No Result
View All Result
المشاهدات 24
“القضيّة والثمن”
د. علي أبو الخير
لكل قضية ثمن؛ والفكرة كالثمرة تخبو، ولكنها لا تموت؛ لأن الحرية كالماء والهواء؛ يستحيل تجاوزها؛ والفكرة كالنور، مُحال إخفاؤها داخل أقبية السجون؛ عندما تجد من يرعاها ويرويها بصدق الروح الإنسانية؛ وهو ما نراه واضحاً في مسيرة المفكر عبد الله أوجلان؛ فقد تبنى القضية، ودفع الثمن من أجلها.
لقد مضى ستة وعشرين عاماً على المؤامرة الدولية على القائد الإنساني الملهم عبد الله أوجلان؛ وكأنه قد كتب عليه أن يحرر ذاته ويرتب ضميره من أجل شعبه الكردي وشعوب الشرق الأوسط، وكل الإنسانية، لأن الضمير الشعبي العالمي ينحاز للعدل والإخاء والمساواة.
نستذكر القائد عبد الله أوجلان وفكره كل يوم وعلى مدار العام، وليس يوم ١٥ شباط من كل عام فقط، ولا نحسب عدد سنوات السجن؛ ولكن نرى كيف طوّع القائد نفسه وهو خلف الأسوار؛ يستوعب روحه ويستجيب عقله؛ ويرد الروح لنفسه ولكل الإنسانية؛ ونحن دوماً على موعد مع فكره المتنامي المثالي والواقعي في الوقت نفسه، لأن فكره قابل للتطبيق، كما كتبنا وكتب غيرنا من قبل.
وهو يتمتع بكاريزما القادة؛ يتحلى بأخلاق الحرية ونبل الإنسانية؛ فقام بنقد كل الأفكار والنظريات التي لا تخدم الإنسان كفرد ومجتمع؛ وقد نقد العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية من منظور إنساني؛ وليس من منظور سياسي قومي أو حتى علماني؛ منذ كهنة السومريين حتى اليوم؛ كما شرح في كتبه.
أخلاق الحرية.. ضد الإمبريالية
وعندما نُطبّق أقواله على الرأسمالية، نجد إننا أحوج ما نكون لرفض الاستغلال واستخدام القوة الرأسمالية في احتلال الشعوب؛ كما (على سبيل المثال) نرى عندما يردد الرئيس الأمريكي ترامب حديثه عن عزمه على احتلال قطاع غزة الفلسطيني وطرد السكان من القطاع وتصفية القضية الفلسطينية؛ كما تراهن الإدارات التركية المتتالية على تصفية القضية الكردية؛ وقيام النظام التركي باحتلال مناطق تعود إلى الشعب الكردي في سوريا، وضرب الكرد داخل تركيا؛ وكله من الرأس المُدبر للرأسمالية العالمية والإمبريالية المتوحشة، سواء في الغرب الأمريكي أو الشرق العثماني، الاحتلال واحد والاستغلال متبادل، ضد الكرد وقائدهم عبد الله أوجلان، الذي قال عن النظام الرأسمالي في مقالاته وكتبه الكثيرة المثمرة؛ خاصةً المنشور بالحوار المتمدن عام ٢٠٠٩ تحت عنوان “اعرف نفسك تنجو من براثن الرأسمالية”، في الحوار المتمدن؛ قال: “إن مِن أُولى الإجراءات التي عليَّ القيام بها لدى شروعي بطرحِ مرافعتي تجاه النظامِ الرأسمالي، هي الخلاصُ من التصاميمِ والقوالب الذهنية العائدةِ له؛ وما نقصده هنا ليس “أخلاقَ الحرية” وأخلاقياتِها التي لا وجود للمجتمع الإنساني بدونها ما دام موجوداً، والتي تمرُّ دوماً من غربالِ الحياة الاجتماعية. بل المقصودُ هو ذهنيةُ الحياةِ العبودية الأكثر تطوراً، والثقافاتُ الماديةُ والمعنويةُ الباعثةُ لها، والتي تؤدي إلى إفراغِ الأخلاقِ والأخلاقيات من محتواها ومعانيها، وتَتَسَبَّبُ في شرذمتِها ورعونتها وتَبَعثُرِها على أساسِ رفضِها وإنكارها”.
الأمة الديمقراطية ضد الاستعمار العالمي
وهنا يستدرك القائد عبد الله أوجلان ليتبنى مشروع الأمة الديمقراطية؛ والذي يمثّل نقلة لتطور الفكر الإنساني الشامل؛ وهو المشروع الذي يتعارض تماماً مع المشروعات العالمية القائمة على القوة الباطشة؛ خاصةً المشروع الرأسمالي، ونعتقد أن من أهم أسباب عدم الإفراج عنه هو مشروع الأمة الديمقراطية؛ وهو مشروع مقاوم في نهج الأخوّة البشرية، ولكن القوى الكبرى ترفض المشروع لأنه يختلف عن مشروعاتها، فتنحاز ضد الاستعمار العالمي مع الدولة التركية؛ فيقوم الأتراك والدولة الصهيونية والدول الرأسمالية بالتضييق عليه داخل أسوار المعتقل.
ولكنه بأخلاق الحرية قرأ كثيراً وكتب كثيراً؛ فأصبح رمزاً عالمياً وقائداً إنسانياً.. ولقد دفع المفكر عبد الله أوجلان الثمن… دفعه كاملاً… وكل عام والقائد حر الجسد كما كان دائماً حر الفكر والسلوك والنُبل والعطاء…
No Result
View All Result