قامشلو/ دعاء يوسف ـ أكدت منسقة حركة هلال زيرين في إقليم شمال وشرق سوريا شيرين رشيد، أن المرأة قد تألقت بفنها ونضالها على مر العصور، ونوهت إلى أن حركة هلال زيرين أصبحت مظلة تضم الفنون بأنامل نسوية، وتأمل أن يكون يوم المرأة العالمي ربيعاً ملوناً لنساء سوريا بنيل حقوقهن الفنية كاملة.
استطاع الفن أن يترك بصمته الخاصة في مسيرة نضال المرأة وضمن ثوراتها وذلك من خلال قائمة طويلة من الأعمال التي تنوعت بين الدراما والسينما والمسرح والعروض الفلكلورية والغنائية، وفي إقليم شمال وشرق سوريا، أحدث الفن ثورة، فقد استطاعت المرأة الحفاظ على تراث وثقافة الشعوب المتنوعة من الضياع، وبمناسبة يوم المرأة العالمي نستذكر حركة هلال زيرين ديناميك الثورة الفنية النابض في المنطقة، فقد كانت حاضنة لمواهب النساء وإبداعهن.
خلقت المرأة مع الفنّ
هذا وقد حدثتنا منسقة هلال زيرين في إقليم شمال وشرق سوريا “شيرين رشيد” أن اليوم العالمي للمرأة يعد تذكيراً بإنجازات المرأة، وتاريخها النضالي في وجه الأنظمة المستبدة والديكتاتورية التي سعت إلى التهميش والتقليل من دور المرأة في بناء المجتمعات.
إذ قالت: “هذا اليوم أصبح عنوان نضال المرأة ضد اللامساواة بين الرجل والمرأة، وعند الحديث عن واقع المرأة في مجتمعاتنا نرى أنها كانت داخل قوقعة التقاليد والعادات البالية، فقد تم تهميش دورها في مجالات الحياة وخاصة الفن، ففي السابق كان من المعيب عمل المرأة في المجال الفني لأنه يعد حكراً على الرجال فقط، ووجودها على خشبة المسرح كان نادراً”.
فيما ترى شيرين أن الفن والثقافة خلقا مع الإنسان منذ الأزل، وأن مجالات الحياة بحاجة إلى فن حتى المجال السياسي يعد نوعاً من أنواع الفنون، فالقادر على تيسير أمور مجتمعه فنان: “في السابق كانت المرأة من تدير المجتمعات وينكشف التاريخ على معمار وثقافة وفن يؤكد على وجود الفن منذ الأزل، وربما السلطات والأنظمة الدكتاتورية قيدت الفنون، ولكنها لم تكن قادرة على إنكارها”.
شيرين تابعت سرد قصة الفن واستمرارها: “مع تتالي الأزمنة والسنين ما زالت المرأة محافظة على ثقافتها الفنية، وفي الفن الكردي كانت تشارك النساء في مسرحيات تُقام ضمن الأعراس، كما كانت تقام جلسات شعرية وفنية، ومازالت تنشد المواويل والأغاني، ونحن لدينا العديد من الفنانات القديرات كعيشة شان، ومريم خان وغيرهن، ولكن الفنانات كن مقيدات من المجتمع بالرغم من العيش في بيئة فنية غنية”.
هلال زيرين حاضنّة لفنّ المرأة
ومع اندلاع ثورة المرأة بينت شيرين أن الفن كان مرافقا لها، ولكنه لم يكن تحت اسم تنظيم معين: “لقد ناضلت المرأة وغنت في الوقت ذاته مثل الشهيدة مزكين التي نسير اليوم على نهجها وخطاها، ولتنظيم المرأة الفنانة تم تأسيس حركة كفانا زيرين وتغير اسمها للهلال الذهبي، وقد دمجنا الاسمين في الآونة الأخيرة ليصبح هلال زيرين، ولنا مراكز في مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا”.
كما أشارت: “لقد كان الفن موجوداً في المراكز الثقافية ولكنه كان فناً مشتركاً للمرأة والرجل، ولم يكن للمرأة تنظيم يبرز قدراتها وألحانها الخاصة، وفي بداية افتتاح مراكزنا كنا مجموعة من الفنانات والفرق الصغيرة، ولكن الإقبال على حركة هلال زيرين كان كبيراً، لأنها كانت خاصة بالمرأة فقط، فالفكر السائد في المجتمع أنه من المعيب مشاركة المرأة للرجل في الغناء والدبك والرقص، ولأن هلال زيرين حركة خاصة بالمرأة لاقت إقبالاً من أهالي المنطقة”.
كما أردفت أن بعض مراكز هلال زيرين، قد أغلقت وتفككت بسبب احتلال الدولة التركية المحتلة العديد من المناطق السورية كعفرين والشهباء: “كان لدينا فرقة شركس في منبج، ولكن مع احتلال المحتل التركي لمنبج تفككت نتيجة الهجمات والتهجير من منبج إلى المناطق المجاورة”.
فرق متنوعة وإنجاز مميز
تطرقت شيرين إلى أنهم بدؤوا بفرقة صغيرة واستمروا بالعمل حتى يصلوا إلى أكبر عدد من الفتيات ليصل عدد الفرق إلى قرابة الثلاثين فرقة، وفي كل فرقة توجد أكثر من عشر فتيات، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الفرق التي مازالت قيد التدريب كما اعتنت حركة هلال زيرين إلى جانب الفن والمسرح بالرسم والأعمال اليدوية والنحت.
وفي الرقة توجد العديد من الفرق وهي: “هيلين جودي للغناء، وفرقة زنوبيا للمسرح، وفرقة الجدائل الذهبية للدف، وفرقة بالميرا للدبكة، وفرقة ماء السلسبيل للتراث الشعبي”، وفي الطبقة “زرين زيرين”، وفي قامشلو للموسيقا فرق “Koma ş.Sakîne ، Koma Stêra zêrîn ،Koma Hêva “، وفرقة Koma Viyan soran للدبكة، وفرقة koma Teyatra sarya baran للمسرح.
وفي عامودا هناك ثلاث فرق وهي: “فرقة Koma ş.Delîla للغناء، وفرقة Koma ş.yisra للمسرح، وفرقة Koma dayika ş.Rîhan للرقص الفلكلوري”، أما في ديريك ثلاث فرق للغناء، وهي” Koma ş.Elefterya ،Koma Avaşîn ،Koma yasna “، وفرقة كوجرات للعرض الفلكلوري في كوجرات، وفي رميلان فرقة للغناء Koma ş.Elenya، وفرقة Koma ş.Gulan zelal دبكة.
وفي كوباني هناك فرق عديدة منها: ” Koma ş.Esmer – koma vejîn- Koma cûdî ya xweser- koma stêra zêrîn- Koma dayikan -Koma ş.sînam “.
ولا تعمل حركة هلال زيرين على تدريب الفتيات والأطفال فقط إنما تسعى إلى تدريبهن على الفكر الديمقراطي الحر للمرأة لصنع كيانها الخاص الفعال في المجتمع، وعن الأمر قالت شيرين: “إن الفن على الأساس الأيديولوجي يخلق فناً ناجحاً وهادفاً، وإن الاعتماد على الفكر الحر المؤمن بحرية المرأة سيستمر في إذهان المجتمع”.
نوهت: “لقد برهنت هذه الحركة أن المرأة قادرة على الإنجاز وحدها، والاعتماد على ذاتها وما نشهده اليوم من فلكلور وفن متنوع يقدم بأنامل المرأة فهذا دليل على ذلك”.
الفن بعد حكم نظام البعث
وقد أطلعتنا شيرين على سياسة القمع التي كانت تمارس بحق شعوب المنطقة من قبل نظام البعث: “في السابق كنا محرومين من لغتنا وفلكلورنا وثقافتنا، فقد قمعنا ومنعنا من معرفة تاريخنا وفننا إلا أننا مارسناها في الخفاء، وحافظنا عليها ولم ننسلخ عنها بالرغم من أساليب الدولة الحاكمة آنذاك، وهذه السياسات فرضة متغيرات على المجتمع الكردي، ومع ظهور فكر القائد عبد الله أوجلان أصبحنا بدراية وتمسك أكبر بتاريخنا”.
شيرين تابعت: “مع دخول ثورة المرأة استطعنا إحياء ثقافتنا وفننا فقد أعطت هذه الثورة الإمكانات للكرد للانفتاح على أنفسهم والتعرف على ثقافتهم ثم الانفتاح على المجتمعات الأخرى، واليوم في إقليم شمال وشرق سوريا لونَّا المجتمع كل بتراثه وثقافته ولونه المميز وعبرنا عن فن المرأة السورية لا الكردية فقط، وقبل أيام أطلقنا أغنية باللغة العربية من الرقة للنساء السوريات بفلكلور وألوان المرأة”.
وأردفت شيرين أنه بعد سقوط نظام البعث في سوريا أواخر عام 2024 مُنع الفن في مناطق الحكومة الجديدة، وأغلقت العديد من المراكز الثقافية أبوابها: “لقد سعينا في هذه المرحلة لبناء علاقات مع الفنانات السوريات سواء في حماة، أو حمص، أو دير الزور، والسويداء ودرعا، وحلب بتوحد الفن السوري سوف نخرج من قوقعة الطائفية التي نعيش فيها”.
الربيع يتلون بفن المرأة
هذا وقد قدمت حركة هلال زيرين العديد من الأغاني الثورية النضالية عن وحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية والمقاومة البطولية في سد تشرين، وقالت شيرين: “لقد أصبحت حركة هلال زيرين مظلة لجميع الفنانات، ولكننا ما زلنا نعاني من بعض العوائق في تأليف الأغاني وتلحينها ونعمل على تقوية هذا المجال فلدينا استيديو في مجال التدريب وسينما للتصوير الأفلام والكليبات”.
وأوضحت أن الفن والثقافة تجمع النساء وهي طريق للخلاص من الظلام والعنف الذي تعيشه سوريا: “كنا نعيش بلون وثقافة وشعار واحد، وما تمر به المنطقة يدل أننا سنعيد السيناريو مرة أخرى، هدفنا في سوريا ليس التطبع بلون واحد إنما التلون الثقافي والفني، وأن نضالنا هو طريقنا لنعطي سوريا ألوان الربيع ونتخلى عن اللون الواحد، فالشمس قادمة إلى الفن السوري”.
اختتمت منسقة حركة هلال زيرين في إقليم شمال وشرق سوريا شيرين رشيد: “لقد أظهرت المرأة فلكلورها وثقافتها في مهرجان شهيد برجم الثاني، وفي الثامن من آذار أغنت مسرح المرأة وغنت بألوانها وفلكلورها بفرق غناء ومسرح ودبكات فلكلورية وغناء فردي متنوع على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا”.