YPJ.. عندما تصبح الحماية بشرى للحرية

 سوزان علي_

لم يكن تأسيس وحدات حماية المرأة في الرابع من نيسان من عام 2013م عبثاً؛ لأن الرابع من نيسان هو تاريخ ميلاد قائد قاوم سياسة الأنظمة الاستبدادية، فهو الذي حلل التاريخ، وقيّم الحاضر، واستشرف الغد، القائد الذي أنار الدرب أمام المرأة الكردستانية للتعرف على كينونتها، وإدراك مدى قوتها، ومعرفة تاريخها المخفي الذي لم تدونه الأنظمة الحاكمة ذات الطابع الذكوري، والذهنية الأبوية، لسلب ثمار جهد المرأة ونسبتها لأنفسهم، فالمرأة التي قامت بحماية صغارها من العوامل الجوية، ومن ثم ذاتها، وقبيلتها من المتربصين بها، هي ذاتها من داوت المحيطين بها بالأعشاب، وذلك بعد قيامها بإجراء مئات التجارب على ذاتها أولاً، إلى أن فصلت السامة منها، وهي ذاتها المرأة، التي اتخذت من الحماية نهجاً ودرعاً حامياً لها. لذا؛ فتأسيس وحدات حماية المرأة هو ترجمة فلسفة القائد عبد الله أوجلان إلى واقع وسريان الحياة في تاريخ المرأة المخفي، وكما أصدرت القيادة العامة لوحدات حماية المرأة في أحد بياناتها: “حكاية كل امرأة سبب أساسي لبناء قوة تحميهن”.

لقد قادت المرأة في شمال وشرق سوريا ثورة التاسع عشر من تموز، تبعاً “لأيديولوجية تحرر المرأة” التي أهداها القائد عبد الله أوجلان للنساء، وأبدعت في الثورة، ونظمت ذاتها في وحدات خاصة بها، واحتضنت النساء الكردستانيات والأمميات اللواتي بشرن بالحرية بعد اتخاذهن الحماية نهجاً، وآمنَّ أن حماية النساء مسؤوليتهن بالدرجة الأولى، ومن ثم حماية شعوب المنطقة من براثن مرتزقة داعش، وهجمات وانتهاكات دولة الاحتلال التركي، وما دماء شهيدات وحدات حماية المرأة الأوائل بيريفان نوجان “بيريفان قلندر”، التي استشهدت في الثامن والعشرين من شهر أيار 2013م أثناء هجوم مرتزقة جبهة النصرة على قرى شيراوا بعفرين، وسلافا عفرين “مريم محمد”، التي استشهدت في التاسع والعشرين من شهر أيار 2013م أثناء الاشتباكات التي دارت في قرية باصلة التابعة لناحية شيراوا بعفرين، سوى بذور حرية، برعمت اليوم، وأزهرت بسير آلاف النساء على خطاهن، وذلك بتنظيم أنفسهن أولاً، والسعي لتغيير الفكر البائد في المجتمع.

كما ناهضت وحدات حماية المرأة الذهنية الذكورية، ونبذتها وناضلت لتحرير النساء منها أولاً، وتخليص المجتمع ثانياً؛ ولا سيما الفكر المتطرف الذي بثه داعش في المجتمع، وقد سعى إلى تطبيقه على أرض الواقع، وجعله ثقافة سائدة؛ ذلك أن وحدات حماية المرأة ليست قوى عسكرية وحسب، وإنما هي قوى فكرية، قوى حماية القيم المجتمعية والحفاظ على أصالة الشعوب؛ وذلك عبر تلقي التدريبات الأيديولوجية إلى جانب التدريبات العسكرية.

فنضال وحدات حماية المرأة لم ينضب حتى اللحظة في حماية المنطقة والذود عنها ضمن حق الدفاع المشروع، واستطاعت تخليص إقليم شمال وشرق سوريا من شرّ داعش، وذلك بقيادتها للحملات المختلفة لتحرير المناطق المحتلة من داعش، والقضاء عليها جغرافياً، وذلك في حملة تحرير الريف الشرقي لدير الزور في الثالث والعشرين من شهر آذار 2019م في آخر معاقله في الباغوز، وحررت المئات من النساء المختطفات، ومنهن الإيزيديات من داعش، اللواتي عانين الظلم والعنف فترة أسرهن؛ لتصبح تلك الوحدات قبلة لنساء العالم قاطبة، وتنضم إليها كل من لمست فيها السكينة والاحتواء؛ فأصبحت بحق ملاذ النساء الآمن وقوتهن التي لا تلين.