قامشلو/ ملاك علي ـ من آلاف القصص، قصة طفلتين عانتا ويلات الحرب ومشقة التهجير، لا زالت آثارها عالقة في مخيلتهما، رغم وصولهما إلى بر الأمان.
شهدت مناطق إقليم شمال سوريا، موجات تهجير متتالية على مدار السنوات الأخيرة، نتيجة الصراعات والقصف المستمر عليها، وكانت الشهباء محطة عبور لآلاف العوائل المهجرة من عفرين بعد احتلالها عام 2018، حيث لجؤوا إليها بحثاً عن ملاذ آمن.
والتي سرعان ما تحولت إلى مكان غير آمن، نتيجة ازدياد القصف واستمرار تهديدات الاحتلال التركي، ومع غياب الظروف الملائمة للحياة الكريمة، اضطرت العديد من العوائل للهجرة مجدداً، حيث اتجهت معظمها نحو مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، حيث الأمان والاستقرار.
طفولة بطعم العلقم
ومن الأطفال المهجرات من عفرين إلى مدينة قامشلو “آية علي بكر“، ذات 12 عامًا، والتي عاشت تجربة مريرة مع التهجير القسري المتكرر لمرتين خلال مسيرة حياتها القصيرة، حيث تركت الحرب والقصف العشوائي بصمات عميقة على طفولتها، لتصبح شاهدة على أحداث ومشاهد مروعة عجزت عن محوها من ذاكرتها.
ففي عام 2018، اضطرت الطفلة “آية” وعائلتها مغادرة منزلهم بمدينة عفرين بسبب احتلالها من المرتزقة المدعومة من تركيا الفاشية، والاستقرار في الشهباء، حيث عاشوا ظروفًا صعبة دامت سبع سنوات.
ومع استمرار وتزايد القصف في الشهباء، اضطرت عائلة “آية”، للتهجير مرة أخرى، وخلال رحلتهم الشاقة، واجهت “آية” مشهدًا مرعبًا ترك أثراً عميقًا في نفسها، حيث شاهدت مرتزقة الاحتلال يقومون بذبح شخص أمام أعينها، واصفة تلك اللحظة بأنها الأصعب في حياتها، فقد عاشت الخوف والرعب وكأنهما رفيقا دربها.
وكانت رحلة تهجيرهم قسراً من الشهباء إلى مناطق إقليم شمال وشرق سوريا والتي استغرقت خمسة أيام، مليئة بالمخاطر والمعاناة، فقد انتقلت آية وعائلتها خلال هذه الفترة القصيرة بين القرى والطرق الوعرة، باحثين عن مكان آمن بعيداً عن القصف يضمن لهم العيش بسلام دون خوف.
محاولات متعمدة لبث الرعب في النفوس
ولم تكن الطفلة “نذيرة دوغان” ذات الـ 12 عاماً، من مدينة عفرين، أفضل حالاً من آية، حيث أجبرتها ظروف الحرب والنزاعات على التهجير مرتين خلال حياتها القصيرة أيضاً، فمع احتلال عفرين، اضطرت عائلتها إلى الهجرة الأولى نحو مخيم الشهباء بحثاً عن الأمان، لكن سرعان ما لاحقتهم الحرب مرة أخرى مع تصاعد القصف هناك، مما دفعهم إلى الهجرة مجدداً نحو وجهة مجهولة.
وقد استغرقت رحلة التهجير الأخيرة للطفلة “نذيرة” وعائلتها أيضاً خمسة أيام مليئة بالرعب والخوف، حيث تعرضوا خلال رحلة تهجيرهم لاعتداءات متكررة من المرتزقة، كالقنص المتعمد لبث الرعب في نفوسهم، والألفاظ البذيئة التي تقشعر لها الأبدان.
يذكر، أن قصة هاتين الطفلتين ” آية ونذيرة”، تجسد معاناة آلاف الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع، إذ تحمل ذاكرتهم الصغيرة آثار الخوف، والتشرد بعيداً عن ديارهم، وتؤكد الحاجة الملحة لتوفير الحماية والدعم اللازم للأطفال في تلك المناطق.