قامشلو/ فريدة عمر ـ أكد الصحفي “سليمان أحمد”، أن وسائل الإعلام الحر كان لها الدور الكبير في مداولة قضيته والإفراج عنه، وتعهد بمواصلة عمله الصحفي الذي عده عملاً مقدساً في إظهار صوت الحق والحقيقة.
وفي 25 تشرين الأول عام 2023، اعتقل الصحفي “سليمان أحمد”، من سلطات الحزب الديمقراطي الكردستاني داخل معبر فيش خابور، أثناء عودته من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا إلى جنوب كردستان، بعد توجّهه في الأول من تشرين الأول، إلى حي الشيخ مقصود في حلب لزيارة عائلته.
سيرته الذاتية
الصحفي “سليمان أحمد”، من مدينة عفرين، وهو من الصحفيين الذين كانوا صوت ثورة التاسع عشر من تموز 2012، بكل تفاصيلها باتخاذ مبادئ الإعلام الحر أساساً، بدأ عمله في البداية في وكالة الفرات، من ثم عمل في وكالة هاوار للأنباء عام 2013.
وقد عمل ووثق أحمد، تحرير مدينة عفرين من نظام البعث البائد، وهجمات المرتزقة ضد عفرين أعوام 2013 و2014، ومن ثم إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية في 29 كانون الثاني 2014 في عفرين، وهجمات دولة الاحتلال التركي على عفرين في 20 كانون الثاني 2018، كما وكان له بصمة في إظهار مقاومة أهالي حلب في وجه المرتزقة خلال الأعوام المنصرمة.
وأخذ أحمد على عاتقه أيضاً، خلال عمله الصحفي في إقليم شمال وشرق سوريا، وإبراز القضايا الاجتماعية والسياسية والعسكرية الشائكة، ومقاومة شعوب إقليم شمال وشرق سوريا، وسعى جاهداً ليكون صوت المجتمع ومرآته.
وإبان احتلال مدينته عفرين، توجه “أحمد” إلى مدينة السليمانية عام 2019، لمواصلة العمل في مجال الإعلام الحر، واتخذ مكانه ضمن وكالة روج نيوز، وعمل فيه محرراً للقسم العربي، وتمكن من تسليط الضوء على أهمية الأخوة الكردية العربية.
وفي أواخر عام 2023، توجه إلى إقليم شمال وشرق سوريا لزيارة أسرته في مدينة حلب، ليحضر مراسم عزاء والده، وأثناء عودته إلى باشور كردستان، اختطف من الأساييش التابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني بمعبر فيش خابور.
فيما تم الافراج عنه بعد 454 يوماً في20 كانون الثاني 2025، ليعود عقبها إلى إقليم شمال وشرق سوريا.
تهمة الإرهاب والعمالة
وبعد الإفراج عن الصحفي “سليمان أحمد”، أجرت صحيفتنا “روناهي” لقاء خاصاً معه، حيث سرد لنا بدايةً، تفاصيل اعتقاله: “بعد عودتي من زيارة عائلتي في مدينة حلب في 2023، لباشور كردستان، ومع وصولي إلى معبر فيش خابور، كنت انتظر الموافقة للعبور، إلا أن الإدارة هنالك تقصدت في المماطلة بأوراقي، على الرغم من أنني راجعتهم وانتظرتهم ساعات، حتى كاد المعبر يخلو من المسافرين حينها قالوا لي: إن أوراقي ليست رسمية، وبالطبع هذا غير صحيح، من بعدها تحججوا بأن الوقت تأخر، وأنهم سيساعدونني في إيصالي إلى كراج قريب أستطيع أن أوصل به إلى السليمانية، ولم يعد لدي خيار آخر لأنني بكلا الحالتين عرفت حينها أنه هنالك مخطط يحاك ضدي”.
واستكمل: “اقتادوني إلى مكان بعيد، خارج المدينة وأشبه بالصحراء، كبلوا يداي، وهددوني إن لم اعترف سيسلمونني إلى جهة أخرى، لن ترحمني أبداً، لكن لم أفهم بماذا أعترف لأنني لم أفعل شيئا خارج القانون، من ثم أخذوني إلى أساييش دهوك (قسم الإرهاب)”.
وعن أخذه إلى قسم الإرهاب، أضاف أحمد: “لم أستوعب حينها، ماذا أفعل هنا؟ هل ممارسة العمل الصحفي يعد إرهاباً في باشور كردستان على الرغم من أنني أزاول هذه المهنة منذ سنوات وأعمل بوثائق رسمية، إذاً عن أي عمل إرهابي يتحدثون؟ لكن أعرف جيداً بأن هذه تهم وحجج جاهزة، للضغط علي”.
تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي
وعلى الرغم من وجود قوانين دولية تنص على حماية الصحفيين سواء في الحروب، أو في السلم وتمنع التعرض لهم، إلا أن هناك العديد من الدول والجهات التي تضرب هذه القوانين عرض الحائط ولن تلتزم بها، من بينها حكومة باشور كردستان: “مع وصولي إلى مركز أساييش دهوك قسم الإرهاب، لم أكن أعرف من حولي، لأنهم سلطوا الإنارة القوية على عيني، فلم أرَ شيئاً، فقط كنت أسمع صوت الذي يحقق معي، ويريد مني أن اعترف بأنني إرهابي وأمارس عملا خارج القانون”.
وتابع: “فقد تعرضت للإهانة، فحتى حينما نقلوني إلى سجن الإصلاح المركزي في دهوك وضعوني في زنزانة مع المتهمين بأعمال السرقة والتخريب، ومن شدة التعذيب كنت أفقد ذاكرتي لأيام متتالية، فلم أعامل معاملة الصحفي أبداً، بل على العكس تعرضت للتعذيب النفسي والجسدي”.
وأضاف: “وحين كنت في سجن الإصلاح المركزي في دهوك، قالوا لي إنني إرهابي، وأنني اعترفت بذلك وأنه مدون في ملفي، لأجل تثبيت التهمة علي، حتى قالوا لي أنت عضو في حزب الاتحاد الديمقراطي ولهذا السبب اعتقلوني، فأجبتهم إن كان ذلك صحيحاً أيضاً، فالحزب لديه مكتب ورخصة رسمية في باشور كردستان، فلماذا يجب أن اعتقل لهذا السبب؟”.
المحاكم في جنوب كردستان ليست مستقلة.. تابعة للمصالح الحزبية
وطيلة فترة اعتقاله، كان أحمد يفتقد لأبسط حقوقه ضمن معتقلاتالديمقراطي الكردستاني، حيث منع عنه التواصل مع محاميه وذويه، وعلى الرغم من عدم وجود أي إثبات على التهم التي وُجهت له، تم عرضه على المحكمة دون أي أدلة تذكر.
وأصدرت محكمة دهوك، حكماً جائراً بحق الصحفي “سليمان أحمد”، حيث حكمت عليه ثلاث سنوات سجن، وعليه أكد أحمد، بأن المحاكم في جنوب كردستان ليست مستقلة، وإنما تعمل لمصالح حزبية: “استغربت من إصدار حكم بحقي، رغم عدم وجود أي تهمة بحقي، ولم تتم محاكمتي بموجب قانون الصحافة في إقليم كردستان، لقد تم انتهاك حقي في المحكمة، وحقيقة المحاكم في جنوب كردستان ليست محاكم مستقلة، إنما تابعة لمصالح حزبية، فلو كانت عادلة، وتعمل بموجب القانون لما اعتقلت 16 شهراً”.
لوسائل الإعلام دور كبير في إيصال قضيتي والضغط على حكومة باشور
وحينما اعتقل الصحفي أحمد، حاولت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني التكتم على مصيره، إلا أن زملاءه الصحفيين ووسائل الإعلام من بينها اتحاد الإعلام الحر، كان لهم دور كبير في تشكيل ضغط محلي وعالمي على حكومة باشور كردستان بالاعتراف: “إن ضغط الإعلام الحر وضغط مجموعة من المحاميين، ولجنة حقوق الإنسان، ساهم في إجراء أول لقاء لي مع المحامين بعد سبعة أشهر، وأربعة أيام من الاعتقال”.
وتابع: “وأسهم الضغط في إجراء أول اتصال مع شقيقي، ففي كل مرة حينما يستجوبونني، كانوا يسألونني لماذا يهتم الإعلام بك إلى هذا الحد؟ لماذا يحاول الإعلام معرفة مصيرك؟، حقيقةً لقد لعب الإعلام دوراً كبيراً، في إيصال قضيتي والضغط على الديمقراطي الكردستاني بالاعتراف، وأن له دوراً كبيرا في الإفراج عني”.
وعبر سليمان أحمد عن شكره وامتنانه للجهات التي كانت وسيلة في مزاولة قضيته: “أول مرة، كان بعد شهر وسبعة أيام من اعتقالي، كنت استمع إلى نشرة أخبارية، وسمعت ضمن عناوين الأخبار اسمي وحديث اعتقالي والجهود المتواصلة في سبيل ذلك، حينها تأكدت من أن زملائي الصحفيين لم يتركوا قضيتي، وبدوري أشكر كل من حاول إيصال ذلك وكان جزءاً ولو بسيطاً من العمل في إيصال قضيتي للعالم”.
سأواصل عملي الصحفي ولن يستطيع أحد قمع صوتنا
وعبر أحمد عن قلقه حول المخاطر التي تستهدف الصحفيين والعمل الصحفي: “إن الإعلام الحر كان مرآة المجتمع وصوت الحقيقة، لطالما أخذ الإعلامي على عاتقه مسؤولية أن يعمل بكل وفاء وإخلاص لخدمة شعبه ووطنه، بعيداً عن التقربات الحزبية والمصالح الشخصية، لذلك هي دائماً مستهدفة من الأنظمة التي تعادي صوت الحق والحقيقة وتسعى لقمعه، واستشهاد الصحفيتين “هيرو وكلستان” في باشور كردستان، و”جيهان وناظم” أثناء تغطية مقاومة سد تشرين، خير دليل على ذلك، فيجب حماية حقوق الصحفيين بموجب القوانين الدولية والحد من الجرائم التي ترتكب بحقهم”.
وفي ختام حديثه، أكد الصحفي “سليمان أحمد” مواصلة عمله الصحفي بمنهجية وشجاعة: “العمل الصحفي عمل مقدس، وتعمق ذلك أكثر بعد ثورة 19 تموز، وبعد المقاومة العظيمة لشعوب المنطقة، وعليه أتعهد مجدداً، بأن أواصل عملي الصحفي، وأكون صوت شعبي ووطني، لنكون صوت الحقيقة”.