بدرخان نوري
تتبادل طهران وتل أبيب حالتي التهديد والقصف الفعليّ مع استمرار الحرب في غزة وجنوب لبنان، وبعد جولة القصف الإسرائيليّ الأخير على مواقع إيرانيّة “حساسة”، لا يزال واضحٍ ما إذا كانت طهران ستردُّ على الهجوم الإسرائيليّ، رغم تصريحات المسؤولين الإيرانيّين عالية النبرة بأنّ بلادهم ستوجّه “رداً قاسياً” لإسرائيل، وفي إطار أوسع للتحالفات الدوليّة يرتفعُ إيقاع التهديد بين واشنطن وموسكو المتعاونة مع بكين والتي تخشى واشنطن تطوير قدراتها العسكريّة.
تبادل القصف والتهديد
نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكيّة الجمعة عن ثلاثة مسؤولين إيرانيّين، مُطلعين على التخطيط العسكريّ لطهران، القول إنّ المرشد الأعلى علي خامنئي أمر المجلس الأعلى للأمن القوميّ بالاستعداد لمهاجمة إسرائيل. وذكر المسؤولون، أنَّ خامنئي اتخذ هذا القرار بعد اطلاعه على تقرير مفصّل من كبار القادة العسكريّين حول حجم الأضرار التي لحقت بقدرات إنتاج الصواريخ الإيرانيّة وأنظمة الدفاع الجوي حول طهران والبنية التحتية الحيوية للطاقة وميناء رئيسي في جنوبي البلاد.
وقال خامنئي إن نطاق الهجوم الإسرائيلي وعدد الضحايا، حيث قُتل ما لا يقل عن أربعة جنود، كبير للغاية بحيث لا يمكن تجاهله، مشدداً أنّ عدم الرد سيعني الاعتراف بالهزيمة، وفقاً لهؤلاء المسؤولين.
ووفقاً للصحيفة؛ فمن غير الواضح متى وكيف سترد إيران وما إذا كانت هذه التصريحات مجرد “تبجح” لكسبِ نفوذٍ في المفاوضات.
أكد نائب قائد الحرس الثوري الإيرانيّ، علي فدوي، الخميس أن ردَّ بلاده على الهجوم الإسرائيليّ الأخير أمر حتميّ، مُشيراً إلى أن إيران لم تترك أيّ هجوم بلا رد منذ أكثر من 40 عاماً. ونقلت وسائل إعلام عن فدوي قوله: “يمكننا استهداف كل ما لدى إسرائيل في عملية واحدة”.
يوم الخميس، حذّر قائد الحرس الثوري الإيرانيّ حسين سلامي من أنَّ الردَّ المقبل على إسرائيل “لن يكون ممكناً تصوره”. ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن محمد محمدي كلبيكاني مدير مكتب المرشد الإيرانيّ الأعلى علي خامنئي القول: إنّ ما قامت به إسرائيل مؤخراً كان خطوة يائسة سترد عليها طهران “رداً قاسياً يجعلها تندم”.
ونقلت شبكة CNN الأمريكيّة عن مصدر رفيع المستوى لم تُسمِه قوله، الأربعاء أنّ إيران ستوجّه رداً حاسماً ومؤلماً على الهجمات الإسرائيليّة، وقال المصدر المطلع على المشاورات الإيرانيّة للشبكة: “ردّ إيران على العدوان الإسرائيليّ سيكون حاسماً ومؤلماً”.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس إنّ إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي مكان في إيران إذا دعت الحاجة، وأضاف في كلمة أمام ضباط جدد بالجيش إن إسرائيل تتمتع بحرية غير مسبوقة في العمل بعد غاراتها الجوية الأخيرة على إيران.
وتابع نتنياهو: “تتمتع إسرائيل اليوم بحرية عمل أكبر في إيران من أي وقت مضى. يمكننا الوصول إلى أي مكان في إيران حسب الحاجة”. وأضاف: وقال إن “الهدف الأسمى الذي أعطيته لقوات الدفاع الإسرائيلية وفروع الأمن هو منع إيران من الحصول على سلاح نووي”.
والثلاثاء 29/10/2024 حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ هرتسي هاليفي إيران من مغبة الإقدام على أيّ رد على الغارات الجويّة التي شنتها إسرائيل قرب طهران وقال هاليفي أمام أفراد من سلاحي الجو والبر شاركوا في الضربة على إيران “إذا ارتكبت إيران خطأ إطلاق وابل صاروخي آخر على إسرائيل، فسنعرف مرةً أخرى كيفية الوصول إلى إيران، بقدرات لم نُستخدمها حتى هذه المرة”.
وهاجم الجيش الإسرائيليّ في 26/10/2024 تشرين الأول أهدافاً عسكريّة في الأراضي الإيرانيّة رداً على هجوم صاروخيّ إيرانيّ على إسرائيل في 1/10/2024. وأعلنت إسرائيل أنّ ضرباتها استهدفت خصوصاً منشآت تصنيع الصواريخ فيما قللت طهران من أهميتها.
نحو إيقاف التصعيد
والخميس قال وزير الخارجية السعوديّ الأمير فيصل بن فرحان: إنّ إيران أبلغتهم أن استمرار دورة التصعيد الإقليميّة ليس في مصلحتها، لافتاً إلى أنّه أكّد لنظيره الإيرانيّ عباس عراقجي “ضرورة تجنب أيّ تصعيدٍ في المنطقة”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ “الحوار مع إيران هدفه أن تسير العلاقات في مسارها الصحيح”، وموضحاً أن “الإيرانيّين يتجهون نحو إيقاف التصعيد في إسرائيل”.
وأضاف بأن سياسة السعودية تلتزم التركيز على التطور بدلاً من الانجرار نحو التوترات الإقليميّة، مشيراً إلى أن السعودية تتمتع بالقدرة على التعامل مع الأزمات في المنطقة والحفاظ على الاستقرار، وحول التطبيع مع تل أبيب، أوضح الوزير السعودي، بأنّه لا تطبيع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينيّة، وأكد بأن السعودية مستعدة للتعامل مع أي رئيس أمريكيّ مقبل.
رد أمريكيّ على طهران
قال كمال خرازي، مستشار المرشد الإيرانيّ، الجمعة، من المرجّح أن تزيد طهران نطاق صواريخها الباليستية، إلى ما يتجاوز الحدّ الذي فرضته على نفسها وهو ألفي كم، وأضاف: من الممكن أيضاً مراجعة عقيدة إيران النوويّة وسط توترٍ متزايد مع إسرائيل وتبادل الضربات الجويّة معها.
وأشار خرازي، إلى أنّه رغم أن إيران تملك القدرة من الناحية الفنيّة على إنتاج الأسلحة النوويّة، فإنّها مقيّدة حالياً بفتوى أصدرها المرشد علي خامنئي، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وأكد مستشار المرشد الإيرانيّ، أن بلاده ستردُّ على إسرائيل في الوقت المناسب وبالطريقة التي تختارها، على الضربات الجوية الإسرائيلية قرب طهران ومناطق أخرى الأسبوع الماضي.
وتعليقاً على تصريحات كمال خرازي، مستشار الزعيم الأعلى الإيرانيّ علي خامنئي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكيّة للحرة: “لقد أوضح الرئيس بايدن إنّنا ملتزمون بعدم السماح لإيران بالحصول على سلاح نوويّ مطلقاً ونحن مستعدون لاستخدام كل عناصر القوة الوطنيّة لضمان هذه النتيجة.” وأضاف “لا نزال نشعر بقلق عميق إزاء الأنشطة النوويّة الإيرانيّة وسنواصل مراقبتها بحذر”. واستطرد قائلاً: “لا يزال مجتمع الاستخبارات يعتقد أن المرشد الأعلى لم يتخذ قراراً باستئناف برنامج الأسلحة النوويّة الذي علقته إيران عام 2003. ومع ذلك، فإننا نأخذ أيّ تصعيدٍ نوويّ من جانب إيران على محمل الجد وسنرد بالشكل الملائم”.
العراق ميدان الرد
وكان موقع “أكسيوس” نقل، الخميس، عن مصدرين إسرائيليين القول إن إيران تستعد لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية في الأيام المقبلة، وقد يكون ذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكيّة في 5 تشرين الثاني الجاري. وبحسب الموقع؛ فإن تنفيذ الهجوم من خلال المجموعات الموالية لإيران في العراق وليس مباشرة من الأراضي الإيرانيّة يمكن أن يكون محاولة من إيران لتجنب هجوم إسرائيلي آخر ضد أهداف استراتيجية.
ويمكن لإيران أن تضع استعداداتها بسرعة موضع التنفيذ إذا قررت توجيه ضربة قريباً، لكن الولايات المتحدة لا تعرف ما إذا كان هذا القرار قد تم اتخاذه، وفق ما قال مسؤول أمريكيّ للموقع.
وقالت المصادر إن المخابرات الإسرائيلية تشير إلى أنه من المتوقع أن يتم تنفيذ الهجوم من العراق باستخدام عدد كبير من الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية.
أعلنت “المقاومة الإسلامية في العراق”، الجمعة 1/11/2024، أنّها شنت 6 هجمات بالطيران المسيّر على أهداف حيويّة في إسرائيل خلال الساعات الماضية. وجاء في 6 بيانات منفصلة للجماعة عبر تلغرام أن “مجاهدي المقاومة الإسلامية في العراق هاجموا اليوم الجمعة هدفين حيويين في الجولان المحتل، بواسطة الطيران المسيّر، في هجومين منفصلين”.
وفي بيانات أخرى قالت “المقاومة العراقية” إنها شنت هجمات منفصلة على ثلاثة أهداف حيوية “في جنوب الأراضي المحتلة” خلال هذه الساعات بواسطة الطيران المسيّر. ولاحقا قالت في بيان إنها هاجمت بواسطة الطيران المسيّر “هدفاً حيوياً في وسط الأراضي المحتلة”.
جاهزيّة روسيّة نوويّة
شارك الرئيس الروسيّ الثلاثاء 29/10/2024 في تدريباتِ قواتِ الردعِ الاستراتيجيّة، وأكد أنّ بلاده تؤكد على موقفها المبدئيّ المتمثل في أنّ استخدام الأسلحة النوويّة هو الملاذ الأخير، مشيراً إلى أنّ روسيا لن تنجر إلى سباق تسلح جديد، ولكنها ستحافظ على قوتها النووية عند المستوى المطلوب. وفق ما نقلت وكالة “تاس” الروسيّة جديد.
وقوات الردع الاستراتيجية هي أحد عناصر القوات الروسيّة المخصصة لردع العدوان على روسيا وحلفائها، وللإطاحة بالعدو في حرب تستخدم أنواعاً مختلفة من الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة النووية، وفق وكالة روسيّة. وفي 25/12/2023 أعلن بوتين أنَّ الثالوث النوويّ الروسيّ يبقى الضمان الأهم لأمن روسيا ومواطنيها. واقترح حينها، مناقشة تحديث أسس سياسة روسيا في مجال الردع النوويّ خلال الاجتماع الدائم الانعقاد لمجلس الأمن الروسيّ بشأن الردع النوويّ.
وفي 19/9/2024 أكد رئيس مجلس “الدوما” الروسيّ فياتشيسلاف فولودين أن دعوة البرلمان الأوروبي لتوجيه ضربات ضد روسيا بأسلحة غربية ستؤدي إلى حرب عالميّة باستخدام الأسلحة النووية. وكتب فولودين: “إذا حدث هذا، فإن روسيا سترد بصرامة باستخدام أسلحة أكثر قوة. ولا ينبغي لأحد أن يكون لديه أوهام حول هذا الأمر”.
وتبنّى أعضاء البرلمان الأوروبيّ في جلسة عامة في ستراسبورغ في 17/9/2024، بأغلبية الأصوات قراراً بشأن أوكرانيا يدعو دول الاتحاد الأوروبيّ للرفع الفوري لجميع القيود المفروضة على ضربات كييف على الأراضي الروسيّة.
وسبق أن أكد الرئيس الروسيّ بوتين أن دول “الناتو” لا تناقش الآن فقط الاستخدام المحتمل للأسلحة الغربية بعيدة المدى من قِبل كييف، بل في الواقع، هي تقرر ما إذا كانت ستشارك بشكلٍ مباشر في الصراع الأوكراني. وأضاف أن المشاركة المباشرة للدول الغربية في الصراع الأوكراني ستغير جوهره، وستضطر روسيا إلى اتخاذ قرارات بناءً على التهديدات التي تواجهها بهذه الطريقة.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسيّ، سيرغي ريابكوف، في 1/9/2024، أنَّ بلاده ستدخل تعديلات على عقيدتها النوويّة رداً على مواقف الغرب تجاه الحرب في أوكرانيا. وتنص العقيدة النووية على استخدام القوات الروسيّة أسلحة نوويّة “في حال تعرضت البلاد لهجوم نووي أو حتى هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة”، وفقاً لمرسوم أصدره الرئيس الروسيّ عام 2020.
على حافة صراع عسكريّ مباشر
اعتبر وزير الخارجية الروسيّ بأن الرئيس الأمريكيّ دفع دوامة رهاب روسيا في الولايات المتحدة إلى أقصى الحدود، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وروسيا باتتا على حافة صراع عسكريّ مباشر. جاء ذلك في مقابلة نشرتها صحيفة “تركيا اليوم”، نُشرت الجمعة 1/11/2024
وقال لافروف في ردٍّ على سؤال حول الانتخابات الأمريكيّة “في ظل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن الذي دفع دوامة رهاب روسيا في الولايات المتحدة إلى أقصى الحدود، بات بلدَانا على حافة صراع عسكريّ مباشر”. وأضاف: “لا نفضّل أحدا على آخر. في ظل حكم ترامب، اعتمدت الإدارة الأمريكيّة أكبر عدد من العقوبات المناهضة لروسيا مقارنةً بالإدارات السابقة”.
فيما أكدت وزيرة الخارجية الكوريّة الشماليّة تشوي سون هوي التي كانت بزيارة إلى موسكو أنّ بلادها ستقف بجانب روسيا حتى تحقيق “النصر” في أوكرانيا، وأوضحت “نكرر التأكيد أننا نقف على الدوام بجانب رفاقنا الروس حتى يوم النصر”.
مخاوف أمريكيّة من الصين
حذّر قائد قوة الفضاء الأمريكيّة من أن الصين تضع قدراتها العسكريّة في الفضاء بوتيرة “مذهلة”، ما يزيد بشكلٍ كبير خطر الحرب في المدار، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وقال الجنرال تشانس سالتزمان، رئيس العمليات الفضائيّة في القوة التي أنشأها الجيش الأمريكيّ مؤخراً والمكلّفة بحماية المصالح الأمريكيّة في الفضاء: “إن عدد الفئات المختلفة من الأسلحة الفضائيّة التي أنشأتها الصين والسرعة التي تفعل بها ذلك يشكّلُ تهديداً كبيراً”.
وتحدث سالتزمان خلال جولة في أوروبا لزيادة الوعي بإمكانية نشوب صراع في الفضاء مع قوى بما في ذلك الصين وروسيا والحاجة إلى التعاون مع الحلفاء الأوروبيين لتحسين قدرات الردع. وقال: “أحد الأسباب التي جعلت لديك قوة فضائيّة في الولايات المتحدة الآن هو الاعتراف بالسنوات العشرين الماضية، حيث طورت روسيا والصين وأظهرتا القدرة على خوض حرب في الفضاء”.
فيما قال مايكل أسفراجا السفير الأمريكيّ غير المقيم لشؤون القطب الشمالي، الجمعة: “إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب التعاون المتنامي بين روسيا والصين في القطب الشمالي”. وأضاف أسفراجا، وهو أول سفير أمريكيّ لشؤون القطب الشمالي، إن “تكرار وتعقيد” التعاون العسكريّ في الآونة الأخيرة بين موسكو وبكين في المنطقة ينقل “إشارات مثيرة للقلق”. مضيفاً أن هذه التحركات تلفت اهتمام الولايات المتحدة الأمريكيّة وأنهم يراقبون عن كثب هذه التطورات.
وأشار أسفراجا إلى عملية مشتركة لطائرات مقاتلة روسيّة وصينيّة قبالة سواحل آلاسكا في تموز 2024، وإبحار سفن خفر السواحل الصينيّة والروسيّة معاً عبر مضيق بيرينغ في تشرين الأول الماضي.