تمزج قصة «من الزمن الصعب» للدكتور المعماري نبيل عيسى أبو دية بين أحداث الواقع ومأساويته وسخرية الحياة، لا سيما حين يتعلق الأمر بالهجرة، سواء الشرعية أو تلك التي تتم بطرق مختلفة تتحايل على القوانين المسموح بها دولياً.
يتضمن الكتاب الصادر حديثاً عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن، بوحاً سردياً متواصلاً لا ينقسم إلى فصول ولا أرقام، وإنما يأتي دفقة واحدة منذ صفحته الأولى وحتى نهاية القصة التي أعقبها المؤلف بجملة «هذه القصة مستوحاة من أحداث حقيقية».
يبدأ أبو دية تمهيد الكتاب قائلاً: «عمان مدينة المهاجرين؛ هاجر إليها الشراكسة في نهاية القرن التاسع عشر بحثاً عن الأمان بدءاً بعام 1878، ثم جاءها الأرمن الناجون من المذابح في الحرب العالمية الأولى عام 1915، وتلاهم الأحرار السوريون واللبنانيون؛ أنصار الثورة العربية الكبرى، بعد هزيمة ميسلون عام 1920، ثم الدروز بعد ثورة سلطان باشا الأطرش ضد الفرنسيين في سوريا عام 1925، وتلاهم أبناء مدينة السلط بعد زلزال 1927 المدمر الذي دمّر أجزاء كبيرة من مدينتهم الجميلة، وسكنوا جميعاً في وسط مدينة عمان».
يكتب أبو دية في التمهيد للكتاب: «(الزمن الصعب) يذكِّرنا بصعوبة الحياة في تلك الفترة، وبخاصة في القرى الأردنية الصغيرة. كل شيء يعتمد على هطول المطر. لا مطر فلا غلال، ومآل ذلك الجوع والفقر. هكذا كانت الأحوال في تلك الفترة، في منتصف العشرينات من القرن الماضي؛ لا حلَّ سوى الهجرة لمن استطاع ذلك».
ويواصل المؤلف حديثه: «ما زال شبابنا اليوم يحلمون بالهجرة لكنهم لا ينتمون إلى (الزمن الصعب)، فهم يذهبون ويجلبون بعض المال وإن كان ضئيلاً، ويسافرون بالطائرات فيصلون إلى وجهتهم بسويعات قليلة، ويجدون في الغالب من يستقبلهم في بلد العمل، وينقلهم إلى أماكن سكنهم، المجهزة والمفروشة أحياناً، وفي الغالب يتحدثون لغة المقصد، أو الإنجليزية على الأقل. شتان بين هذا الزمن وذاك. (الزمن الصعب) ولَّى، ونرجو ألا يعود، ولكن كان للأشياء قيمة عالية وعزيزة، وكانت الفرحة بها كبيرة».
من أجواء الكتاب