يونس بهرام
تشير المعطيات على الأرض إلى أن الشعب السوري قد استفاق من “حلم النصر” على نظامه، ليواجه واقعاً جديداً مفعماً بالدماء والدمار في عدة مدن سوريّة، هذا التحول يعكس واقعاً مريراً حيث يشعر الشعب بأنه لا يزال ضحية صراعات إقليمية ووكلاء حروب ومرتزقة لا تنتهي.
إن النسيج السياسي والعسكري المتعدد في حلبة الصراع السوري يتسم بالتشظي وعدم التجانس بين القوى المختلفة، حيث تتبع أكثرية الفصائل العسكرية والسياسية مرجعيات خارجية مثل تركيا وإيران ودول أخرى، متخذين الارتزاق كمبدأ لهم، وهو ما يمنع وجود مرجعية وطنية جامعة لسوريا.
كما إن التدخّل التركي وتبِعاته يُشير إلى أن تركيا تسعى إلى تعزيز نفوذها في سوريا، ليس حباً بالشعب السوري، ولكن لأهداف استراتيجية عدة:
١- استغلال أداء الوضع الضعيف للقائمين بالعمل في دمشق أملاً بالحصول منهم على عقد صفقات غير مدروسة في إعادة الإعمار. واستخراج النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية بين سوريا وتركيا.
٢- طمعها في بناء جيش سوريا، مُشكّل من مجموعاتها ومرتزقة ذات تبعية تامة للجيش التركي، وقد يكون ذلك عاملاً مساعداً لتركيا فيما بعد لمقارعة القوات الدفاعية الكردية.
كل هذا قد يزيد من تعقيد الوضع في المستقبل نتيجة التدخّل التركي المفرط، مُحذراً من أنه قد يساهم في تصعيد الصراع بدلًا من إنهائه.
التحديات أمام الكُرد
أزمة القيادة الكردية في سوريا تطرح تساؤلات عن قدرة البعض من الشخصيات الكردية على تقديم حلول حقيقية للقضية الكردية. يُشير إلى أن بعض الشخصيات قد تكون جزءاً من المشكلة أكثر من كونها جزءاً من الحل، بسبب ارتباطاتها مع القوى التي تعارض القضية الكردية، وباتت أسماؤهم معروفة للشارع الكردي والسوري أيضاً.
ضرورة بناء البيت الكردي داخلياً
ضرورة ترتيب البيت الكردي داخلياً قبل اتخاذ أي خطوات سياسية كبرى، حيث يُنتقد تعامل بعض القيادات الكردية مع أطراف معادية للقضية الكردية، وهو ما يُعرقل تطور القضية ويؤدي إلى ضعف الموقف الكردي على الساحة السياسية والعسكرية.
والسؤال الذي يطرح نفسه للشارع الكردي، ماذا يمكن أن تُقدم أو قدمت قيادات المجلس الوطني الكردي لروج آفا؟!
هل باستطاعتهم أن يؤمّنوا وجبة غذاء واحدة وليوم واحد لقسد ولوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة.
هل لديهم إمكانية تسليح الجبهات المقاتلة.
هل فكروا يوماً في تأمين كتب، وكتابة مناهج الطلبة في المدارس؟ وأسئلة أخرى كثيرة تدور في ذهن السائل.
إذا كانوا ليسوا بذلك المستوى وبناءً على تصريحات “مسؤوليهم” أعلاه للصحافة، فالاستغناء عنهم في الوقت الحالي أفضل من وجودهم.
وأخيراً لولا الضغوط الإقليمية والدولية وخاصةً من الولايات المتحدة وفرنسا، تحت تأثير ضغط لوبي تركي، لدمج شخصيات معينة في العملية السياسية، هذه الخطوة قد تكون محفوفة بالمخاطر، لأنها قد تمنح تركيا نفوذاً أكبر في الملف الكردي.
إن الواقع المتشابك الذي يعيشه الشعب السوري بشكلٍ عام والكُرد بشكلٍ خاص، حيث يتشابك التدخّل الإقليمي والدولي مع القضايا المحلية. الحلول السطحية قد لا تكون فعّالة في هذا السياق المعقد، بل يتطلب الأمر وجود قيادة وطنية قادرة على توحيد الصفوف والعمل لمصلحة الشعب السوري بأكمله، مع الحذر من أي تدخّلات قد تؤدي إلى تقسيم أكثر للوطن السوري.