No Result
View All Result
المشاهدات 1
لمعان شيخو_عضوة منتدى حلب الثقافي_
كثرت العديد من الأمراض الاجتماعية في مجتمعاتنا هذه الأيام والتي تساهم بشكل كبير في تغيير بعض مفاهيمنا وقيمنا التي تشكلت لدينا منذ آلاف السنين، ومن أهم هذه الامراض هي ظاهرة النفاق الاجتماعي، والذي ساد بشدة في حياتنا اليومية (في العمل والعلاقات العامة وحتى في بعض الصدامات والمناوشات) وهذا ما لفت انتباهي وجعلني اتطرق لهذا الموضوع لأهميته وكثرة تداوله في الآونة الأخيرة.
فالنفاق الاجتماعي هو مصطلح يستخدم لوصف حالة عدم تناغم بين السلوك الظاهر للفرد ومعتقداته أو قيمه الحقيقية، أي التعبير عن حالة التناقض بين ما يقدمه أو يعتقده في الخفاء، ويمكننا تعريفه أيضاً على إنه فشل وانحلال أخلاقي في الواقع وينظر إليه على أنه أحد أسوء الإخفاقات الأخلاقية، ومع ذلك تُصادف ثلث المنافقين الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر(وجود تناقض بين المعتقدات المغلقة وما يظهره للأخرين)، وبتعبير آخر يعني مخالفة الضمير وتصبح صفة لا يمكن استئصاله من الانسان من كثرة رسوخها أي يصبح جزء من شخصيته وجزء من حياته ولا يستطيع الاستغناء عنه، وتعد المصالح الشخصية هي السبب الأكثر وضوحاً للنفاق، ومن الناحية العملية يعد النفاق من السلوكيات الطاغية مثال مسألة الترقيات والمكافآت والحوافز في بعض أماكن العمل بمختلف أشكالها، وهناك أشكال وصور عديدة للنفاق منها: اظهار الحب -الثناء -الاحترام – المدح- الاهتمام– الصداقة– التملق- التظاهر بالنبل والأخلاق.. الخ. لشخص في منصب معين يُعبر ويقال له أمامه وعند مغادرته يتفوه نفس الشخص بأسواء الكلمات، وينبذ فيه، والهدف من ذلك التملق تحقيق مصلحته الشخصية، وإظهار مساعدة الناس عندما يكون في ذلك مصلحة ومنفعة له، وينتقد سلوك الأخرين حتى لو كان يفعل نفس أفعالهم وسلوكهم، ويتظاهر بالعيش بحياة معينة في العلن والعيش في الخفاء بطريقة مختلفة، وهذا يعني أن النفاق يُعد من أشنع الصفات التي قد يتصف بها الإنسان، فهذا الشخص الذي نجده غير واضح في أحاديثه ومتلون في أفعاله وأقواله يؤثر بشكل كبير على الفرد والمجتمع، ويساهم في تغيير سلوك الفرد للأسواء وشعوره الدائم بالنقص وعدم الثقة بنفسه ، وجعله إنساناً حقوداً وطبقياً ومتطرفاً وغير راضٍ عن أي شيء، وتركيزه على الكماليات فقط دون الاهتمام بالأساسيات ,وابتعاده عن الهدوء النفسي والقيم الإنسانية التي يؤثر بها على الأخرين والمجتمع بشكل عام وهذا يساهم في ابتعاد الفرد عن قيم العدل والسلام والمساواة ويساهم ذلك في وقوعه في الغيبة والنميمة، ويقال عن الغيبة والنميمة مثل دارج (كأكل لحم أخيه الميت) وهذا يدل على مدى قساوة من يقوم بهذا الفعل هذه الظاهرة الخطيرة تؤدي بصاحبها إلى الظلم وحرمان الآخرين من حقوقهم لأن من صفاته: الكذب والخداع -الافساد -الغرور- الجهل- تحقير أو تصغير الأخرين الازدواجية -الاستهزاء وإن تطلب يتحول إلى صم، بكم، عمى.
بعد كل ما تحدثنا به يمكننا التأكيد على أن أسلوب النفاق أصبح شكل من العلاقات الاجتماعية المتسربة في علاقاتنا الشخصية والاجتماعية على السواء، فالشخص الذي يحمل المبادئ الإنسانية مثل الأمانة والأخلاق والصدق والإصلاح بين الناس بات من وجهة نظر الكثيرين غريباً ومتمرداً وليس مواكباً للعالم، وهذا ما يسمى “موضة النفاق الاجتماعي في مجتمعنا”، فالحقيقة المسلمة بها أنه لا يوجد إنسان كامل ولن نكون كاملين أبداً فنحن، نعيش الآن في عالم نتمسك ونثق بالمظاهر ونهمل ونتغافل عن الجوهر ونحارب الصادقين ونتفاخر بالأكاذيب، لا نساهم في التقارب بين الناس، ونتهرب من قول الحق عندما يتعارض مع مصالحنا على المبدأ الميكافيلي “الغاية تبرر الوسيلة” وفوق كل ذلك تخلينا “والبعض مننا على اقل تقدير” عن قيمنا الإنسانية النبيلة.
بالتأكيد هذا لا يعني عدم وجود أناس عظماء وأشخاص لا ينطقون إلا بالحق وعقولاً نزيهة وعظيمة وتسعد بالحديث معها ولقائها لكن باتت عملة نادرة وللأسف.
أخيراً: يمكنني القول أن هدفي من كتابة هذا المقال هو الابتعاد عن الشكليات قدر الإمكان، والتركيز على المضمون والجوهر ونشر الثقافة والوعي والعلم في المجتمع، أي العودة إلى قيمنا الإنسانية والمصداقية في التعامل ومحاربة كل أشكال النفاق الاجتماعي بجميع وسائله وأشكاله، لكونها ظاهرة تؤجج الاحتقان الاجتماعي والفكري والسياسي على مستوى الفرد والجماعة، وبالتالي المجتمع، ويعمل على تفكيك التماسك والتضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال تغليب المصلحة الذاتية على المصالح العامة، فالأخلاق لها دور مهم في تحصين الأجيال من الانزلاق في مستنفع النفاق والعمل على بناء حياة مجتمعية عصرية قائمة على الصدق والقيم الأخلاقية والإنسانية، وهذا ما يضمن لمجتمعاتنا تطوريها والحفاظ على أبنائها مهما شهدت من تطورات أو حتى أزمات وآلا نجعل النفاق الاجتماعي مهارة نتقنها مع الوقت ونمارسها للوصول لأهدافنا .
No Result
View All Result