No Result
View All Result
المشاهدات 7
حمزة حرب_
تكثيف الهجمات على جبهات عدة، يدفع منطقة الشرق الأوسط إلى احتمالات “حرب مفتوحة”، والتي قد تعني دخول المنطقة في حروب لا نهاية لها، وخاصة إن إسرائيل وإيران تتبادلان الهجمات رغم، أنها لا تزال محدودة.
الصراع في المنطقة إلى أين؟
تستمر الحرب في غزة ولبنان، فيما دخلت إسرائيل وإيران في الرد والرد المضاد، الذي يرى فيه مراقبون أنه سيدخل المنطقة في مستنقع الصراع المستمر؛ ما سيؤثر على دولٍ إقليمية عدة وعلى الاقتصاد العام في المنطقة، ويرى مراقبون أن الصراع في المنطقة مخاض عسير، ومن الممكن أن يقود إلى تغيير معالم الشرق الأوسط بشكلٍ واسع.
يتسبب الصراع بين إسرائيل وحماس، في معاناة إنسانية هائلة، وسيكون له أيضا عواقب على منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، مع تأثر الشعوب واقتصادها بشكل كبير، ويأتي هذا في وقت كان من المتوقع فيه بالفعل أن يتباطأ النشاط الاقتصادي في المنطقة من 5,6% في عام 2022 إلى 2% في عام 2023.
المنطقة تنتج 35% من صادرات النفط العالمية، و14% من صادرات الغاز، لذا ستكون التداعيات خطيرة، وهي سترفع أسعار النفط والغاز، ورغم استفادة بلدان المنطقة من ذلك، إلا أن خطر الحرب الشاملة سيبقى قائماً.
ومدى التأثير على المنطقة يعتمد على مدة الصراع وشدته وانتشاره، فحدوث صراع واسع النطاق سيشكل تحديا اقتصاديا جسيما أمام المنطقة، ويتوقف احتواؤه على نجاح الجهود الدولية في منع امتداد التصعيد إلى المنطقة، والأمر المؤكد هو أن التنبؤات الموضوعة للاقتصادات الأكثر عرضة للخطر المباشر، ويجب أن يكون هناك سياسات لحماية الاقتصاد، والسعي لاستقرار المنطقة سيكون ضرورياً.
ولا شك أن تل أبيب والضفة الغربية وغزة، هي الأشد تضررا لكن التأثير الاقتصادي يمتد إلى أبعد بكثير من منطقة القتال، فالبلدان المجاورة، مصر والأردن ولبنان، تعاني بالفعل من تدني اقتصادها، وفي ظل المخاوف بشأن خطر الصراع، حيث ألغت الكثير من الدول سفر رعاياها إلى المنطقة؛ ما ألحق أضرارا بالغة بشريان الحياة لهذه الاقتصادات.
فالسياحة، التي شكلت ما بين 35% إلى ما يقرب من 50% من صادرات السلع والخدمات في هذه الاقتصادات عام 2019، تعد مصدرا بالغ الأهمية للنقد الأجنبي وتوظيف العمالة، وهناك تداعيات على النمو ستشهدها الاقتصادات التي تعتمد على السياحة كلبنان، حيث انخفضت معدلات الإشغال الفندقي بمقدار 45 نقطة مئوية في العام الجاري.
وكان التأثير على أسواق الطاقة والأسواق المالية محدودا ومؤقتا، فبعد حدوث طفرة في أسعار النفط في البداية، تراجعت هذه الأسعار وأصبحت الآن دون مستويات ما قبل الصراع؛ ما يعكس التغيرات في أوضاع الطلب العالمي، حيث لم تحدث أي اضطرابات في إنتاج النفط، كذلك انخفضت أسعار الغاز الطبيعي بعد ارتفاع حاد، لكنها لا تزال أعلى بنحو 25% من مستويات ما قبل الصراع.
وارتفعت عائدات السندات الحكومية في بعض الاقتصادات، لكن التأثير الأوسع نطاقا كان ضئيلا حتى الآن، وشهد تدفقات الاستثمارات إلى المنطقة، وهو مؤشر على أن المزاج الاستثماري شهد هبوطاً، ولكنه عاد إلى مستويات ما قبل الحرب بين إسرائيل وحماس.
وستكشف الأزمات أيضا مواطن الضعف الأساسية، ما يؤدي إلى تفاقم مخاطر التطورات السلبية المحيطة بالآفاق المتوقعة، وقد يؤدي ارتفاع المخاطر إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يؤثر سريعا على الاقتصادات المثقلة بالديون، وعلاوة على ذلك، يمكن أن تشهد الدول المتأثرة بالصراعات في المنطقة، مثل الصومال والسودان واليمن، انخفاضا في تدفقات المساعدات الضرورية، حيث انخفضت المساعدات التي تحولها الدول المانحة لتلك الدول.
الجغرافيا السورية تخضع لسيطرة مختلف القُوى الإقليمية والكُبرى، وباتت ساحة صراعات بينية، ارتفعت وتيرتها في ظل الظروف السياسية والأمنية، التي يفرضها الصراع بين حماس وإسرائيل وحزب الله، وتمدد إيران في المنطقة، مع احتمال وصوله لاحقًا إلى سوريا، وإلى إيران، ومن ثم يتوسع ليشمل، روسيا وتركيا، وستُعيد ترتيب توازناتها الحالية في سوريا.
اتساع الحرب له آثار تدميرية
في السياق، تحدث عضو المجلس المركزي في حزب الوطن السوري، حامد الخليل: إن “ما يجري في
منطقة الشرق الأوسط، أثر على سوريا بخاصة، وعلى الأوضاع في المنطقة، وكان المتحدِّث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، قد حذَّر من أنَّ توسُّع العمليات العسكرية جغرافيًّا في الشرق الأوسط، ستكون له عواقب كارثية على المنطقة، تعليقًا على تقارير رجَّحت احتمال أن تشنّ إسرائيل عملية عسكرية برِّية في سوريا”.
تبرُز إيران في مقدِّمة القُوى المتأثِّرة بفعل الهجمات على سوريا، وتتصاعد هُنا التساؤلات حول استمرارية موقف دمشق، الذي تسلكه حكومة دمشق بتحييد نفسها وحدودها عن الهجمات الإسرائيلية، على الرغم من أن هناك هجمات شبه يومية على الداخل السوري.
وأضاف الخليل: “سوريا وُضعت أمام خيارين، إما أن تقوم حكومة دمشق بطرد المليشيات الإيرانية وحزب الله، أو أن تلجأ إلى الدخول في عملية عسكرية مع إسرائيل، وإلا ستكون الساحة السورية عرضةً للهجمات الإسرائيلية التي تستهدف قيادات حزب الله، وعتاده”.
تبرُز روسيا كإحدى القُوى المراقبة لمسار الصراع في المنطقة، إذ تُعَدُّ أحد الأطراف الفاعِلة في موازين القُوى، وخاصة في سوريا، وتمتلك علاقات جيِّدة مع الأطراف الثلاثة، إيران وإسرائيل وسوريا، حيث تتّسِم علاقاتها بمزيج من المصالح المتناقضة والتوازنات الدقيقة، وبرَزَ هذا التقاطع في المصالح بين روسيا والأطراف الثلاثة تارةً، وتناقضها تارةً أخرى، أما بشأن التوافق الروسي – الإيراني، إزاء إسرائيل منذ التدخُّل الروسي في سوريا عام 2015، وحتى ما قبل أيلول عام 2023، هناك مصلحة لروسيا في الحفاظ على حكومة دمشق باعتبارها ركيزة للنفوذين الروسي والإيراني.
في المقابل، كان بين الأطراف الثلاثة تناقُض في المصالح، فيما يتعلَّق باحتواء النفوذ الإيراني، إذ تنظر كلٌّ من موسكو وتل أبيب، إلى هذه المصلحة من زاوية مختلفة، فموسكو على الرغم من المصالح المشتركة، التي تجمعها بإيران، أصبحت ترى فيها شريكًا مُضِرًّا بدور روسيا في سوريا، ومع ذلك، اقتضت مصلحتها الاحتفاظ بقدرٍ من علاقتها مع إيران دون إنهاء دور الأخيرة بالكامل في سوريا، لحاجتها إلى إيران، واستخدامها في المساومة على مصالحها، لذلك هناك تعاون بين روسيا وإيران في سوريا.
مصالح القوى والدول أُولى الاهتمامات
لكن المعادلة التي كانت قائمة قبل أيلول عام 2023، غير تلك التي نشأت بعد هذا التاريخ، فمع التطوُّرات الدراماتيكية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وتضاعُف ضرباتها ونطاق أهدافها الجوِّية لمواقع وشخصيات إيرانية ولبنانية، تابعة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان وسوريا، باتت تقلق موسكو، هذه التوتُّرات المتصاعِدة بين إيران وإسرائيل، وعلى الرغم ممّا قد يجنيه هذا التصعيد من فوائد لموسكو، في سياق مصالحها في الشرق الأوسط، لكن سيكون هناك، جُملة من التحدِّيات التي قد تعترضها.
وهذا احتمال قد يضع روسيا أمام خيارات صعبة للغاية، وستجِد موسكو نفسها أمام خيارين محتمَلين:
إما الاستمرار في مسارها الذي تتخذه اليوم، بعدمَ الاعتراض على الهجمات الإسرائيلية وتمريرها في سوريا، أو التوجُّه إلى زيادة دعمها لخصوم إسرائيل، في وقت تتجنَّب فيه التورُّط العسكري المباشر معها، ولهذا السبب كانت هناك زيارات بين المسؤولين السوريين والإيرانيين والروس، والدعوة الروسية الأخيرة لنائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، لعقد اجتماع جديد حول سوريا بموجب صيغة أستانا قبل نهاية العام الحالي، وهي في غالبها رسالة إلى أكثر من طرف إقليمي، بأنَّ إضعاف وتوسيع الهجمات على سوريا أو إيران بالشكل التي تريده تل أبيب وواشنطن، ممنوعة من الجانب الروسي.
ونوه الخليل: الى أن “ما عاناه الشعب السوري من ويلات الحرب المدمرة، كان نتيجة تقاطع مصالح الدول في سوريا، وأيضاً تعنت حكومة دمشق في السير نحو الحلول الممكنة، ما أدى لتدمير البنى التحتية وهجرة الملايين، وزيادة الغلاء المعيشي والاقتصاد المنهك”.
دول الخليج العربية سعت إلى طمأنة طهران، بشأن حيادها في الصراع بين إيران وإسرائيل، خلال اجتماعات في الدوحة، وسط مخاوفها حول ضرب المنشآت النفطية الإيرانية، وضغطت دول الخليج على واشنطن في هذا الجانب، لمنع إسرائيل من مهاجمة مواقع النفط الإيرانية، وذلك انطلاقاً من القلق من تعرض منشآتها النفطية لهجمات من جماعات متحالفة مع طهران وخاصة جماعة الحوثي في اليمن. حيث رفضت دول خليجية من بينها السعودية والإمارات وقطر، فتح مجالها الجوي أمام الهجمات الإسرائيلية على إيران، وهي أخبرت واشنطن بذلك، وعلى ما يبدو إن دول الخليج نجحت في النأي بنفسها عن الصراع الدائر، خصوصاً بعد أن اتضحت طبيعة الأهداف الإسرائيلية التي نفذتها مؤخراً وأعلنت عن انتهاء ردها.
وهو ما كشف عنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، بأن “إيران دفعت ثمن هجماتها الأخيرة على إسرائيل، من خلال تنفيذ تل أبيب ما وصفه بالضربات الدقيقة والمحددة على أهداف في مناطق مختلفة من إيران، شملت منشآت لتصنيع الصواريخ ومنصات لإطلاقها، وقواعد لصواريخ أرض – جو وقدرات جوية أخرى”.
وأوضح الخليل: “ما يحدث اليوم في غزة ولبنان أو سوريا، كان نتيجة هجمات المجموعات أو الميليشيات الموالية لإيران، والتي تحارب من أجل مصالح إيران، ليس إلا، والمساهمة في التمدد الإيراني في المنطقة والشرق الأوسط، وإيران هي المسؤولة بشكل مباشر عن كل ما يجري”.
وبالأحوال كلها، يرى مراقبون أن الخاسر الوحيد من الصراع الدائر في المنطقة، هم الشعوب والمدنيون، ومن أجل مصالح الدول لا مانع لقتل وتشريد الملايين، وتدمير المدن والبلدان بأكمها، حيث ترى العديد من الدول بأن مصالحها فوق الجميع، والقوى العالمية والإقليمية، ليست بصدد تلبية تطلعات شعوب المنطقة، وإنهاء الصراع في المنطقة، حتى تحقيق غاياتها وأهدافها الكاملة.
No Result
View All Result