سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تاريخ وثقافة أهل الصحراء… تناغم البدو مع قساوة الطبيعة

قامشلو/ دعاء يوسف – البادية موطنهم، والصحراء موردهم وحلهم وترحالهم، فأينما وجدت الصحراء وجدوا، تميزوا بصفات الكرم والمروءة والشجاعة، وعاشوا البساطة لتتناغم حياتهم مع الطبيعة، فظلوا على صلة وطيدة مع التاريخ والحياة مع الطبيعة. لكن؛ التحضر قد قوَّض بعض ما تعارفوا عليه بأشكال الحياة المختلفة.

يعيش البدو في المناطق الصحراوية، التي لا يمكن إرواؤها، عدا بعض الواحات الواقعة هنا وهناك، اعتمدوا على الترحال، بحثاً عن مراعٍ لماشيتهم، التي يعتمدون عليها في تأمين دخلهم. وقد امتازت الأراضي التي قطنها البدوي بقسوة مناخها، ومع ذلك يقطن البدوي هذه الصحراء مع جمله وأغنامه.

تُعرف تجمعات البدو السكانية بتقسيمها إلى قبائل وعشائر، من أبرزها قبيلتا شمر وعنزة اللتين تعود أصولهما إلى شبه الجزيرة، ومن هاتين القبيلتين تفرعت لاحقاً عشرات القبائل والعشائر الأخرى.

كما يفضل البدوي العيش في خيمة تراثية تحمل طابعاً خاصاً ارتبط بهم لطبيعتهم المتنقلة باستمرار، وهذه الخصائص والسمات ميزت البدو عن غيرهم، إذ يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم، ويرفضون التمدن، ويعشقون الصحراء، وقد حافظوا على عادات أجدادهم في الشهامة والبسالة والحرص على الشرف وعادات الضيافة.

حياة البدوي المميزة

لحياة البدوي طابع مميز، حيث يتأقلم مع البيئة الصحراوية في تأمين الغذاء والحماية وممارسة الهوايات الموروثة عن آبائه وأجداده. في البادية، يعمل الرجل والمرأة معاً، إذ يُعنى كل منهما بتربية المواشي، ولا سيما الإبل والأغنام، التي تشكل أساس قوتهم اليومي ودخلهم المادي من خلال التجارة بمنتجاتها. كما يلجأ بعض البدو إلى الزراعة الموسمية لتأمين قوتهم إلى جانب رعاية المواشي.

ويحرص البدوي على تعليم أطفاله العادات والتقاليد، وأنماط الحياة البدوية، وتأتي طقوس الحياة البدوية في مقدمة هذه التقاليد، وأبرزها القهوة العربية، التي لها طرق خاصة لإعدادها على الحطب في داخل الخيمة التي يطلقون عليها “الربعة” ولها عادات تقديم مميزة، فعلى سبيل المثال لا يشرب الضيف قهوة المستضيف إلا عند تلبية طلبه، وإن لم يكتفِ يقوم برفع الفنجان ليصب له ثانيةً، ولا يمكن رفض القهوة المقدمة من المستضيف.

كما يعشق البدو تربية الخيول العربية الأصيلة والفروسية، ويتسابقون لامتلاك أجود أنواع الخيول وترويضها والتفاخر بها، ويعتمدون عليها لجني الدخل المادي.

طقوس البدو

من العادات التي يحافظ عليها البدوي استقبال الضيف ثلاثة أيام، فإن كان للضيف طلباً ينفذ بعد انتهاء مدة الضيافة، وإن كان على طريق سفر يكمل طريقه في اليوم الرابع، ولا يمكن رفض الضيافة.

إن حياة البدوي تنشط ليلاً من خلال السهرات والاجتماعات اليومية عند كبير العشيرة أو القبيلة، وفي هذه الاجتماعات، يتم مناقشة أحوال العشيرة وحل المشاكل العالقة، بالإضافة إلى سرد القصص والحكايات، وإلقاء الشعر والقصائد الغنائية، مع العزف على آلة الربابة.

فبقي البدوي يمتاز بحسن الضيافة وإغاثة الملهوف وقضاء الحوائج، ومازال يحافظ عليها رغم الظروف الصعبة، ويشتهر البدو بحسن الجوار مع المكونات والشعوب في المنطقة، الذين يشهدون لهم بذلك. كما ويحافظون على اللباس البدوي الأصيل لأفراد القبيلة والعشيرة، فضلاً عن اللهجة البدوية، التي تعدُّ أكثر اللهجات القريبة للعربية الفصحى.

ويبقى تاريخ البدو كنزاً غنياً يحتاج لدراسة فهم يملكون من العادات والخصال الحميدة الكثير، التي أكدت وحدتهم وتكاتفهم في وجه أعدائهم.