كاوە نادر قادر
عند التدقيق في رسالة المفكر “عبد الله أوجلان” الأخيرة من سجن إيمرالي، يمكن ملاحظة نقده الواضح ليس فقط للسلطة التركية الحالية بل أيضًا يشير إلى أهمية المعارضة في تحقيق السلام في تركيا.
فمنذ أن تم اعتقاله في عام 1999، واصل حزب العمال الكردستاني (PKK) استراتيجيته التي تُركز على مقاومة السلطة الحاكمة، وهي استراتيجية ما زال يدافع عنها بقوة حتى اليوم.
استراتيجية حزب العمال الكردستاني وتوجهات المفكر عبد الله أوجلان:
من خلال الرسالة الأخيرة، يتضح أن المفكر “عبد الله أوجلان” يضع أهمية خاصة على دور المعارضة في تحقيق التغيير في تركيا، مؤكدًا إن السلام في البلاد لن يأتي من السلطة الحاكمة الحالية برئاسة “أردوغان”، بل من خلال التعاون مع القوى السياسية المعارضة التي يجب أن يكون لها دور أكبر في المرحلة المقبلة، ويرى أن النظام التركي الحالي يسعى لاحتكار السلطة وتقليص دور القوى السياسية الأخرى، ويشدد على أن أي حل للأزمة الكردستانية والصراعات الداخلية في تركيا يتطلب إشراك كافة الأطراف السياسية، بما في ذلك المعارضة.
دور المعارضة في تحقيق السلام
هذا التوجه لم يكن غريبًا على السياق التاريخي للصراع الكردستاني التركي، فعلى مدار السنوات، كان المفكر “عبد الله أوجلان” يُعبّر عن قناعته بأن التغيير السياسي في تركيا لا يأتي من خلال القوى الحاكمة فقط، بل من خلال حوار مفتوح وشامل يتضمن الأطياف السياسية المختلفة، بما في ذلك الأطراف المعارضة، في هذه الرسالة الأخيرة، يتخذ موقفًا أكثر وضوحًا بأن السلطة الحالية، المتمثلة في حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، لم تعد قادرة على تحقيق السلام أو تقديم الحلول الفعالة للأزمة الكردستانية.
السياق التاريخي للصراع الكردستاني-التركي
حينما اجتمع وفد من الحركة الكردستانية مع وفد الحكومة التركية في نيسان ٢٠٢٤ في إحدى الدول الأوروبية، أكد الطرف الكردستاني خلال الجلسة التمهيدية على نفس النقطة، وهي أن أي مسار تفاوضي أو تسوية لا يمكن أن يكون فعالًا دون إشراك المعارضة في صنع القرار. الرسالة واضحة: الحلول السياسية لا بد أن تشمل جميع القوى السياسية في تركيا، لأن الحلول الأحادية قد تفرز مزيدًا من التوتر والصراع.
لقاءات الحركة الكردستانية مع الحكومة التركيّة
من جهة أخرى، إذا نظرنا إلى الموقف الأمريكي وتحليل التحالف الدولي في المنطقة، نجد أن دول الغرب، وخاصةً الولايات المتحدة، تنظر إلى الوضع في تركيا بعين المراقب، حيث ترى أن الحلول طويلة الأمد لن تأتي إلا عندما توازن الحكومة التركية مصالحها مع المعارضة.
وفي هذا السياق، يظهر أن التحالف الدولي يعوّل على الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه المعارضة التركية في إعادة صياغة السياسات الداخلية التركية، خاصةً فيما يتعلق بالمسألة الكردستانية. التصريحات الأمريكية الأخيرة تدعم هذا الموقف، حيث أبدت الولايات المتحدة دعمها لأي عملية سياسية تهدف إلى إشراك المعارضة في الحوار السياسي.
الموقف الأمريكي والتحالف الدولي
أما فيما يتعلق بمستقبل الصراع الكردستاني مع تركيا، فيبدو إن المفكر “عبد الله أوجلان”، من خلال رسالته الأخيرة، يعتقد أن المعارضة ستكون القوة التي ستقود البلاد نحو حلول مستدامة.
ربما كان القائد عبدالله أوجلان يُلمح إلى أن الجولة الأخيرة من الصراع السياسي لصالح المعارضة التي أصبحت أكثر قوة في التأثير على القرارات السياسية في أنقرة. وتُظهر التقارير أن القوى المعارضة قد بدأت في اكتساب دعم شعبي أكبر، خاصةً في المناطق التي عانت من التهميش نتيجة سياسات الحكومة الحالية.
مستقبل الصراع الكردستاني-التركي
الرسالة تشير إلى أن التغيير قادم، وأن السلطة التركية الحالية لا يمكنها الاستمرار في السيطرة الكاملة على مفاتيح الحلول السياسية، فالتغييرات التي ستحدث في تركيا، بحسب رأي المفكر “عبد الله أوجلان”، ستنطلق من أحزاب المعارضة التي ستكون في المستقبل القريب قادرة على دفع عملية السلام في البلاد إلى الأمام، هذا الطرح يشير إلى أن السلام في تركيا ليس مرهونًا بيدٍ واحدة، بل سيكون نتيجة حوار شامل وجاد بين جميع الأطراف السياسية في البلاد.
الخاتمة