قامشلو/ دعاء يوسف ـ أشادت باحثة صينية في علم الاجتماع بتجربة المرأة وريادتها في إقليم شمال وشرق سوريا، كما بينت أن تكاتف المرأة سيحد العنف المطبق ضدها، وأن حقوق المرأة لا يقتصر على مكان أو مجتمع معين، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضامناً دولياً وجهوداً مستمرة لضمان عالم أكثر عدالة ومساواة للجميع.
أدارت النساء في إقليم شمال وشرق سوريا عجلة الثورة النسوية، فقدمت إليه الناشطات والباحثات في المجال المجتمعي والنسوي من دول العالم، بعد أن حققن نجاحات ملموسة على أرض الواقع، ومن بين هؤلاء النسوة باحثة صينية متخصِصة في علم الاجتماع “ياسمين هاونغ” والتي ركزت في أبحاثها على القضايا المتعلقة بالمرأة في مناطق ما بعد الصراع، وخاصة الحركة النسائية في إقليم شمال وشرق سوريا، كما اهتمت بقضايا اللاجئين والمساعدات الإنسانية في الشرق الأوسط.
ثورة المرأة تجربة يحتذى بها
وزارت ياسمين العديد من المدن السورية ومناطق إقليم شمال وشرق سوريا لتتعرف على ثورة المرأة فيها، وحدثتنا: ” تعرفت على هذه الثورة من خلال أبحاثي حول الحركات النسائية في مناطق ما بعد الصراع، وخاصة عبر اللقاءات مع النساء المشاركات في هذه الثورة، حيث وجدت أنهن قدمن نموذجاً جديداً في الإدارة الذاتية الديمقراطية، وحاولن تأسيس مجتمعاً أكثر عدالة ومساواة، وقد امتدت هذه الثورة إلى أنحاء العالم من خلال شعار “المرأة، الحياة، الحرية”، الذي ألهم النساء في مناطق مختلفة النضال من أجل حقوقهن ومكانتهن في المجتمع”.
ووصفت مشاركة المرأة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، بنموذج قابل للتطبيق: “لقد تمكنت المرأة من أن تصبح فاعلة في المجالات كافة، سواء السياسة، أو الإدارة، أو الدفاع، أو الاقتصاد، وهذه المشاركة لم تكن مجرد تطور عفوي، بل جاءت نتيجة مباشرة لنضال طويل ضد التهميش والعنف والتمييز، وهذه الخطوة ساهمت في تغيير الصورة النمطية لدور المرأة في مجتمع الشرق الأوسط”.
كما ترى ياسمين أن ثورة المرأة لم تحقق أهدافها كلها، ولكنها حققت تقدماً ملموساً في تغيير وعي النساء وإلهام حركات نسوية جديدة حول العالم: “أصبحت النساء أكثر وعياً بحقوقهن وأكثر قدرة على مواجهة التحديات المفروضة عليهن، ما أدى إلى تحولات ملموسة في بعض المجتمعات”.
وأشارت خلال حديثها إلى أن: “الطريق لا يزال طويلاً، فهناك أنظمة استبدادية، وقوانين تمييزية، ومجتمعات أبوية ما زالت تعيق تحقيق الحرية الكاملة للمرأة. لذلك، من الضروري استمرار هذه الثورة في النضال المستمر، وزيادة التضامن بين النساء عالمياً، والعمل على فرض سياسات وتشريعات تحمي حقوقهن”.
توحيد النساء من أجل حريتهن
وعن كيفية نقل هذه التجربة لنساء الشرق الأوسط والعالم، بينت ياسمين: “لنقل هذه التجربة إلى نساء العالم، من الضروري توثيقها ونشرها في الوسائل الإعلامية والأكاديمية، وتنظيم مؤتمرات وورشات عمل دولية تشرح آليات نجاح هذه الثورة. كما يجب تعزيز التواصل بين النساء الناشطات في مناطق مختلفة، وتبادل الخبرات حول كيفية بناء نماذج مماثلة في مجتمعاتهن”.
تابعت: “بالإضافة إلى ذلك، يمكن دعم الحركات النسوية الأخرى بالتضامن الدولي، سواء من خلال المنظمات الحقوقية أو السياسية، والعمل على تضمين مبادئ هذه الثورة في الحركات النسائية العالمية، فالتجربة أثبتت أن التغيير يبدأ من القاعدة، لذا فإن دعم المبادرات النسائية المحلية في مختلف البلدان، هو خطوة أساسية في توسيع نطاق هذا النموذج”.
ودعت إلى وحدة النساء في العالم: “إن وحدة النساء حول العالم تعتمد على التضامن العابر للحدود، فيجب بناء شبكات نسائية قوية تضم ناشطات من مختلف الثقافات والخلفيات، لمشاركة الخبرات وتعزيز الدعم المتبادل. التكنولوجيا ووسائل التواصل الافتراضي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ربط النساء ببعضهن، وتمكينهن من تبادل المعرفة والنضال المشترك”.
كما تطرقت إلى الصعوبات التي تواجه المرأة في توحيد صفوفها: “القمع السياسي، والتمييز الاجتماعي، والعوائق الاقتصادية التي تواجهها النساء، إضافة إلى الفكر الأبوي والمؤسسات التي لا تزال تهيمن على المجتمعات. كما أن الاختلافات الثقافية قد تعيق توحيد الجهود النسوية عالمياً”.
حرية المرأة مسؤولية الجميع
كما تحدثت ياسمين عن الظلم والعنف الذي تعاني منهما المرأة الصينية: “أنا امرأة صينية، وأرى العديد من التحديات التي تواجه النساء في بلدي، مثل التمييز ضد الفتيات داخل الأسرة، وعدم المساواة بين الجنسين في سوق العمل، وظاهرة الاتجار بالنساء، والعنف الأسري، وهذه المشكلات لا تقتصر على الصين فحسب، بل هي قضايا عالمية تشاركها النساء في مناطق مختلفة من العالم”.
تشير ياسمين إلى أن مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، لا تزال تواجه مخاطر الصراع: “إن النساء معرضات لخطر أكبر، لا سيما مع التطورات الأخيرة في الوضع السياسي والأمني؛ ما يجعل الحاجة إلى تعزيز حماية المرأة ودعم مشاركتها أمراً أكثر إلحاحاً”.
واختتمت الباحثة الصينية المختصة في علم الاجتماع “ياسمين هاونغ”، حديثها: “بالرغم من هذه التحديات، فإن الإرادة القوية والإصرار على تحقيق العدالة والمساواة يمكن أن يقود إلى التغيير، كما أثبتت العديد من الحركات النسائية عبر التاريخ. لذلك، يجب أن يستمر النضال من خلال تعزيز الوعي، والتعليم، والدعم القانوني، والتواصل بين النساء في أنحاء العالم لتحقيق الحرية الحقيقية والمساواة الكاملة. فالنضال من أجل حقوق المرأة لا يقتصر على مكان أو مجتمع معين، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضامناً دولياً وجهوداً مستمرة لضمان عالم أكثر عدالة ومساواة للجميع”.