No Result
View All Result
المشاهدات 5
حنان عثمان_
مع انطلاقة شرارة ثورة 19 تموز عام 2012، من تلك المدينة الصغيرة، التي أصبحت فيما بعد أسطورة المقاومة، من مدينة كوباني، اشتعل بركان الثورة في عموم مدن وبلدات روج آفا. وكانت المرأة الكردية هي التي تحمل مشعل الشرارة الأولى للثورة، فاستطاعت أن تجذب إلى صفوفها الآلاف من النساء في وقت قياسي وغير مسبوق. وللأمانة التاريخية، فإن الريادة النضالية للمرأة الكردية لم تبدأ مع ثورة 19 تموز 2012؛ بل يعود إلى قبل ذلك بعقود من النضال الدؤوب بين صفوف أبناء وبنات الشعب الكردي، وعلى المجالات والأصعدة كافة. لذا، كانت المرأة الكردية مستعدةً لريادة الثورة عندما تفجر بركانها، فكانت ريادية في القتال على الجبهات، مثلما كانت ريادية أيضاً في تأسيس الحياة الجديدة وهيكلة المجتمع بما يتوافق مع المستجدات والمتغيرات الجديدة، وفق مشروعٍ جذري وبديل جديد، يتطلع إلى إيصال الشعوب إلى بر الأمان والاستقرار.
فكان هذا الحراك الشعبي والجماهيري والنسوي اللبنة الأساسية في هيكلة مشروع الأمة الديمقراطية، التي طرحها المفكر القائد عبد الله أوجلان. وكانت انطلاقة المرأة الكردية، صاحبة الميراث التاريخي والمقاومة الباسلة والبطولات العظيمة، التي استلهمتها من مقاتلات الحرية في جبال كردستان، هؤلاء اللواتي أثرن ببطولاتهن على النساء الكرديات في الأجزاء الأربعة من كردستان. فثابرت المرأة الكردية في روج آفا على تنظيم صفوفها، والوقوف في وجه المفاهيم التقليدية والعادات البالية، التي كانت مسيطرة على المجتمع بكافة أطيافه، وأحدثت الثورة الاجتماعية الجذرية ضمن الثورة النضالية العامة.
هكذا، استطاعت المرأة أن تتخطى العراقيل وتكسر المحظور، وتغير الموروث الثقافي والاجتماعي من خلال الدور البارز، الذي لعبته منذ البداية، فلم تترك أي مجال يذكر عن دونية المرأة، فكرياً كان أو جسدياً أو سياسياً، بل أثبتت نفسها في الصعد كافة. فقامت بشق طريقها الشاق ببراعة، حتى استطاعت تنظيم النساء ضمن الكومينات والمجالس، وقامت ببناء لجان تنظيمية على المستويات كافة، إلى أن أسست نظامها الخاص بها بما يتوازى مع التنظيم العام.
بل وشرّعت قوانينها الخاصة بها، والتي تميزت بالتقدم على الكثير في البلدان التي تتغنى برُقيّ قوانينها وديمقراطيتها. هذه الخطوة التي لم تتجرأ على خطوها حتى أكثر الحركات النسوية راديكاليةً، كانت إحدى المحطات المهمة في إرساء العدالة الاجتماعية، والبت في شؤون المرأة من طرف المرأة، وحل الكثير من المشاكل الاجتماعية العالقة بعين نسائية أصيلة وبديلة. كما قامت بتأسيس وحدات دفاعية عسكرية، استطاعت تلك الوحدات أن تتصدى لمرتزقة داعش الإرهابي، وتهزمه هزيمة نكراء، وتحطم أهدافه الوحشية وخاصة فيما يخص المرأة. وانتصرت على داعش في عقر داره وعاصمة الخلافة “حسب زعمه” الرقة ومدينة الباغوز.
No Result
View All Result