الدرباسية / نيرودا كرد ـ أشارت عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف، إلى أن ما يشهده العالم اليوم من صراعات وحروب ينعكس بشكل متسارع على المنطقة والشرق الأوسط، ولفتت إلى أن سوريا تعيش حالة من الفوضى. لذلك؛ فهي معرضة لكل السيناريوهات المحتملة، وأوضحت، بأن دولة الاحتلال التركي تعتمد على افتعال الحروب والصراعات لتحقيق غاياتها، وأن حرب الشعب الثورية هي ضمانة السلام والاستقرار ورد العدوان.
يعيش العالم برمته حالة من المخاض العسير، والذي ستتمخض عنه خرائط جديدة سترسم لمناطق واسعة من الكرة الأرضية، هذه الخرائط ستثبت أقدام قوى قائمة بذاتها، في حين ستجر أقدام قوى أخرى نحو الهاوية، وفي الوقت ذاته، فإن قوى جديدة ستولد لتأخذ مكانها على الساحة الدولية بدلا من العديد من القوى التقليدية المتواجدة الآن.
ومن هنا، نستطيع القول: إن العالم يعيش اليوم رحى حرب عالمية ثالثة، متعددة ومتباعدة الجبهات، فمن الحرب الروسية الأوكرانية، مرورا بالحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وصولا إلى التوترات، التي تشهدها منطقة بحر الصين الجنوبي ومناطق شمال آسيا، هذه المعارك المشتعلة، كلها تنذر بأننا على أبواب عالم جديد تتغير فيه قواعد اللعبة بشكل جذري، وترسم فيه خطوط اشتباك جديدة.
في هذه الساحات، نرى أن الشعوب هي من تدفع الفاتورة الأكبر ثمنا لهذه النزاعات التي لا ناقة لها فيها ولا جمل، فهي التي تقدم الضحايا، وهي التي تتشرد وتهدم بيوتها وأحياؤها وقراها وتدفع الأثمان، في الوقت الذي تتصارع فيه القوى المهيمنة لاغتنام الحصة الأكبر من الكعكة.
تعدُّ منطقة الشرق الأوسط الخاصرة الرخوة في ظل هذه الفوضى العالمية، وذلك بسبب عواملها الذاتية وتناقضاتها الداخلية، حيث تعمل القوى العالمية على تأجيج الصراع المشتعل أصلاً.
الأوضاع تحتم علينا الجهوزية العالية
وحول هذا الموضوع، التقت صحيفتنا، عضوة الهيئة الرئاسة لحزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف: “كما هو معلوم، فإن العالم اليوم يشهد حرباً كبرى، هذه الحرب التي تكبر وتتوسع يوما بعد يوم، ومن خلال المعطيات على الأرض، نرى أن الشرق الأوسط ينال الحصة الأكبر من هذه الحرب، التي تؤثر بشكل خاص على سوريا وعلى مناطقنا، وذلك بسبب جملة من التناقضات التي يعاني منها الشرق الأوسط، منذ أكثر من قرنين. لذلك؛ فإن هذه المنطقة مفتوحة على الاحتمالات كافة، وهذا يؤثر بشكل كبير على شعوبها”.
وأضافت: “في سوريا بالتحديد، التي هي جزء من منطقة الشرق الأوسط، وبلد يعاني منذ 13عاما من الحرب، فإن الأساس موجود لتعميق الفوضى وانتشارها أكثر، لذلك، فإن هذه المؤشرات الموجودة تفرض علينا أن نتجهز لكل السيناريوهات المطروحة، حيث أننا لا نستطيع الحديث عن الاستقرار والأمن، ما لم يتم إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية؛ لأن سوريا لا تزال تعاني أزمة سياسية وأمنية، ولهذا يمكننا القول: إن احتمالات انخراط سوريا في حرب أوسع هي احتمالات جدية، فمن ناحية الأوضاع في إسرائيل وغزة ولبنان، ومن ناحية أخرى تهديدات دولة الاحتلال التركي، وكذلك الفوضى الموجودة على الحدود العراقية – السورية، لذلك نستطيع أن نقول، إن سوريا تقع على خط النار”.
وتابعت: “لا شك أننا في إقليم شمال وشرق سوريا، نشكل جزءاً من هذه المعادلة، وكل هذه العوامل التي ذكرناها تؤثر علينا بشكل أو بآخر، حيث إننا نقع على الحدود مع العراق ودولة الاحتلال التركي، وهذان الطرفان يعانيان من مشاكل داخلية تؤثر علينا في إقليم شمال وشرق سوريا، ومن ناحية أخرى؛ فإن سياسة دولة الاحتلال التركي، لا تزال تعتمد على الحرب وافتعال الفوضى، ومن جهة ثالثة الصراعات الدائرة بين الإسرائيليين والميلشيات الإيرانية على مشارف دير الزور، وكل هذا يفرض علينا في إقليم شمال وشرق سوريا، تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بنا”.
وزادت: “هذه الأمور كلها تُفسر لنا الاستعدادات الجارية في مناطقنا منذ زمن للمواجهات العسكرية، ودرء الخطر عن إقليم شمال وشرق سوريا، والتي انتقدتها الكثير من الأطراف، وانتقاد هذه الأطراف نابع عن عدم تحليلهم بشكل دقيق للأمور السياسية، التي تجري على أرض الواقع، لذلك ينظرون إلى إجراءاتنا الدفاعية بعين اللامبالاة، ونحن نعلم بأن أي عملية سلام أو حل، تعتمد بشكل أساسي على وجود قوة عسكرية مدربة للحفاظ عليها، والتجارب أثبتت بأن الدول الضعيفة عسكريا، دائما ما تكون سهلة المنال، وأرض خصبة للفوضى والمشاريع الاستعمارية التوسعية، خاصة وإن شعوبنا تتعرض في هذه المرحلة لإبادة جسدية وسياسية وثقافية، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض علينا، وهذا يتطلب منا تقوية استراتيجيتنا الدفاعية”.
مصلحة شعوبنا هي الأهم
وِأشارت فوزة: “الوقائع تشير إلى أن موجة الصراع في الشرق الأوسط ستتسع، وإن إسرائيل لن توقف حربها ما لم تنجح في القضاء على أذرع إيران في المنطقة، رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار بينها وبين لبنان، ونرى أن حكومة دمشق لا تزال تتبع سياسة النأي بالنفس عن كل هذا الصراع، ولا تريد الانخراط فيه بأي شكل من الأشكال، لكن من غير المعلوم إلى أي مدى ستستطيع الاستمرار في هذه السياسة، خاصة وإن إيران تسعى بشتى السبل لجر حكومة دمشق إلى هذه المعركة، لأن إيران ترى في سوريا ساحة مقاومة في وجه إسرائيل، لذلك نستطيع أن نجزم أن سوريا ستبقى لوقت طويل بعيدة عن ساحة المواجهة، وهذا ما تثبته الهجمات الإسرائيلية المتكررة للمواقع العسكرية الإيرانية في سوريا، وكذلك هجمات الميلشيات الإيرانية على القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في إقليم شمال وشرق سوريا”.
وأوضحت: “كما أشرنا في مرات سابقة، فإننا في إقليم شمال وشرق سوريا سنبقى بعيدين عن هذه المعارك، إلا أنه في حال وصلت المعركة إلى الأراضي السورية، فإننا معنيون بكل تأكيد بالدفاع عن مناطقنا، ولن نخوض أي معركة لا تصب في مصلحة شعبنا، وفي هذا السياق، فإن دولة الاحتلال التركي تسعى للاستفادة من انشغال العالم بما يجري بين إسرائيل وفلسطين، من خلال استئناف مخططها الاستعماري الذي رسمته لمناطق شمال وشرق سوريا”.
ولفتت: “نؤكد دائما على جهوزيتنا لصد مثل هذه الهجمات، بالإضافة إلى تعاملنا مع المستجدات التي ستطرأ على الساحة السورية، وإذا ما تعمقت الحرب السورية سنكون أمام تحديات جديدة، من ضمنها استقبال النازحين من مناطق القتال إلى إقليم شمال وشرق سوريا، ونحن نستعد للتعامل مع هذا الملف أيضا، ومن هذا المنطلق، فإن الحل السياسي للأزمة السورية بات ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، وهنا لا بد من الإشارة إلى مواقف الإدارة الذاتية الديمقراطية، التي تسعى دائما لفتح قنوات الحوار مع الأطراف السورية، إلا أن حكومة دمشق لا تزال تتهرب من هذا الاستحقاق، على الرغم من ادعائها المتكرر حول صون وحماية وحدة الأراضي السورية”.
تقوية الجبهة الداخلية أولوية وضرورة
وأردفت: “انطلاقا من هذه المعطيات، فإن حرب الشعب الثورية تكتسب أهمية كبرى لشعبنا، لأن استراتيجية حرب الشعب الثورية هي ضمانة للسلام والاستقرار في مناطقنا. لذلك؛ يتوجب على شعبنا التعامل مع الوقائع بناء على ضرورة وجود هذه الاستراتيجية، والتعامل على تقويتها وتعزيزها من خلال تنظيم صفوف الشعب، والتصرف بروح المسؤولية حيال الوطن والأرض والحفاظ على ثقافته وتراثه، لأننا أمام مخاطر كبرى، وكذلك أمام فرص كبرى لمواجهة هذه المخاطر”.
عضوة الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف، أنهت حديثها: إن “قوتنا العسكرية بمختلف تشكيلاتها تعمل على إعداد الشعب لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية، ولكن علينا العمل على تقوية هذه الجبهة، لأننا لا نزال نعاني من ضعف من ذهنية الإيمان بأن العمل الدفاعي هو عمل متكامل بين الشعب والقوات العسكرية، وما يجب تعزيزه في هذه المرحلة هو ثقافة الدفاع المشترك بين الشعب والقوات العسكرية، لأن ضعف هذه الثقافة يعرضنا لمخاطر إضافية، خاصة وإن تجارب الشعوب أثبتت لنا أهمية هذه النقطة، وأيضاً لنا تجارب من خلال مواجهة المرتزقة؛ لأن تكاتف الشعب مع القوات العسكرية شكل عاملا مهما في انتصاراتنا التي حققناها”.