رفيق إبراهيم
يبدو أن سلطات دمشق لا تسمي بالرحمن، قبل أن تصدر أي قرار، وأن تتمعن فيه وتدرسه بالشكل المطلوب، كي لا تقع في الأخطاء التي نراها يومياً في قراراتها، وبخاصة تشكيل لجنة لكتابة الإعلان الدستوري المؤقت، وبعد تشكيل هذه اللجنة بأيام قليلة، قدمت اللجنة للرئيس المؤقت للسلطة في دمشق، أحمد الشرع، ما توصلت إليه حيال ذلك، ومع كل أسف وافق على الإعلان دون حتى قراءته مرةً أخرى أو التمعن في بنوده.
الموافقة على الإعلان الدستوري، مع كل أسف جاء في وقت كان السوريون يتحضرون للاحتفال بسوريا الجديدة، في ذكرى قيامهم ضد النظام البعثي الشوفيني، منذ 14 عاماً، ولكن فرحتهم لم تكتمل وآمالهم في الحرية والكرامة والتخلص من آثار النظام السابق، تبخرت مع صدور الإعلان الدستوري، الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وتبين للسوريين أن أحلامهم ذهبت أدراج الرياح.
إن تفرد سلطات دمشق الحالية بالحكم في سوريا، هو انقلاب حقيقي على تطلعات وآمال الشعب السوري، في العيش بسلام، وأمان، واستقرار، وإعادة البناء، حيث ضربت القرارات التي تصدر عن دمشق، أحلامهم الوردية، وأصابت الشعب السوري بمختلف لغاته، وأطيافه، وأديانه، بالصدمة، من خلال إعادة المركزية للدولة، والتحكم بجميع السلطات، وتهميش وإقصاء كل السوريين، من دون استثناء في المشاركة بوضع لمسات البناء على مستقبل بلادهم.
السوريون، لم يضحوا بالملايين من القتلى والجرحى، وتهجير عشرة ملايين، وتدمير حوالي النصف من المدن السورية، كي تأتي سلطة دمشق اليوم، وتعيد الأمور إلى عهد النظام البائد من جديد، وعلى السلطات السورية الحالية، أن تفهم بأن الشعب السوري لم يعد يقبل بديكتاتوريات جديدة، تحكمهم بلغة الحديد والنار، حتى ولو ضحت بالبقية الباقية من فلذات أكبادهم، وأن لم تتراجع سلطات دمشق عن قراراتها، فنحن على موعد مع ثورة جديدة، ستقول لهم لا، وستحطم كراسيهم على رؤوسهم.
شعوب شمال وشرق سوريا مثلهم مثل باقي السوريين، رفضوا بنود الإعلان الدستوري جملةً وتفصيلاً، لأنهم جزء هام من سوريا، وأصدروا العديد من بيانات التحفظ على مجمل بنود الإعلان، الذي همش الشعوب والمكونات السورية، ومن ضمنها مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والشعب السوري اليوم تضامن في الرد على الإعلان الدستوري، بقول واحد “الشعب السوري واحد”، ومعاً لتحقيق سوريا الديمقراطية التعددية، لا إقصاء فيها لأي شعب أو مكون”، مهما كانت الأسباب.
ما تقوم به سلطات دمشق اليوم، تضع مستقبل البلاد على المحك، وتسد الطرق أمام التوصل للحلول المستدامة، وتضرب النسيج السوري وتنوعه، ولا يمكن للشعب السوري القبول التفرد بالسلطة واتخاذ القرارات المصيرية بشأن مستقبل البلاد. لذا؛ على السوريين جميعاً أن يكونوا يداً واحدة، وقلباً واحداً، متضامنين متكاتفين، بقلوب تلهف بالحرية والديمقراطية، في رفض بنود الإعلان الدستوري، والعمل معاً لإيصال صوتهم للدول المعنية، والمؤسسات الحقوقية الدولية، والدول التي لعبت دوراً حاسماً في تسلم السلطات الجديدة لإدارة سوريا، وليفهم هؤلاء أن السوريون ملوا من الكلام، وعليهم تطبيق أقوالهم على الأفعال على أرض الواقع، في سوريا الجديدة التعددية الديمقراطية التي تحفظ وتصون حقوق الجميع من دون مواربة او تحيز.