قامشلو/ فريدة عمر – أكدت القيادية في وحدات حماية المرأة، نسرين عبد الله، بأن “قسد” ووحدات حماية المرأة، تخوض معارك عنيفة في سد تشرين وجسر قرقوزاق، وتسطر ملا حم بطولية؛ لرد هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، ودعت عموم شعوب المنطقة للتحلي بروح حرب الشعب الثورية، والالتفاف حول قواتهم العسكرية، لنشر الأمن والحفاظ على وحدة الأراضي السوريّة.
استقبلت سوريا عامها الجديد، بالعديد من المتغيرات والأحلام، سوريا التي عانت منذ عقود طويلة من حكم حزب البعث الذي فرض فيها الظلم والاستبداد، بحق جميع السوريين.
وبينما يحتفل السوريون بإنهاء حقبة مظلمة من تاريخ البلاد، تحاول دولة الاحتلال التركي الاستفادة من الانشغال السوري برحيل النظام، للسيطرة على إقليم شمال وشرق سوريا، لتحقيق أحلامها لإعادة الأمجاد العثمانية، فاحتلت منبج في العاشر من كانون الأول من العام المنصرم، ومن ثم توجه جيش الاحتلال التركي والمجموعات المرتزقة التابعة لها، للسيطرة على سد تشرين جنوب شرق مدينة منبج بـ 30 كم، وهي محطة كهرومائية وثاني أكبر سد في سوريا، وتغذي مناطق منبج وكوباني وبلدات أخرى بالطاقة الكهربائية، وجسر قرقوزاق في جنوب كوباني بـ30 كم الذي يربط شرق الفرات بغربه.
وحدات حماية المرأة ومجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية، تصدت لهم وكبدت المجموعات المرتزقة خسائر كبيرة، وتخوض معارك عنيفة للدفاع عن وحدة الأراضي السوريّة وكافة شعوبها.
وحول الموضوع، أجرت صحيفتنا، حواراً خاصاً مع القيادية في وحدات حماية المرأة، نسرين عبد الله، والحوار جاء على الشكل التالي:
ـ تستمر دولة الاحتلال التركي، بقصفها المباشر عبر مُسيّراتها على إقليم شمال وشرق سوريا، وخاصةً في سد تشرين وجسر قرقوزاق، ما هدف دولة الاحتلال التركي من ذلك؟
بدأت هيئة تحرير الشام هجماتها منذ 27 تشرين الثاني من العام 2024، تحت حملة “ردع العدوان”، على مناطق ريف حلب الغربي، لتمتد إلى ريف حلب الشمالي، ومن ضمنها مناطق الشهباء وتل رفعت ومنبج، كما وصلت للعديد من المناطق السورية من ضمنها العاصمة دمشق، وأعلنت بذلك سقوط النظام السوري.
وفي خضم هذه الحالة التي تمر بها سوريا، سعت دولة الاحتلال التركي مجدداً إلى التلاعب واستغلال الوضع، وكثفت هجماتها على المنطقة، مستخدمةً كافة أنواع أسلحتها المتطورة، وذلك بهدف استكمال مخططاتها في احتلال المزيد من الأراضي السورية، فمنذ بداية الأزمة السورية، استغلت تركيا الفوضى العارمة في البلاد، وغيّرت مسار الثورة، من ثورة مطالبة للحقوق والحرية، إلى ثورة مصالح عن طريق تجنيد المعارضة وتحوليهم إلى مرتزقة وتمويلهم واستخدامهم كأداة لمحاربة السوريين، وقضم المزيد من الأراضي السورية، واحتلال مدينة عفرين وسري كانيه وكري سبي والممارسات والجرائم التي ترتكب هنالك خير دليل على ذلك. حيث أن تركيا تسعى لإعادة إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية، وتنفيذ مخططاتها بما يتناسب مع مصالحها وسعيها بالتدخّل في شؤون هيئة تحرير الشام، التي استلمت إدارة مناطق النظام السابق، مستهدفة في كل مخططاتها لضرب مناطق الإدارة الذاتية، التي كانت ولا زالت الصورة المنصفة لثورة شعوب ومكونات المنطقة، ومهد المقاومة التي قدمت الغالي والنفيس، وحققت مكاسب تاريخية بفضل نضال شعبها، وتضحيات أبناءها وبناتها.
يمكننا القول، بأن عداء الدولة التركية ضد الشعب الكردي، عداء تاريخي وطويل، وتحاول دائماً مع الجهات المعادية لحقوق الكرد، استهداف مشروع الإدارة الذاتية بكلِّ السبل والوسائل، تحت مسمى تهديد أمن تركيا القومي، وهي تسعى لإفشال التجربة الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا.
ـ تسعى دولة الاحتلال التركية للسيطرة عبر الهجمات على سد تشرين، لبناء قاعدة بالقرب منه، بالمقابل هناك مقاومة ورد قوي من مجلس منبج العسكري ووحدات حماية المرأة، كيف تُقيّمون تلك المقاومة؟
حتى هذه اللحظة دولة الاحتلال التركية عملت على بناء قاعديتين عسكريتين في سد تشرين، وجسر قرقوزاق، وهي تقول دائماً بأن أي مكان يصل إليه أي جندي تركي هو منطقة تركية، لذا علينا أن نقاوم هذه الذهنية، وفي الحقيقة قواتنا تسطر ملاحم بطولية في التصدي للمشروع الاستيطاني التركي.
نحن نؤكد بأن قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، بالإضافة إلى مجلس منبج العسكري، يسطرون ملاحم في الرد على تلك الهجمات، هناك مقاومة تاريخية في جبهات القتال، نحن نواجه مخططات الإبادة سواء من الناحية العسكرية أو من الناحية الاجتماعية باستخدام كافة وسائل الحرب الخاصة، لكن بإرادتنا القوية بإمكاننا إفشال تلك المخططات.
خنادق المقاومة وسلاح كل مقاتل وحدها يمكنها أن تسرد حقيقة المقاومة التاريخية والإرادة العظيمة، وحدها تستطيع أن تُثبت للعالم أجمع مدى الإصرار والعزيمة التي تتسلح بها قواتنا في جبهات المقاومة.
ـ يجتمع الكردي مع العربي وغيرهم في خنادق المقاومة، ويُكبدون خسائر فادحة في صفوف المرتزقة، وصد هجمات المحتل التركي، ما هو دور تلاحم أبناء شعوب المنطقة، لردع تلك الهجمات؟
هذا هو روح ثورة التاسع عشر من تموز، إحدى أهم المكتسبات التاريخية التي حققتها ثورتنا، لقد عشنا سنوات طويلة من التمييز والتعصب نتيجة سياسات الأنظمة الحاكمة والمستبدة، سواء من نظام الأسد أو غيرها، التي زرعت الفتنة والحقد والكره بين شعوب المنطقة، وعملت على ضرب وجود الكرد وإخفاء تاريخهم العريق، إلا أن ثورتنا قلعت جذور هذه الكراهية والذهنية الإقصائية، وزعت بدلاً منها التماسك، وما هو موجود على الأرض يؤكد ما نقول.
ففي جبهات المقاومة، يدافع الكرد والعرب والسريان والآشور معاً، وتمتزج دمائهم دفاعاً عن الأرض، حيث توجّه كل البنادق إلى العدو، هذه هي الروح التي اجتمعت تحت مظلة المشروع الديمقراطي والتعايش المشترك، وهذه الروح التي كانت إحدى الركائز الأساسية لنجاح ثورتنا ونقل تجربتنا النوعية للعالم أجمع.
ـ استطاعت وحدات حماية المرأة دحر مرتزقة داعش، واليوم تُقدِّم ملاحم في سد تشرين وقرقوزاق، هل بإمكانكم التحدث عن ذلك؟
دون أدنى شك، علينا أن نثني على هذه المقاومة العظيمة، التي تبديها وحدات حماية المرأة، في سد تشرين وجسر قرقوزاق، حيث لا يمكن للعالم أن ينكر بأن للمرأة الكردية، الدور العظيم في محاربة داعش، وخاصةً في مقاومة كوباني والرقة.
إن وحدات حماية المرأة اليوم، أصبحت مظلة للمرأة من كافة الشعوب والمكونات والطوائف، وأصبحت منبعاً لحرية المرأة ونبراس أمل لكل النساء المناضلات من أجل الحرية، فهن يدافعن عن الإنسانية جمعاء، دون خوف أو تردد يواجهن أقوى الجيوش والإرهابيين، ويتم تلقينهم دروساً في فنون القتال.
المرأة اليوم باتت سياسية، وصحفية، وإدارية، ومقاتلة وقيادية، وهي في الطليعة دائماً، تحمل سلاح وتواجه العدو، وتناضل لأجل حماية كرامة أرضها وشعبها، وضمان وجودها وحماية ذاتها، ما نعتبره شيئاً عظيماً، وهذا ما خلق الإيمان والثقة لدى جميع النساء حول العالم، بقدرات ما تحققه وحدات حماية المرأة.
ـ أمام ثاني قوة في حلف الناتو، هناك مقاومة وردع وتصدي للهجمات، وبأسلحة فردية خفيفة، ما هو الشيء الذي يدعو “قسد” ووحدات حماية المرأة، للثبات والانتصار في الجبهات؟
نعم دولة الاحتلال التركي تستخدم كل التقنيات الحديثة، من طيران حربي ومُسيّر وكافة أنواع الأسلحة المتطورة في حربها ضدنا، فهي تعلم جيداً أنها لا تستطيع محاربة قواتنا برياً، لذلك تلجأ لاستخدام كافة أنواع الأسلحة الثقيلة في الهجمات، لكننا أصحاب عقيدة وقوة وإرادة، فإيماننا بقواتنا قوي، ولهذا لا يستطيع العدو التقدم في الجبهات.
حقيقة، إن ما يظهر من روح معنوية عالية لدى قواتنا في جبهات المقاومة وخنادق القتال، هو مبدأ الإيمان بالنصر، لأننا لا نقبل بالهزيمة والاستسلام، وهدفنا الذي نسعى إليه هو حماية وخدمة شعبنا، وأعتقد هذا هو وجه الاختلاف بيننا وبين أي قوة أخرى، وبالأساس لا يوجد هناك مقارنة بيننا، ورغم الإمكانيات القليلة لدينا، إلا إننا متسلحون بالإرادة الصلبة، واضعين النصر أمام أعيُننا دائماً.
ـ في كل حي وقرية وبلدة، ينظم أبناء الشعب أنفسهم على أساس حرب الشعب الثورية، ما تأثير ذلك على المقاومة التي تُبديها “قسد” في ساحات المقاومة؟
بكل تأكيد، مهما كانت الجبهة الخارجية قوية ومتينة، هنالك حاجة لتقوية الجبهة الداخلية، لأن العدو دائماً يسعى إلى التوغل بين المجتمع ساعياً لتفتيته وخلق الفتن بين الشعوب، عن طريق وسائل حربه الخاصة، إلا إنه عند شعوب إقليم شمال وشرق سوريا، الوضع يختلف، فجميع شعوب المنطقة، وعلى مدار سنوات الثورة، عملت على تنظيم نفسها، بدءاً من الكومين وحتى الوصول لأعلى الهرم.
إلى جانب ذلك، نرى بأن جميع الفئات المجتمعية، من شبان وشابات ونساء ورجال، في كل قرية ومدينة وحي، نظموا أنفسهم عبر طوابير خاصة للحماية، ومن خلالها يحمون أماكن تواجدهم، كما أن الأمهات يقدمنَ جهوداً كبيرة لإعداد الطعام للقوات في الجبهات، وهذا هو روح حرب الشعب الثورية.
نحن بحاجة ماسّة لأن ننخرط جميعاً في صفوف قوات الحماية الجوهرية، بالاعتماد على حرب الشعب الثورية، وإن اجتمعت الإرادة والتنظيم لا يمكن لأي أحد كسر إرادتنا، نحن أقوياء بقوة شعبنا، ونعلم جيداً بأن شعوب ومكونات المنطقة، تقف خلف قواتها التي تدافع عنها، وتثق بقدرتها على الدفاع عنها.
ـ ما هي رسالتكم للمناضلين في خنادق المقاومة، ولشعوب المنطقة في ظل الظروف والتحديات التي تمر بها المنطقة؟
مشروعنا قلبَ كل موازيين الأعداء رأساً على عقب، فعلى مدار 13 عاماً من انطلاقة ثورة روج آفا، قدمنا الآلاف من الشهداء، ونحن مدينون لهم ولتضحياتهم، وهذا ما يُزيدنا إصراراً على النضال والمقاومة وتحقيق النصر، نحن أصحاب حق وتاريخنا النضالي يشهد لنا، لذا نحن مُصِرّون على عهدنا أن نكمل مسيرة الحرية التي سلكها شهدائنا الخالدين، حتى دحر الإرهاب وإخراج الاحتلال من أراضينا المحتلة، وأن نضمن حياة حرة كريمة لشعبنا بمختلف لغاته وأديانه ومكوناته.
ومن هنا، أقول: إن نضال شعبنا، محل فخر واعتزاز، ومصدر قوة لنا، وخاصةً إننا نمر بمرحلة حساسة للغاية، لذلك، علينا التنبه والحذر من أي محاولات تهدد وجودنا وفكرنا ومكتسباتنا وإدارتنا، وعلينا الالتفاف حول قواتنا العسكرية والأمنية، للحفاظ على مكاسبنا، ولنرفع معاً شعلة الحرية والنصر، وسنحقق معاً وطن حر ديمقراطي، للجميع.