قامشلو/ سلافا عثمان – في ظل سنوات طويلة من الألم والصراعات، يبقى الفن أصدق وسيلة للتعبير عن آمال الشعوب وأحلامها، من هنا انطلقت أغنية “زيِّنوا سوريا”، لتكون رسالة تدعو إلى المحبة والسلام، بمشاركة فنانين من مختلف الشعوب السورية، هذا العمل ليس هو أغنية فقط، بل هو دعوة مفتوحة للسوريين للالتفاف حول قيم التعايش المشترك والتسامح، والابتعاد عن الانقسامات.
ويضم المشروع فنانين من مختلف مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، ويعكس تنوع المجتمع السوري من عرب، وكرد، وسريان، وأرمن، ومن مختلف الطوائف، هذا التنوع ليس مجرد تفصيل جانبي، بل هو جوهر العمل وروحه، لذلك جاء اسم “زيِّنوا سوريا” ليعبر عن فكرة أن سوريا تزداد جمالاً بتعددها، تماماً كلوحة فسيفسائية لا تكتمل إلا بألوانها كلها.
أصوات متعددة وقلب واحد
أوضح عضو أستوديو الشهيد ولات “بيكس داري” وأحد المساهمين في كتابة الكلمات والإخراج، أن هذا العمل يتجاوز أنه أغنية، فهو دعوة صادقة للسوريين لنبذ الانقسامات وإيقاف دوامة الحروب: “حان الوقت لنلتقي من جديد على أرض السلام”.
هذا المشروع يعكس روح التعدد السوري، إذ يشارك فيه فنانون من السويداء، وحلب، والطبقة، والرقة، والحسكة، وقامشلو، وينتمون إلى الطائفة الدرزية، والطائفة الإيزيدية، والعرب، والكرد، والسريان، والأرمن. وتم اختيار أربع لغات لتقديم الأغنية: العربية، والكردية، والسريانية، والأرمنية، لضمان وصول رسالتها إلى السوريين بمختلف انتماءاتهم الثقافية.
وما يميز هذا العمل أنه لا يقتصر على أنه إنتاج فني، بل يحمل رسالة واضحة بأن سوريا لا يمكن أن تنهض إلا بشعوبها، وأن التعايش المشترك هو السبيل الوحيد للاستقرار. ولتحقيق هذه الرؤية، تم تسجيل الأغنية في عدة أستوديوهات داخل سوريا، منها أستوديو حكمت ميلان، وأستوديو الطبقة، وأستوديو الهيئة في الرقة، وأستوديو ولات، حيث أشرف على العمل نخبة من الملحنين والشعراء والموسيقيين.
وفي التلحين والتوزيع، شارك حكمت ميلان، ودليل ميرساز، ومكسيموس إسحاق، وسيرلي سيمونيان، ورنا نصر، بينما تولى بيكس داري، دليل ميرساز، ومكسيموس إسحاق، وسيرلي سيمونيان، ورنا نصر كتابة الكلمات، وكان حكمت ميلان مسؤولًا عن التوزيع الموسيقي، فيما تولى دليل ميرساز وبيكس داري الإعداد والإخراج.
من بين المراحل الأساسية، التي مر بها المشروع كانت مرحلة التصوير، والتي شملت مناطق عدة داخل سوريا، في محاولة لتقديم صورة أكثر واقعية عن التنوع الثقافي والاجتماعي في البلاد. بدأ العمل على المشروع في الثامن من كانون الثاني 2025، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه في منتصف آذار 2025.
سلام في كل لغة
وأكد بيكس داري أن اختيار أماكن التصوير لم يكن عشوائياً، بل كان مقصوداً ليعكس التعدد السوري: “حرصنا على أن تكون مواقع التصوير من مختلف أنحاء سوريا؛ لأن هذا العمل يعبر عن الوطن كله، وليس عن جزء منه”.
من خلال هذا العمل يشير الفنانون المشاركون إلى ضرورة إعادة بناء جسور الثقة بين السوريين، والتأكيد على أن مستقبل سوريا لن يكون إلا بالتعايش المشترك والمحبة، وأن الفن لا يجب أن يكون منفصلًا عن واقع المجتمع، بل عليه أن يعبر عن آلام الناس وآمالهم: “كثيرون فقدوا الأمل، لكننا نؤمن أن الموسيقا قادرة على بث روح جديدة في قلوب السوريين، وأنها يمكن أن تكون بداية جديدة نحو مستقبل أفضل”.
وفي ختام حديثه أكد عضو أستديو ولات “بيكس داري” أن العمل الفني “زيِّنوا سوريا” ليس مجرد أغنية، بل هو رسالة وطنية تهدف إلى نبذ الفرقة والعمل معاً من أجل وطن يحتضن الجميع، وهذا العمل الفني يحمل رسالة نبيلة، أن سوريا لن تعود كما كانت إلا عندما يجتمع أبناؤها على هدف واحد وهو السلام: “إن الفن الصادق يمكنه أن يغير الكثير، وأن يبعث الأمل حتى في أصعب الأوقات، “زيِّنوا سوريا” هو صوت كل سوري يحلم بوطن آمن ومستقر”.
هذا المشروع ليس مجرد تجربة موسيقية، بل هو خطوة أولى في طريق طويل نحو إعادة إحياء روح المحبة والتسامح، لأن الموسيقا ستظل دائمًا قادرة على جمع السوريين، رغم كل ما فرقهم.
