عبد الرحمن محمد
أن يكون الموت مراً، ويكون نهاية المطاف وخاتمة العطاء تلك بديهيات ومسلمات اعتدناها، لكن للخلود طرقاً أخرى وأساليب لا تتهيأ، ولا يمكن الوصول إليها إلا بالجهد الكبير والسهر والجد والاجتهاد الكثير.
هكذا كانت قصة حياة فقيد الموسيقا، الذي ودعته كوباني وسوريا، وودعه الكرد وعشاق الموسيقا الأصيلة والفن العريق في سوريا والعالم، رشيد صوفي أمير العود وصانع البهجة بألحانه، وبحات صوته، التي مازجت الروح.
رشيد صوفي الذي ولد في كوباني في عائلة دينية عام 1953م؛ كان رب الأسرة فيها “مسلم صوفي” مفتيا عاما في المنطقة، وكذلك الأخ الأكبر “محمود” مع ذلك فهو يشير في أحد لقاءاته الصحفية إلى تشجيع والده له وعدم معارضته في سلوك ابنه لطريق الفن والموسيقا والغناء: “أبي كان إنساناً منفتحاً لم يقف في طريقي مع أن الموسيقا كانت عندنا معيبة آنذاك. أي منذ أكثر من ٤٠ عاماً، لكنُي تمردت عليها”.
ظهرت ميوله للموسيقا ومواهبه في العزف وهو في الخامسة عشرة، وكانت بداياته بالعزف على آلة البزق على يد الموسيقي محمد قدري دلال، وفي بداية السبعينات من القرن الماضي بدأ بإنشاد التراتيل الدينية والتواشيح والأناشيد الصوفية، متأثراً بالأجواء المحيطة به، من المقامات الدينية والأفكار الصوفية ومن ثم توجه إلى الموسيقا الشرقية والعزف على العود، ومن ثم اهتم بالموسيقا وشارك في الفعاليات الموسيقية، مثل مهرجانات العزف في حلب، وكان يدرس الثانوية إلى جانب ذلك، ولقربه واهتمامه بالفنانين حسن زيرك، ومحمد عارف جزراوي، فقد تشكل لديه طابع خاص ومتفرد في اللحن والغناء.
المسيرة الحافلة للفنان رشيد صوفي جعلته في مراتب الفنانين العمالقة في عالم الموسيقا والغناء، والفن الكردي والسوري، إذ عمل رشيد صوفي ولسنوات في التلفزيون السوري ليترك بصمته الخاصة فيه، كما ترك إرثا قيما في الثقافة والفن الكردي.
كانت للراحل رشيد صوفي بصمة واضحة في المشهد الموسيقي والفني، فقد صُدرت أولى أغانيه عام 1977 بعنوان “مي نانوشا”، واستمرت أعماله وإبداعاته حتى أطلق البومين فنيين مميزين هما “أز ميفانه دله تما عام 1986” والبوم “خوزيا هيفي عام 1994″، واللذين لاقيا نجاحاً واسعاً في الأوساط الفنية الكردية.