قامشلو/ ملاك علي – جاء استهداف منسقية مؤتمر ستار “هيفا عربو”، جزءاً من سلسلة طويلة من الجرائم التي ترتكبها الدولة التركية بحق النساء القياديات، اغتيالها لم يكن مجرد هجوم على فرد، بل كان رسالة تهديد لكل امرأة تقود وتناضل من أجل مستقبل حر، حيث أكدت النساء في إقليم شمال وشرق سوريا أن هذه السياسات القمعية لن تثنيهن عن المضي قدماً، بل ستزيدهن إصراراً على الاستمرار في النضال والمقاومة.
كانت المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، رمزاً للنضال والمقاومة، تدافع عن الحرية، وتقود مجتمعاتها نحو العدالة والمساواة، إلّا أن هذا الدور القيادي جعلها هدفاً مباشراً للهجمات التركية، التي لا تتوانى عن استخدام العنف الممنهج لإخماد أصوات النساء وكسر إرادتهن.
إن استهداف النساء ليس مجرد انتهاك حقوق الإنسان، بل هو محاولة يائسة لإسكات صوت الحرية، إلا أن المرأة التي قاومت الظلم لعقود، لن تتراجع أمام العنف والإرهاب، وستبقى في مقدمة الصفوف، تواجه وتنتصر. يواصل الاحتلال التركي سياساته العدوانية تجاه المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، فتستهدف طائراته المسيرة بشكل ممنهج القياديات النسويات، في محاولة إخماد أصواتهن وكسر إرادتهن، وكان آخر هذه الجرائم في الـ 27 من كانون الثاني الفائت، حيث استهدفت دولة الاحتلال التركي عضوة منسقية مؤتمر ستار هيفا عربو (صالحة فيان)، وعضو حزب الاتحاد الديمقراطي ديلاور عربو (هوكر درباسية)، في محافظة السليمانية بباشور كردستان، ما أدى لاستشهادهما.
مناضلة منذ الصغر… لأجل كل امرأة
انضمت “هيفا عربو” إلى النضال وهي في عمر صغير، وسرعان ما أصبحت رمزاً لتمكين المرأة أينما كانت، حيث إنها ساهمت في تأسيس العديد من مؤسسات الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وانضمت إلى منسقية المرأة لإيصال صوت النساء وتحقيق تنظيمهن في المناطق كلها، بما في ذلك “الطبقة، الرقة، ودير الزور”، حيث لعبت دوراً أساسياً في نشر فكر الحرية والمساواة بين النساء.
وفي هذا الصدد، تحدثت لصحيفتنا “روناهي” الإدارية في مؤتمر ستار بمقاطعة قامشلو، منى إبراهيم: “الشهيدة هيفا لم تكن مجرد قيادية، بل كانت تحتضن كل امرأة وتساعدها في اكتشاف ذاتها وحريتها، كانت تؤمن بأنه عندما تدرك المرأة ذاتها، لن يكون هناك شيء يستطيع الوقوف في وجهها، سعت إلى تحرير النساء من الأفكار البالية والسلطة الأبوية، وكانت تدعو إلى بناء حياة قائمة على الندية والعدالة والمساواة”.
استهداف النساء… حرب على الديمقراطية
شكلت “هيفا عربو” حجر الأساس في بناء مؤسسات المرأة في المناطق المحررة، وساهمت في نشر شعار “المرأة.. الحياة.. الحرية” الذي أصبح رمزاً لنضال المرأة في المنطقة، لم تفرّق بين النساء على أساس العرق أو القومية، بل سعت إلى تمكين الجميع، سواء كنَّ كرديات أو عربيات أو من أي شعوب آخر، وكانت تعمل على تنظيمهن وإعطائهن الدور الريادي في المجتمع.
وأشارت منى إلى أن، استهداف الدولة التركية للمناضلة “هيفا عربو” لم يكن عشوائياً، بل جاء لرفضها فكر الديمقراطية، والمساواة، مضيفةً: “الاحتلال التركي لا يريد للمرأة أن تتطور، لأنه يعلم أنها عندما تكون قوية، فإن المجتمع بأكمله سيكون حراً، ولذلك يستهدف كل امرأة تسعى للعدالة، مثل الرفيقة صالحة، وزينب، ويسرى، والعديد من النساء اللواتي استشهدن في سبيل الحرية، لكن رغم كل هذه الاستهدافات، لم تتراجع أي من هؤلاء النساء، بل كنّ دوماً في الصفوف الأمامية للنضال”.
رصاصة في قلب العدو
لم تعرف “هيفا عربو” للخوف طريقاً، فقد كانت في كل مكان يتطلب العمل والنضال، منخرطة في حركة تحرير المرأة منذ صغرها، حيث لعبت دوراً محورياً في مختلف مؤسسات المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا، كانت من أوائل القياديات في هيئة المرأة ومنسقية المرأة، ووقفت إلى جانب النساء من مختلف الشعوب، مؤمنةً بأن الحرية حق لكل امرأة.
واختتمت الإدارية في مؤتمر ستار بمقاطعة قامشلو “منى إبراهيم” حديثها: “الشهيدة صالحة لم تكن مجرد امرأة تناضل من أجل الحرية، بل كانت رصاصة في قلب العدو، ولهذا تم استهدافها لأنها كانت تمثل قوة المرأة وقدرتها على الوصول إلى أهدافها، ومعرفة حقوقها، وانتزاع حريتها”.
