الشدادي/ حسام الدخيل ـ تعدّ قرية العطالة، الواقعة جنوب مدينة الحسكة السورية، معلماً من تموضع القرى العريقة، التي تحمل في طياتها إرثاً تاريخياً واجتماعياً يعود إلى مطلع القرن العشرين.
أُسِّست قرية العطالة عام ١٩٢٠ على يد حمود العطالة، الذي هاجر من دير الزور فوضع لبنات مجتمع زراعي متجذر، تجتمع فيه عشائر قبيلة البكارة تحت مظلة التراث المشترك. تشتهر القرية بناعورتها التاريخية، التي شُيدت عام ١٩٣٠، وتُعد رمزاً لإرثها الزراعي.
التاريخ والتسمية
وتعود نشأة قرية “العطالة” إلى العام ١٩٢٠، عندما انتقل حمود العطالة من دير الزور بحثاً عن الاستقرار، فأسس نواة مجتمع جديد حمل اسمه لاحقاً. ووفقاً للروايات المحلية، اختار حمود العطالة الموقع لخصوبة أراضيه وقربه من مصادر المياه، ما ساهم في تحويل المنطقة إلى نقطة جذب للسكان، وحملت القرية اسم “العطالة” تكريماً لمؤسسها، الذي شكل رمزاً لوحدة أبنائها.
ويسكن القرية أبناء قبيلة البكارة، بتناغم اجتماعي تُحفظ فيه العادات القبلية الأصيلة، كما تضم القرية أربعة أفخاذ رئيسية هي “حمد عابد”، و”عبد الجريم”، و”البورحمة”، و”راشد”، الذين حافظوا على دورهم في إدارة شؤون القرية عبر الأجيال، مع الحفاظ على الهوية المشتركة، ويشكلون وحدة متماسكة تعكس التكافل التاريخي للقبيلة.
الزراعة وتربية المواشي
ويعتمد سكان قرية “العطالة” بشكل رئيسي على الزراعة البعلية والمروية، حيث تُزرع الحبوب كالقمح والشعير، إلى جانب الخضروات التي كانت تُروى بمياه نهر الخابور قبيل جفافة، وبعد الجفاف توجه بعض السكان للزراعة البعلية بالإضافة إلى حفر الآبار لري مزروعاتهم.
كما تُعد تربية المواشي، خاصة الأغنام والماعز، ركيزة اقتصادية توارثتها الأسر عبر الأجيال. ويُبرز السكان مهاراتهم في إدارة الموارد الطبيعية؛ الأمر الذي جعل القرية مثالاً للاكتفاء الذاتي في المنطقة.
ناعورة العطالة.. شاهد على الإرث الهندسي
وتُعد ناعورة العطالة، التي بُنيت عام ١٩٣٠، أحد أبرز المعالم الأثرية في المنطقة. وقد شُيدت هذه الناعورة بهندسة تقليدية تعتمد على قوة التيار المائي لرفع المياه وتوزيعها على الأراضي الزراعية؛ ما ساهم في ازدهار الزراعة. وعلى الرغم من التطور التكنولوجي، لا تزال الناعورة تقف كرمز لفطنة الأجداد في التعامل مع الطبيعة.