني في قامشلو “فيفيان بحو أوسي” في عيد الأكيتو أن يعيش الجيل الجديد حياة خالية من النزاعات والحروب، وأن يحافظوا على تراث وثقافة شعبهم ويتغنوا بها، واختتمت حديثها: “نأمل أن يكون هذا العام عاماً خالياً من النزاعات، وتتوقف في هجمات الإبادة والحروب، وتتحقق الحرية والاستقرار للشعوب”.