الدرباسية/ نيرودا كرد-في قلب إقليم شمال شرق سوريا، تتواجد قرية “جول بستان” واحدة من أروع الوجهات التاريخية والثقافية في مقاطعة الحسكة، حيث تستمد هذه القرية مكانتها من طبيعتها البراقة، التي تخولها لتكون مكاناً للاحتفال بأعياد شعوب المنطقة، كعيد النوروز وغيرها من الأعياد القومية.
تعود جذور قرية “جول بستان” إلى العصور القديمة، حيث شهدت مرور حضارات عديدة تركت بصماتها في كل زاوية من زوايا القرية، من الآثار القديمة إلى العمارة التقليدية، تحكي جول بستان قصصًا من تاريخها العريق.
موقعها الجغرافي وسبب تسميتها
وتعد جول بستان، قرية تاريخية موجودة في مقاطعة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، حيث تقع على الطريق الواصل بين مدينة الدرباسية والحسكة، تبعد 40كم عن مدينة الدرباسية، وتبلغ مساحتها 6000دونم، تشتهر جول بستان بتاريخها العريق وتراثها الثقافي الغني، وتقع القرية في منطقة يسكنها أشخاص متنوعون من مختلف الأعراق والثقافات، مما يجعلها مكانًا فريدًا من نوعه.
كما تشتهر قرية “جول بستان” بتنوع تراثها الثقافي، مما يعكس الهوية المتعددة لسكانها وتأثير الثقافات المختلفة على تطور القرية، يمكن للزائرين استكشاف المعالم التاريخية والمشاركة في الفعاليات الثقافية التي تُنظم بانتظام، مما يضيف عمقًا إضافيًا إلى تجربتهم.
وبجوار الطبيعة الخلابة التي تحيط بالقرية، تعتبر جول بستان مكاناً للسلام والهدوء، وأرضاً تستحق الزيارة للاستمتاع بجمالها الطبيعي وسحرها التاريخي.
وتعود تسمية جول بستان إلى العصور القديمة، وقد شهدت القرية تنوعًا ثقافيًا كبيرًا عبر العصور، حيث كانت جول بستان موطنًا لعدة حضارات وشعوب من بختميريين وآشوريين، والآراميين، ليتبعهم بعد ذلك الشعب الكردي وباقي شعوب إقليم شمال وشرق سوريا.
باختصار، قرية جول بستان تعد وجهة سياحية فريدة تجمع بين التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي، مما يجعلها واحدة من أروع الأماكن، التي يمكن زيارتها في سوريا.
تاريخ القرية
وللتعرف أكثر على تاريخ قرية جول بستان، التقت صحيفتنا “روناهي” أحد سكان قرية جول بستان “أحمد أميناكي”، البالغ من العمر 65عاماً، حيث قال: “بنيت قرية جول بستان الحديثة على يد أبي وأعمامي، حيث كان هنالك أربعة منازل من عشيرة الأومري، وذلك في بداية بناء القرية، ليتوافد بعدها عدد من أبناء عشيرة السمعيلا، حيث تشاركوا حينها في توسيع القرية من خلال بناء منازل جديدة، ليبلغ عددها ثمانية منازل، وعملوا سوية في هذه الأرض، وبعد أن كبر الأبناء أخذت القرية تتوسع أكثر فأكثر، ليبلغ تعدادها اليوم 40منزلاً.
وأضاف: “وكما ذكرت، يسكن في هذه القرية عشيرتي الأومري والسمعيلا، وتتسم العلاقة بينهم بالوحدة والمحبة والاحترام، حيث إننا نعيش في هذه القرية عائلة واحدة دون التفريق بين الأصول والعشائرية، ويتجلى ذلك بالدرجة الأولى من خلال مشاركة أبناء القرية جميعاً في المناسبات التي تقام فيها، سواء كانوا أصحاب المناسبة أم لم يكونوا، فالجميع يقوم بواجبه على أكمل وجه، وهذا ما جعل من قرية جول بستان مثلا للتعايش السلمي بين أهلها”.
أعمال أهالي القرية
وزاد أحمد قائلاً: “في البداية، بدأ والدي وأعمامي بالعمل في أراضي القرية، حيث حرثوا وزرعوا وحصدوا، وقد كان ذلك باستخدام أساليب بدائية في الزراعة، حيث لم تكن هذه الآلات الحديثة قد وجدت بعد، الأمر الذي كان يصعب عليهم هذه الأعمال”.
وتابع: “وإلى جانب الزراعة، كان أهالي القرية يعملون في تجارة المواشي أيضاً، وقد حافظنا على هذه الأعمال حتى يومنا هذا، حيث يوجد اليوم من يعمل بالزراعة، وتربية الأغنام، وبذلك يتدبر أهالي القرية سبل عيشهم”.
وأكمل: “لقد تعرض أهالي القرية إلى ظلم الآغاوات كثيرا، حيث كانوا يستقوون بأجهزة أمن نظام البعث للاستيلاء على أراضينا، ومن خلال هذا الاستقواء، سلبوا منا مساحات شاسعة من الأراضي، ولا يزالون يسيطرون عليها، ويرفضون إعادتها إلى أهاليها، الأمر الذي عمق الفرز الطبقي الموجود في القرية، بين الغني والفقير، ولا يزال هذا الفرز يفعل فعله حتى اليوم، حيث لم يتم حل المشاكل بيننا وبين الآغاوات”.
علاقة جول بستان بمحيطها
وأشار أحمد، تحد قرية جول بستان من الشمال قرية الصالحية، ومن الغرب قرية خاتونا، ومن الجنوب قرية خشما، ومن الشرق بلدة السيكر، ولا بد من التأكيد على إننا نتمتع بعلاقات طيبة مع أهالي هذه القرى، حيث لا نزال نحافظ على الأعراف والعادات والتقاليد الريفية السابقة، والتي تقوم على الألفة والمودة بين أبناء هذه القرى، وذلك من خلال القيام بواجباتنا تجاه بعضنا، حيث أن الظروف الأخيرة التي حلت بوطننا لم تؤثر بشكل كبير على العلاقة فيما بيننا، فنحن جميعنا أقارب ومعارف ولا تفرقنا أي مشاكل.
وأنهى “أحمد أميناكي” حديثه: “لقد حافظت قرية جول بستان على عراقة ماضيها وأصالة حاضرها، كما أنها حافظت على هويتها الوطنية، حيث أن الكثير من شباب هذه القرية انخرطوا بثورة إقليم شمال وشرق سوريا منذ انطلاقتها، كما أن القرية قدمت العديد من الشهداء على طريق حرية شعوب المنطقة وانتصار ثورتهم”.