قامشلو/ فريدة عمر – أدانت والدة الشهيدة هفرين خلف، “سعاد مصطفى”، حضور قاتل ابنتها المرتزق “أبو حاتم شقرا” مؤتمر النصر الذي عقد في دمشق، وأكّدت بأنّها لن تتخلى عن قضية ابنتها حتى يتم محاسبة قاتلها، ولن تقبل أن يحكم البلاد المرتزقة والإرهابيون.
أثار حضور أحمد إحسان فياض الهايس، المرتزق الملقب بـ “أبو حاتم شقرا”، متزعم مرتزقة “أحرار الشرقية”، ومرتكب جريمة اغتيال الأمين العام لحزب سوريا المستقبل “هفرين خلف”، مؤتمر النصر، الذي عُقد 29 كانون الثاني المنصرم بدمشق، وأثار حضوره المؤتمر غضباً شعبياً واسعاً في إقليم شمال وشرق سوريا، وإدانة من الحركات والتنظيمات النسوية ومن والدة الشهيدة هفرين خلف، سعاد مصطفى على وجه الخصوص.
مسيرة هفرين النضالية
وانخرطت “هفرين خلف”، ابنة مدينة ديرك، بالعمل السياسي مع بداية الأزمة السورية، ونشطت في المؤسسات الحقوقية والإنسانية قبل أن تتفرغ للعمل السياسي، فأسهمت هفرين في تشكيل الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا عام 2014 من خلال انخراطها في العمل المجتمعي والسياسي في المنطقة. حيث نشطت في مؤسسات الإدارة وقامت بدور فعّال، وعملت على تأسيس مؤسسة العلم والفكر الحر عام 2012، كما كانت من مؤسسي مكتب التدريب الاجتماعي والأكاديمي، بالإضافة إلى أنها شغلت منصب نائبة رئيس هيئة الطاقة في إقليم الجزيرة عام 2015، ثم شغلت منصب الرئاسة المشتركة لهيئة الطاقة عام 2016، وانتخبت في منصب الأمين العام لحزب سوريا المستقبل بعد تشكيله في 18 آذار عام 2018.
كان لهفرين خلف، نضال كبير في العمل على تعزيز المشروع الديمقراطي بين شعوب إقليم شمال وشرق سوريا، والعمل على نشر الفكر الحر، وأولت اهتماماً أكثر إلى توحيد صفوف المرأة من المناطق كافة، بما فيها المرأة العربية في المناطق المحررة، والنضال لانخراطها في المجالات، والسياسية على وجه الخصوص، فناضلت كثيراً في الميدان السياسي، وكانت شخصيّة محبوبة ولائقة لأن تكون طليعية لنساء إقليم شمال وشرق سوريا.
الاغتيال والتمثيل بجثتها
وبعد احتلال مدينة عفرين في العام 2018، شنّت دولة الاحتلال التركي والمجموعات المرتزقة التابعة لها في العام 2019، هجوماً وحشياً على مدينتي سري كانيه وكري سبي، واستناداً إلى الواجب الوطني والإحساس بالمسؤولية، لم تتردد هفرين للحظة لأن تنضم إلى قوافل المدنيين، التي توجهت لدعم مقاومة أهالي سري كانيه وكري سبي.
وفي 12 تشرين الأول 2019، وأثناء ذهابها وهي على الطريق الدولي /M4/ مع سائقها “فرهاد رمضان”، اغتالتها مرتزقة الاحتلال التركي، بقيادة متزعم “أحرار الشرقية “، /أبو حاتم شقرا/، وتم قتلها بكل وحشية والتمثيل بجثتها، وأثار استشهادها الرأي العام المحلي والعالمي لبشاعة الجريمة التي أقدمت عليها مرتزقة تركيا بدم بارد.
لم يكن اغتيالها عادياً، بل كان انتقاماً للذهنية الذكورية، وللقضاء على نضال النساء في إقليم شمال وشرق سوريا ومكتسبات ثورتهن، قتلت بوحشية لا يمكن أن يتصورها العقل البشري، هكذا وصفت لنا والدة الشهيدة هفرين خلف “سعاد مصطفى“: “لا يمكنني أن أصف لكم رقة هفرين خلف، وعندما أتوا إلي بتابوت يحملوا جثتها، أصريت على أن افتح التابوت وأقبل القبلة الأخيرة على وجنتيها الناعمتين، لكن ما رأيته آلمني كثيراً ولا يمكنني أن أنساه، لم أستطع التعرف على جثة ابنتي، كان حنكها مكسور، اقتلعوا جلدة رأسها وهم يسحبونها من شعرها الأسود اللامع”.
وتابعت: “ما آلمني هو ليس استشهاد هفرين، بقدر ما آلمتني الطريقة التي قتلت فيها، كم أتمنى أن أرى قاتلها لأسأله، رصاصة واحدة في الرأس أو في القلب تكفي لقتلها؟ لمَ كل هذه الوحشية وهي لم تحمل السلاح في وجهك؟”.
القاتل مكانه في المحاكم وليس إدارة البلاد
في وقت يأمل فيه الشعب السوري، والمرأة السورية، بتحسين وضع البلاد وتغيير جذري نحو مستقبل أفضل تسوده الديمقراطية والعدل، بعد سقوط نظام الأسد، إلا أنه لا شك بأن القادم لا ينذر بالأفضل بل يشكل محط قلق للسوريين وللمراقبين للمستجدات في المنطقة، بعد تسلم إدارة هيئة تحرير الشام زمام الأمور.
وكان آخرها، “مؤتمر النصر”، الذي عقد بتاريخ 29 كانون الثاني المنصرم، في العاصمة السورية دمشق، حضر فيه أحمد إحسان فياض الهايس المرتزق الملقب باسم “أبو حاتم شقرا” قاتل الأمين العام لحزب سوريا المستقبل الشهيدة “هفرين خلف”، وأبو عمشة الذي ارتكب العديد من المجازر بحق أبناء سوريا في المناطق المحتلة، “مؤتمر النصر” الذي عقد بدمشق بتاريخ 29 كانون الثاني، وقد أدى هذا المؤتمر لسخط النساء في إقليم شمال وشرق سوريا عادّين هذا الحضور تصغيراً بشهيداتهم وخاصة السياسية والناشطة الكردية هفرين. وحول ذلك، رفضت والدة الشهيدة هفرين خلف، “سعاد مصطفى”، رفضها التام واستنكارها حضور قاتل ابنتها في مؤتمر النصر: “ماذا يفعل المجرمون والمرتزقة في مؤتمر النصر؟ هل قاتل النساء له الحق بحضور مؤتمر النصر؟ وعن أي نصر حققه أبو حاتم شقرا وأبو عمشة وأمثالهم؟ نحن لا نقبل أن يحكمنا المجرمون، وهم مكانهم أمام العدالة والمحاكمة وليست إدارة البلاد”.
وأضافت: “لن يقبلوا حضور النساء، لكن فتحوا المجال أمام قتلة النساء للحضور، لا يمكنهم التصغير بتضحيات شهيداتنا، لا يمكنهم إنشاء دولة وسلطة على حساب دماء أبنائنا وبناتنا”.
لن أتراجع حتى محاسبة قاتل ابنتي
أكدت سعاد، على أنها لن تتراجع عن قضية ابنتها حتى تتم محاسبة القاتل: “العالم شاهد على ما حدث، لكن الصمت دليل على التشجيع لقتل النساء الكرديات وشعوب المنطقة، أنا أعرف سياساتهم، وأعرف أنها لحماية مصالحهم مستعدون لأن يحموا المرتزقة والمجرمين والقاتلين، ولكن ذلك لن يثني من عزيمتي وإرادتي على متابعة قضية ابنتي”.
ونوهت سعاد، إن المحاكم الأوروبية لم تتخذ أي إجراءات بشأن محاسبة المسؤولين عن جريمة اغتيال ابنتها، وأن هناك صمتاً سائداً مع عدم تقديمهم أي أجوبة إيجابية في هذا الخصوص، وإن قتلة ابنتها لا يزالون أحراراً دون أن تتم محاسبتهم على جريمتهم الشنيعة.
وفي ختام حديثها، ناشدت والدة الشهيدة هفرين خلف، “سعاد مصطفى”، النساء خاصة، وشعوب المنطقة بالنضال لأجل نيل حقوق شهداء وشهيدات الحرية وعدم السماح لمرتكبي الجرائم بأن يكون لهم مكان في الإدارة الجديدة: “هفرين خلف شهيدة الياسمين كما سمتها نساء المنطقة، والآلاف من شهداء وشهيدات وطننا، الذين أصبحوا مشاعل الحرية وقدموا أرواحهم في سبيل أن ننعم نحن بالحرية، اليوم نحن مدينون لتضحياتنا، لن نقبل أن يكون لقاتليهم والمجرمين مكان في وطننا، كيف لقاتل ابنتي وقاتل النساء، أن يكون صاحب سلطة، بهذه الذهنية كيف يمكن أن يدير الوطن، لن نسمح ولن نرضى، نحن أصحاب الحق وسننتصر”.