ريما آل كلزلي
لا تكتب
كأنك تحاول أن تُرضي الريح،
اكتب
كمن يترك جرحه ينزف
على الورق،
ويمشي في طريقٍ سرمدي.
في كل خطوة
يزرع قصيدة،
تُولد في مهبّ التهلكة
فالكتابة جرح بلا غلاف.
لا تُهادن السطور،
اجعلها ميدانًا لخيولك،
تدوس فوق الخوف،
وتترك كاميرات الحواس
شاهدة على مرورك،
اكتب بكلّ صخبك
وخيباتك
ومن نبوءاتٍ
لم تصدق أبدًا!
وحين تخاف من الكلمات،
امنحها أجنحةً كي تطير،
أو سلاسل
لتقيد وحوش النصوص.
اكتب
كأنك تبني مدينةً للغرباء،
كل حجر فيها
يحمل ملامح
وجهك،
وكل زاوية
رواية بألوان الطيف
فالكلمات حياة.
الشعر ليس أن تقول
ما يعرفونه،
بل أن تغرس في صدورهم
سؤالًا
لا يجيب عليه أحد،
حتى بعد موتك.
وحين تلمح
غزالة الشاطر حسن
أو تقرأ في الغيم قصيدةً
ضائعةً
لا تبحث عن المجد
في تصفيقهم،
المجد أن تكتب ما يوجعك،
أن تطعن الورق بألمك،
وتتركه ينزف فيُغرق العالم.
اكتب
كأنك آخر الناجين من
حريق البلاغة،
كأنك تحمل بيدٍ طفلةً
نامت على رماد،
وبالأخرى
قصيدةً لم يقرأها أحد.
لا تُهادن الحروف،
اجعلها سيوفًا،
أو زهورًا
تنبت في قلب الخراب.
إياك أن تستعير ما لا يشبهك،
فالزيف والريح ضدان.
حين تمشي فوق
ظلال النهار،
لا تكتب لتُرضي أحدًا،
اكتب
لأنك تحمل في داخلك طوفانًا
إن لم تُطلقه، أغرقك.
الشعرُ بذورُ كلماتٍ هوائية،
تنبتُ في كرمةٍ معلَّقةٍ
على حافةِ المعنى،
لا جذورَ لها،
تُثملُ الروحَ بثمارٍ من نور.
اكتبْ،
كأنكَ تبني عالمًا من اللا شيء،
كأنكَ تخلقُ حياةً أخرى
من ألوان الفراغ.