أهالي السويداء يطالبون بالتغيير ويشكّلون لجنة لحماية محاصيلهم

 الشدادي/ حسام الدخيل –

منذ العشرين من شهر آب من العام المنصرم، يواصل أهالي محافظة السويداء احتجاجاتهم التي تنادي بالتغيير السياسي في سوريا، وفق القرار الأممي 2254، وإقامة إدارة ذاتية يديرون بها أنفسهم على غرار مشروع الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا.

واندلعت الاحتجاجات الأخيرة عقب قرار سلطات حكومة دمشق في منتصف آب من العام الماضي، رفع الدعم عن الوقود، في خضم أزمة اقتصادية تخنق السوريين بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب المدمرة، عقب المظاهرات التي طالبت برحيل نظام الأسد، مما تسبب في دمار هائل بالبنى التحتية، وتشريد أكثر من نصف السكان، وخسائر بشرية تُقدر بأكثر من نصف مليون قتيل، وفق بيانات حقوقية وأممية.

ولكن مدينة السويداء جنوب سوريا، عادت لتنبض بالحياة من جديدة، وتحمل رسالة أمل وتغيير جديدة، فمنذ عدة شهور، يخرج آلاف المواطنين إلى الشوارع، مرددين شعارات تطالب بإسقاط النظام السوري، والانتقال إلى حكم لامركزي، يحترم حقوق الشعوب والأقليات، ويسمح لهم بإدارة شؤونهم المحلية بدون تدخّل من السلطة المركزية.

مطالب أهالي السويداء تنطلق من تجربة الإدارة الذاتية لمناطق إقليم شمال وشرق سوريا، التي تمثل نموذجاً فريداً في الشرق الأوسط، يجمع بين الديمقراطية والتعددية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها في توفير الأمن والخدمات والتنمية لسكانها، بالإضافة إلى مقاومة الإرهاب والتطرف والاحتلال.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، بدأ سكان السويداء بإنشاء لجان مركزية لحماية المحاصيل الزراعية والبساتين، على خطى قوات حماية المجتمع (الجوهرية) في مناطق الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، اتفق الأهالي في ريف السويداء على تشكيل مجموعات محلية لحماية المحاصيل الزراعية.

ومنذ بداية الأزمة السورية وتشكل الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا، شكل الأهالي قوات حماية المجتمع لحماية مدنهم وأحيائهم، بالإضافة إلى حماية المحاصيل الزراعية خلال موسم الصيف.

لتكون بذلك هذه الفكرة نواة لأهالي السويداء، للبدء بإدارة أنفسهم، وأولى خطوات التغيير التي يطمح إليها أهالي السويداء، للوصول إلى حل سياسي ونظام حكم ديمقراطي يشارك فيه كافة أطياف الشعب السوري.

وعلى الرغم من أن المظاهرات السلمية في السويداء لم تعد في دائرة الضوء الدولية منذ اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس، يتميز الحراك باستدامته واستمراره، حيث أصبح ملهماً لجميع السوريين، وعودة الأمل في الوصول إلى حل يرضي جميع السوريين.

استفاد الحراك الشعبي في السويداء من التجربة السورية المريرة وتعلّم من الأخطاء السابقة التي وقعت بها المعارضة التي ارتهنت لتركيا، كما استفادت من المشروع الديمقراطي في إقليم شمال وشرق سوريا، لترفع الشعارات المناصرة لها وتطالب بإعادة التجربة في مدن الجنوب السوري.

ويصرُّ المتظاهرون على استخدام الشعارات الوطنية التي يتردد صداها وتخاطب شرائح الشعب السوري كافة، ما يؤكد من جديد أمل الشعب السوري في حل سياسي ينهي الصراع في سوريا، في ظل استمرار تعنت حكومة دمشق، وتبلور هذا الموقف بعدما اتضح أنها لا ترغب في السعي لأي حل، وخصوصاً بعد إعادته إلى الجامعة العربية، من خلال طرح مشروع سياسي مفصّل، بالإضافة إلى استمراره في تجارة المخدرات عبر الحدود مع دول الجوار.