18سنة هي المسافة الفاصلة ما بين حرب تموز 2006 والحرب اليوم على لبنان، كافية لِتُعيد إسرائيل ترتيب تفاصيل جيشها وأسلوب حربها، فتبدأ مباشرةً بتحييد قدراتِ حزب الله القياديّة والصاروخيّة إلى حدٍّ كبير، عبر خطوات كبيرة من التقدم التكنولوجي والقبة الحديدية والذكاء الاصطناعيّ بالتصدّي للصواريخ، ليصبح الاحتفال بالنصر الإلهيّ حكاية من الماضي، مقابل ما يشهده اليوم من سلسلة وقفات التأبين لكبار قادة الحزب وعلى رأسهم أمينه العام، وليطرح معها عنوان حرب التكنولوجيا مقابل الأيديولوجيا، رغم أنّه لا فصل مطلقاً بينهما.
الحرب السيبرانيّة
حرب التكنولوجيا تعتمد جوهرياً على ما يعرف باسم الحرب السيبرانيّةCyber Warfare ، وهي التدميرُ الشاملُ دون إطلاقِ رصاصةٍ واحدةٍ. وتشملُ الهجماتِ الدقيقةَ والمعقّدةَ للغايةِ عبر نُظمِ وشبكاتِ الكمبيوتر والأجهزةِ الذكيةِ، مستهدفةً البنيةَ التحتيّةَ المدنيّةَ والعسكريّةَ للدول، من محطاتِ الطاقةِ والكهرباءِ، ونُظمِ الاتصالاتِ والمواصلاتِ والأقمارِ الصناعيّةِ، وتحديدَ الموقعِ الجغرافيّ والسياراتِ ذاتيّةَ القيادةِ وإنترنت الأشياءِ، فضلاً عن المفاعلاتِ النوويّةِ والسدودِ وخزانات الماء.
تعتبرُ الحروبُ الإلكترونيّةُ والهجماتُ السيبرانيّة رابعَ ميدانٍ للحروبِ، فهي النموذجُ الخفي لاقتحامِ الأنظمة الإلكترونيّة وتسبقُ العملَ العسكريّ. وإن كانت لا تحسمُ نتيجةَ المعركة إلا أنّها تساهمُ بشكلٍ أساسيّ بتشتيتِ العدوِ وتحديدِ إمكانياته.
تُصنّفُ الهجماتُ الإلكترونيّة كأحدِ أبرزِ المخاطرِ التي تُحدقُ بالدولِ، وزاد حجمُ الهجماتِ السيبرانيّة بين الدولِ في السنواتِ الأخيرة مستهدفةً قطاعاتٍ حيويّة للدول كالبُنى التحتيّة والمؤسسات الخاصة والرسميّة عبر اختراقِ الحواسيب والهواتف ونشر الفيروسات والتضليلِ المعلوماتيّ الإلكترونيّ بهدف التجسس والتخريب، لذلك خصصتِ الدولُ وحداتٍ إلكترونيّةً خاصة بالأمنِ السيبرانيّ ومنحتها مزيداً من الصلاحياتِ.
الفضاءُ السيبرانيّ ميدانُ المعركةِ الرئيس للجيوشِ السيبرانيّة، ليكونَ الميدانُ الافتراضيّ هو الرابع ولكنه ليس الوحيدَ، فالقواتُ المسلحة تقاتلُ في الميادينِ التقليديّة (الأرضِ والبحر والجو) وتقاتل الجيوشُ السيبرانيّةُ في هذه الميادين أيضاً، ويُتوقعُ مستقبلاً أن تطيحَ الحروبُ الإلكترونيّة والهجماتُ السيبرانيّة تدريجيّاً بالحروبِ التقليديّةِ العسكريّةِ وتزدادَ حِدّتها بين الدولِ، ورغم أنّها ليست دمويّةً دائماً، لكنّ مساحةَ الضرر ستكونُ أكثر مستقبلاً من الحروبِ العسكريّةِ التقليديّةِ. وسيكونُ السيناريو الافتراضيّ نموذجَ حروبِ المستقبلِ.
إنّ اختراقَ النظمِ الأمنيّةِ للأسلحةِ التقليديّةِ أو إرسالَ معلوماتٍ خاطئةٍ أو مضللة عبر الأقمار الصناعيّة عن مواقع الأهداف العسكريّة، قد يتسبب بضرب أهدافٍ صديقةٍ، أو إخراج عددٍ كبيرٍ من المعداتِ العسكريّة عن العملِ وتعطيلها، وكلما ازدادتِ الدولُ علماً وتقدماً زادت القدرة التدميريّة للأسلحة المستخدمة، وسلاح الحرب القادمة سيكون أقوى وأسوأ من القنابل النوويّة والهيدروجينيّة، وسيستبدل الجنودُ بالروبوتات والطائرات المسيّرة (الدرون)، وستكون الأسلحة شيفرات وفيروسات مبرمجة يمكنها إحداث تأثير يفوقُ الأسلحةَ التقليديّةَ.
الحربُ السيبرانيّة هي نموذجُ حروبِ المستقبلِ وستكونُ أكثر شراسةً من الحروبِ السابقة، ما يلزمُ الدولَ بتطويرِ آلياتِ الحفاظِ على أمنها القوميّ وحمايةِ مجتمعاتها وليس مجردَ الاستعدادِ للمعركةِ بل الدخولَ في مواجهاتٍ على الدوامِ، فالمسألةُ تنطوي على عدةِ سوياتٍ من الحربِ واحتمالَ وقوعها على مستوى التهديدِ وخوضِها ومواجهتها، وفي مستوى المفاهيمِ المتداولةِ فالمطلوبُ متانة الدفاع السيبرانيّ Cyber Defense ودرجة عالية من الردع السيبرانيّ. وتعزيز الأمن القومي السيبرانيّ Cyber National Security، والتي تختلف عن المفهوم التقليديّ للأمن القوميّ نتيجةَ تعدد سوياتها اعتباراً من الأفرادِ وحتى ساحةِ المجتمعِ.
تفجير البيجر معركة التكنولوجيا
خلال المدة الفاصلة بين طوفان الأقصى 7/10/2023 واغتيال نصر الله 27/9/2024، اختبرت إسرائيل قدرات الحزب وتأكدت من مدى استعداد إيران لحمايته، فاستهدفت قنصليتها في دمشق بغارة جويّة في 1/4/2024. وشجّعها الرد الإيرانيّ المحدود في عملية “الوعد الحق” في 13/4/2024، لتتقدّم خطوة إضافية. وفي 31/7/2024، اغتالت إسماعيل هنية في إيران بالتزامن مع تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، واستهدفت مراراً الوجود الإيرانيّ في سوريا. ليبدو أنّ إيران بصدد مرحلة لن تغامر فيها ببرنامجها النوويّ وتنخرط بحربٍ إقليميّة مجهولة النتائج، بل ستعتمد أسلوب تعدد الساحات في الشرق الأوسط عبر حلفائها.
بعد تفجيرات أجهزة الاتصال انقسم الحزب إلى قسمين فالبعض دعا للانتقام وتسعير الحرب وفتح الجبهات على مصراعيها. واعتقد أنّ استمرار الحرب في غزة وعدم تحقيق إسرائيل أهدافها طيلة 11 شهراً، يعني استمرار الصورة التقليديّة عنها، واشترط لوقف إطلاق الصواريخ على جبهة الإسناد الشماليّة، وقف الحرب في غزة، فقد تصور صعوبة أن تخوض إسرائيل الحرب على جبهتين بشكلٍ متزامن، ولم يخطر له أن تبدأ إسرائيل الحرب على لبنان بصورةٍ مغايرة عما يجري في غزة، وخلافاً لحرب تموز 2006. فيما بدا آخرون واقعيّين بمرور وقتٍ ليس بالطويل، بعد سلسلة الضربات، وتنفيذ عمليات الاغتيال التي استهدفت قياديي الحزب، وقالوا إنّ قتالَ إسرائيل بالشروط الحالية غير مجدٍ، وتوقعوا أن يكون القادمُ مزيدٌ من الخسائر والدمار والأسى ليس بحق الحزب وحده، بل كلّ لبنان الذي لا يحتمل الخسارة في أزماته المتعددة السويات، لكن قيادة “حزب الله” اختارتِ التصعيد. لترتفع فاتورة الدم اللبنانيّ إلى 2,083 قتيل و9,869 مصاب منذ طوفان الأقصى، وفق ما أعلنته وزارة الصحة اللبنانيّة الإثنين 7/10/2024.
بعد تفجير أجهزة البيجر طُرح السؤال حول الثغرة التكنولوجيّة، وتطلبت الإجابة عن أسئلة تتعلق بمصدر الأجهزة، لمعرفة أبعاد الخرق الأمنيّ، بعدما كشف مصدر أمنيّ لبناني كبير أنّ جهاز المخابرات الإسرائيليّ (الموساد) زرع كمية صغيرة من المتفجرات داخل شحنة من هذه الأجهزة طراز “إيه آر 924″، طلبها حزب الله قبل أشهر من تايوان، وأشارت أصابع الاتهام إلى شركة “جولد أبوللو” التايوانية التي تصنع هذا البيجر، لكن الشركة أخلت مسؤوليتها عن الحادث وأوضحت أن أجهزة بيجر من هذا الطراز المستخدمة في انفجارات لبنان صنعتها شركة “بي.إيه.سي كونسلتينغ” ومقرها في بودابست بالمجر.
واضطر الأمين العام للحزب حسن نصر الله لأن يطلب من أعضاء الحزب وعائلاتهم التخلص من أجهزة الموبايل، ونزع كاميرات المراقبة من شوارع الضاحية الجنوبيّة، ويبدأ سكانها في التعامل مع شبكة الانترنت بحذر شديد، بعد استخدام إسرائيل هذه الوسائل التكنولوجية في اختراق قواعد الحزب واستهداف كوادره، وأصبح سلاح التكنولوجيا في مواجهة سلاح الأيديولوجيا الذي يعتمد عليه الحزب في حشد مناصريه الذين يؤمنون بعقيدته الدينيّة والسياسيّة.
شكّل استخدام التكنولوجيا بهذه الطريقة نقلة نوعيّة تسببت بأضرار جسيمة وأربكت الحزب، قابله صمتٌ إسرائيليّ، وتوعدت قيادات الحزب بالانتقام من إسرائيل، وهو أمر يحتاج إلى ترتيبات وبعض الوقت لاحتواء الضربة ومعرفة الأسباب ومعالجة مواضع الخلل، وإعادة تنظيم شبكة الاتصالات، كما أنّ شبكات الاتصال لا تفي بالغرض وبخاصة لدى التحرك خارج الأماكن المغلقة، والحاجة إلى إعادة تقييم نظام السيطرة والتحكم وأساليب التأمين، إضافةً لحجم الإصابات الكبير وبخاصةٍ في العينين واليد، التي قد تحرم أصحابها من المشاركة في أيّ أعمال قتاليّة.
متغير كبير بين تموز وأيلول
كانت حرب تموز 2006 نموذج للقتال بلا غطاء جويّ في مواجهة جيشٍ لديه أعتى التقنيات وأحدث الطائرات، وطُرح يومها شعار “توازن الرعب”، وحينها، كانت المقاومة والصمود عناوين رئيسيّة مقترنة بذكر اسم “حزب الله”، وانتهت الحرب وفي آخر يوم لها أطلق الحزب صليات مكثفة من الصواريخ من مناطق مختلفة ليؤكد أنّه يحتفظ بترسانة صواريخ كبيرة، وأنّ قياداته العسكريّة موجودة في الميدان والاتصالات سليمة غير مخترقة. فيما شكلت إسرائيل لجنة فينوغراد للمساءلة في أداء الجيش.
يروي نتنياهو في مذكرته أنَّه في عام 2011 اتصل به البروفيسور إسحاق بن إسرائيل، وهو عسكريّ سابق يقدم له النصح في القضايا العلميّة، وقال له: “أريدك أن تقرأ هذا الكتاب”. فسأله نتانياهو: «ما نوعه؟»، فأجابه إنّها «رواية». ورد نتنياهو: “أنا لا أقرأ الروايات. فأنا أقرأ في التاريخ والسير الذاتيّة والفلسفة السياسيّة وعلم الآثار والتكنولوجيا والاقتصاد”. وأصر إسحاق قائلاً: “سترغب في قراءة هذا”. وتناول الكتاب حرباً سيبرانيّة مستقبليّة مفترضة بين الولايات المتحدة والصين.
اتصل نتنياهو بإسحاق بن إسرائيل باليوم التالي وقال له: “بقيت مستيقظاً طوال الليل وأكملت قراءة الكتاب. تعالَ في أسرع وقت ممكن»، ويضيف نتانياهو: “في حين أنّ لدى إسرائيل قدرات سيبرانيّة فعلاً، أقنعني الكتاب أنّه يتعين علينا المضي قدماً بسرعة، وشكلت لجنة إرشاديّة مع بن إسرائيل وسكرتيري العسكري يوهانان لوكر لتطوير المؤسسات والتمويل والإجراءات لإدخال إسرائيل بقوة في عصر الفضاء السيبرانيّ. وكان السبب الأول لهذا التحرك هو الأمان. لا يمكن أن نكون منعزلين عن هذه التكنولوجيا الجديدة القوية التي يمكن على سبيل المثال أن تعطل شبكة الكهرباء في البلاد. وقلت في كلمة بجامعة تل أبيب في 2011 ‘في غضون سنة واحدة، يجب أن تكون إسرائيل من بين القوى السيبرانيّة الأولى في العالم”.
واليوم تعتمد إسرائيل على الطيران المسيّر والحربيّ لاستهداف مواقع مختلفة في لبنان سوريا، وبخاصةٍ الشخصيات والقيادات. وقد بدأت إسرائيل الحرب على لبنان عبر مراحل، فكانت البداية من تفجير أجهزة الاتصالات البيجر، والتي أفضت إلى إصابة أكثر 3000 إضافةً إلى إفقاده لثقته بنفسه للاختراق الأمني الكبير الذي وصل إلى دوائر القيادة. هذا ما عبّر عنه حسن نصر الله نفسه الذي صرّح في 19/9/2024 تعقيباً على تفجير أجهزة الاتصال، بأنّ الحزب قد تعرّض إلى ضربة قاسية وغير مسبوقة.
واصلت إسرائيل استهداف القيادات، والكثافة في الضربات الجوية لاستهداف مخازن السلاح ومنصات الصواريخ، واستخدمت ذخائر ذات قدرة تدميريّة هائلة بوزن 1ــ2 طن، لتدمير الأنفاق والمقرات تحت الأرض. وبذلك أنهت لدرجة كبيرة مبدأ “توازن الرعب”، الذي اُعتمد في حرب تموز، وفي سعيها لفرض نفسها قوة عابرة للإقليم قصفت إسرائيل مواقع في اليمن على مسافة تتجاوز ألفي كم، وتهدد إيران بالرد على قصفها.
من المرجح أنّ اغتيال حسن نصر الله في 27/9/2024 حدثٌ كبيرٌ سيظهر نتنياهو المنتهي الصلاحية بطلاً قوميّاً وسيمدد حياته السياسيّة، وسيستعيد الجيش الإسرائيلي سمعته التي تأثرت بشدة بعد “طوفان الأقصى”، وفشل استخباراته في اكتشاف تحضيرات حماس للهجوم المباغت بأدوات تقليدية، وقد قال رئيس الأركان الإسرائيلي عن الاغتيال “الرسالة واضحة سنصل إلى كلّ من يهدد مواطني إسرائيل”. واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، “اغتيال نصر الله يمثل نقطة تحول تاريخيّة يمكن أن تغيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط”. وفي خطابه أمام الأمم المتحدة، تجاهل نتنياهو جهود التهدئة الدبلوماسيّة، وأكد مواصلة العمل لاستكمال أهداف إسرائيل لتدمير حركة حماس وتحييد حزب الله. وقال بتحدٍّ: “لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع ذراع إسرائيل الطويلة الوصول إليه”.
يبدو أداء الحزب اليوم ضعيفاً ومشتتاً، بالمقابل أظهرت الحرب اليوم التفوق التكنولوجيّ الإسرائيليّ. ومؤكد أنّ الحزب يعاني الارتباك بفقدان قادته وسيستغرق وقتاً لاستعادة توازنه وتنظيم نفسه، وأما عودته لما قبل 17/9/2024 فهو تحدٍ كبيرٍ.
لا يمكن الفصل بين الأيديولوجيا والتكنولوجيا، فالأولى تشكّل مرجعية فكريّة وعامل تحريض لأيّ صراع مسلح، والثانية أداتها التي تضمن بها الغلبة، وما العقيدة العسكريّة للجيوش النظاميّة إلا صيغة أيديولوجيّة يحدد بموجبها العدو. وصحيح أنّ حزب الله تأسس على الأيديولوجيا والبناء العقائديّ للمقاتلين وتعزيز الاستعداد للتضحية في سبيل قناعتهم، والاعتماد على أساليب تقليديّة من حرب العصابات، وإنشاء شبكة أنفاق عنكبوتيّة هائلة، لكن ذلك لا يضمن الصمود أمام الاختراق الإلكترونيّ والقنابل المدمرة للأنفاق والتحصينات.
إسرائيل وتركيا توافق بالحرب والأيديولوجيا
اعتمد جيش الاحتلال التركيّ في عدوانه على المناطق السوريّة على الضربات الجويّة باستخدام الطيران المقاتل والمسير وسلاح المدفعية. وتجنب الخسائر البشريّة في الاجتياح البريّ بالاعتماد على مجموعات المرتزقة السوريّة التي كانت تتقدم بعد الضربات الجويّة والقصف المركّز. وتواصل تركيا الحربَ حتى اليوم بأساليب مختلفة، وبخاصة ٍعمليات الاغتيال وملاحقة السيارات على الطرقات واستهداف المقرات والبنى التحتيّة ومختلف المواقع، كما أنّها تعتمد على طوابير من المخبرين والعملاء في مختلف مناطق شمال وشرق سوريا. وضعت أنقرة هدفاً أساسيّاً لمواصلة العدوان عبر القصف والاستهداف، هو القضاء على القياداتِ العسكريّة والإداريّة في شمال وشرق سوريا، كما تعتمد أيضاً أسلوب عمليات الاغتيال في العمق عبر خلايا نشطة، ويتم التواصل معها وتوجيهها عبر أقنية استخباراتيّة دقيقة. وإسرائيل بالمثل تعلن أنّها لن توقف الحرب في غزة ولبنان حتى القضاء على كامل المنظومة القياديّة لحماس وحزب الله…
يتجاوز توافق أنقرة وتل أبيب أسلوب الحرب إلى الأهداف النهائيّة وذرائع الحرب المتمثلة بالأمن القوميّ والمطالبة بمناطق حدوديّة آمنة، ولكن أهم الأهداف أنّ الطرفين يتطلعان إلى تغيير الخرائط. وثمة خرائط تاريخيّة مشتركة بين الطرفين يشكّلُ الفرات حدها الفاصل، فإسرائيل رسمت حدودها من النيل إلى الفرات، فيما طرحت أنقرة في مناسبات عديدة موضوع الميثاق المليّ، أيّ الوصول إلى الفرات من الشمال، لتكونَ ضفاف الفرات ملتقى الأيديولوجيا التركيّة والإسرائيليّة، وفي توافق إضافيّ هناك ثلاثة ملفات شائكة يعمل عليها الطرفان عناوينها: الأرض والمياه والأمن!