ليلى خالد
يتمتع حيا الشيخ مقصود والأشرفية، بتركيبة سكانية متنوعة في نسيج سوري رائع، اختارا الصمود والمقاومة معاً لمواجهة أعتى وأشرس الهجمات، وهما يئنان تحت وطأة الحصار الخانق ليشكلا درعاً حامياً لكل أحياء حلب، دون أن يدرك أهالي تلك المناطق بما يقدمه أبناء الحيين من تضحياتٍ تحافظ على وجودهم في الأحياء الأخرى، ولم يكن هدفهم مهاجمة أحد أو الاستيلاء على خيرات طرفٍ آخر، كان هدفهم الوحيد هو البقاء وحماية أنفسهم، فالدفاع حق مشروع لكل الكائنات الحية.
فرض النظام البائد حصاراً خانقاً على الحيين في حواجز أمنية وُضعت على مداخلهما، وعملت وفق بروبوغندا إعلامية مكثفة لتشويه صورة القاطنين بالحي، بصورة تنافي الحقيقة وكأنها لهيبٌ يلتهم كل شيء، ما ساهم في خلق شرخ واسع بين أبناء الحيين وأبناء المناطق الأخرى من حلب، فملامح الهلع والذعر كانت جلية على وجوه سائقي الأجرة، عندما كنا نوقفهم ليوصلونا إلى أحيائنا بسبب زرع الأفكار المسمومة التي بثتها الأذرع الأمنية والإعلاميّة.
في ظل حكومة تصريف الأعمال الحالية، نشهد صورة لا تختلف عما قبلها، بل باتت أكثر علانية بعد وضعهم لوحات على أطراف حيي الشيخ مقصود والأشرفية، مكتوب عليها “انتبه خطر هذا الطريق يؤدي إلى مناطق قسد” ذكرتني هذه اللوحات بنظرية القرود الخمسة “حين وضعهم الباحثون في قفص ورشوهم بالماء، كلما تسلق أحدهم السلم لأخذ الموزة كانت القرود تقوم بسحبه وضربه، وبعد تبديل قرد بفرد جديد كان يلاقي المصير نفسه حتى أصبح القرد الجديد يشارك بضرب القرود الجدد، دون أن يعرف السبب، وبعد استبدالهم جميعاً ظلوا يضربون من يحاول اقتراب السلم دون أن يعلموا السبب”، وأنا واثقة بأن من وضعوا هذه اللوحات وكتبوا هذه العبارات قد لا يعلمون أنها تؤسس لفتنة طويلة الأمد، لأنها استمرار لثقافة النظام البائد.
توضيح: