No Result
View All Result
المشاهدات 4
يُعرّف سلوك القطيع بين علماء الاجتماع بأنه اتباع سلوك الجماعة دون التفكير في منطقية هذا السلوك، ويتميز هذا السلوك بقيام الأفراد الأكثر تأثيراً بتوجيه الأشخاص الأقل تأثيراً (الأكثرية) نحو أهدافٍ محددةٍ، كما يتميز أيضاً بانعدام المركزية إلى حدٍ ما، وهو ليس بجديدٍ على تاريخ البشرية، فهو موجودٌ في أسواق المال والأسهم كمثالٍ واضحٍ وصريحٍ منذ قيام الأسواق الحديثة، ووقوع حادثة فقاعة التوليب (أو جنون التوليب) المالية التي أضرت بالاقتصاد الهولندي إبَّان أوج نفوذها الاستعماري. ولعل ما رأيناه في كذبة مكائن الخياطة سنجر وفقاعة سوق الأسهم يعتبر أحد الأمثلة المحلية في المملكة العربية السعودية، وهناك علاقةٌ عكسيةٌ بين سلوك القطيع ومستوى التعليم، حيث تشير الدراسات إلى أن المجتمعات الأقل تعليماً وثقافةً تكون هدفاً أسهل لهذا السلوك.
مع ظهور الشبكات الاجتماعية كالتويتر وفيسبوك وغيرهما، ظهرت فكرة تطبيق مبدأ سلوك القطيع وتوجيه الأشخاص بشكلٍ أكبر على الساحة، سواءً لتحريك الشعوب والجماهير كما رأينا في بعض بلداننا العربية في الربيع العربي، أو للتلاعب بنتائج الأنتخابات كما رأينا في الأنتخابات الأمريكية، أو لتسويق المنتجات والخدمات. ولعل الجدير بالذكر أن نظرياتٍ متنوعةٍ استخدمت لتوجيه العامة في الشبكات الاجتماعية، وذلك باستخدام نماذج علميةٍ مستوحاةٍ من علم الأوبئة وانتشار الأمراض المُعدية، ولعل أشهر هذه النماذج هما: النموذج التعاقبي المستقل، ونموذج الحد الفاصل الخطي، وهذا بالإضافة إلى اختيار أشخاصٍ مؤثرين ذوي اهتماماتٍ مختلفةٍ للوصول إلى أكبر شريحةٍ من الأشخاص في الشبكة الاجتماعية.
بشكلٍ عامٍ ولكي لا نتعمق في المعادلات الحسابية والرياضية، يعتمد النموذج التعاقبي المستقل على المُرسل (الشخص المتأثر بالسلوك والذي يبث التأثير لمن حوله)، بينما يعتمد النموذج الخطي على الشخص المُستقبل للسلوك، وفي كلا الحالتين هناك نقطة تحولٍ لكل شخصٍ في الشبكة لكي يتأثر بالسلوك ويتبنى الفكرة. فعلى سبيل المثال، ربما تحتاج إلى عددٍ معينٍ من الأشخاص من حولك لكي يقنعوك بفكرةٍ تبنوها، وهناك بالفعل خوارزمياتٌ تبحث عن أفضل مجموعةٍ مؤثرةٍ حتى يصل السلوك المراد إلى أكبر شريحةٍ في الشبكة الاجتماعية وتحقق الأهداف المرجوة، ويشرح الفيديو القادم تجربةً حقيقيةً عن كيفية التأثير على شخصٍ ما من قِبل أشخاصٍ يتبنون سلوكاً موحداً، فنجد مجموعةً من الأشخاص الذين يستديرون نحو جهة المصعد الخاطئة للخروج، ويتأثر بذلك الشخص المستهدف للسلوك على الرغم من أنه كان على صواب!
ماذا بعد؟
ربما يستنتج البعض منكم أن سلوك القطيع له تأثير سلبيٌ دائماً، فهل هو كذلك؟ ليس بالضرورة. فبالإمكان الاستفادة منه لتوجيه العامة إلي تبني عاداتٍ إيجابيةٍ، كالمحافظة على الرياضة والاهتمام بالتشجير، ولا نغفل أيضاً أهمية هذا السلوك في وقتنا في توجيه المجتمعات وشبكات التواصل الاجتماعي لما فيه خير البلاد والعباد.
No Result
View All Result