سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حرفية في الزليج التقليدي التونسي

تسعى “نجلاء الجبالي“، من خلال عملها بالزليج التقليدي، الذي يعدُّ حكراً على الرجال، للحفاظ على التراث التقليدي في تونس.
أكدت “نجلاء الجبالي”، أنها استطاعت أن تنحت اسمها في مجال صناعة الزليج، والرسم فوقه بالرغم من التحديات والصعوبات، التي واجهتها من المجتمع، لأنه يعدُّ هذه المهنة حكراً على الرجال، مضيفةً: “فمن يكون قادراً على صناعة الزليج والرسم، يجب أن يكون ملماً بالعديد من المهارات، أولها تطويع الطين أو ما يسمى بـ “الطفل” في تونس، وتحويله إلى مربعات جافة، ثم الرسم عليه، وإضافة أشكال مختلفة، واستعمال الألوان المناسبة والمتناسقة”.
وأوضحت نجلاء، أن صناعة الزليج تتطلب قوة جسدية وحساً فنياً، وهذا ما يميز المرأة عن الرجل، لذلك نجحت في أن تجلب أنظار الراغبين بشراء الزليج التقليدي، والتفوق على الرجال.
وتابعت: “تأثرت كثيراً بالزليج التقليدي التونسي، وكنت عندما أمر بمنزل قديم، أشعر بعظمة صانع زليجه”، منوهةً: “وأصبحت أقرأ وأبحث عن تاريخ هذه الصناعة، وخصوصيتها، وشعرت أنه من واجبي الحفاظ عليها للأجيال القادمة، فهو يتوفر على خصوصية تونسية ممزوجة بما تركته الحضارات المتعاقبة عليها”.
فن عريق 
ويعد “الزليج التقليدي”، فناً عريقاً من بلاط فسيفسائي، يتكون من أشكال فخارية هندسية مدقوقة قطعة بقطعة مركبة في لوحة من الجبس، يتم تزيين الجدران والأسقف، والنوافذ والأرصفة وأحواض السباحة والموائد بها.
وأشارت نجلاء، إلى أنها تعلمت مع بعض الإيطاليين كيفية تعويض الزليج القديم بالجديد، مع الحفاظ على الرسوم نفسها، ثم قامت بفتح ورشة في المجال، وباتت المرأة الوحيدة التي تعمل بالزليج القديم العربي، وتعاملت مع جمعية صيانة المدينة خاصة في مدينة القيروان.
وحول ترويج منتوجها قالت: “تلقيت العديد من العروض بالرغم من تأثير فترة انتشار فيروس كورونا على المهنة، والوضع الاقتصادي بشكل عام، بالإضافة للأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس وارتفاع أسعار المواد الأولية، فمثلاً، هناك مادة أساسية ارتفع سعرها من 25 ديناراً إلى 120 ديناراً في ظرف وجيز”.
وأكدت: “شاركت في معارض داخل تونس وخارجها، ومستقبلاً سوف أشارك بمعرض كويتي، حسب رغبة أحد منظميه، على أن يكون المنتوج التونسي موجوداً، لأنه يمتاز بخصوصية غير موجودة في بلدان أخرى”.
وبينت نجلاء، أنها تعمل حالياً على إعداد الزليج وتركيبه في المنازل التونسية، وخاصةً، التي يقطنها أجانب، لأنهم يرغبون بالعيش في تونس، في ظل الحفاظ على الخصوصية والطابع المعماري التونسي، كما تقوم بتركيبه في الفنادق والنزل، وتعمل على إعداد تحف وأواني الزينة وترويجها في تونس، قائلةً: “التونسي اليوم عاد إلى الطابع المعماري التقليدي في بناء منزله، لكن أصبحنا نفتقر إلى اليد العاملة المختصة، ونعاني من ندرة المواد الأولية وارتفاع أسعارها، وهناك مواد يتم جلبها من إسبانيا عن طريق المعامل الكبرى، وفي ظل إغلاقها بعد كورونا خاصة أصبحنا نحن، الحرفيين الصغار، غير قادرين على توفيرها”.

مم يتكون الزليج التقليدي؟
ويتكون الزليج من الطين، الذي يتم عجنه حتى يصبح أملس، ثم يتم دقه وتقطيعه، وبعد ذلك يمدد في الشمس، ويسطح بواسطة مطرقة ثم يملس، وفيما بعد يتم تقسيمه على لوح خشبي ويترك ليجف في الشمس، ولاحقاً يدخل الفرن، ومن ثم يتم غطس واجهة المربع بسرعة في مزيج من الطلاء قبل دخوله الفرن للمرة الثانية، حتى يتغير لون الطلاء الذي يتكون من الرصاص والرمل ليعطي لوناً مغايراً، ويعتبر تقطيع الزليج وتركيبه في لوحات من أهم المراحل، حيث يقوم الصانع برسم خطوط محورية الواحدة في الأخرى بواسطة المطرقة، أو ما يعرف بالمنقاش، بعد التكسير والنحت ترتب القطع حسب الشكل واللون، وفقاً لنجلاء.
وأشارت إلى أن منتوجها لاقى رواجاً واسعاً، حتى خارج تونس، حيث تم تصديره إلى أمريكا: “تلقيت عروضاً للعمل في الخارج، فهدفي هو تطوير هذا النوع من الزليج في بلد آخر”.
الصعوبات والتحديات
وعن التحديات التي واجهتها بينت “نجلاء الجبالي”، مختتمة حديثها: “واجهت العقلية الذكورية باقتحامي مهنة تعد خاصة للرجال، ولكن إصراري على العمل، وتحقيق الذات، وتحقيق الاستقلالية المادية ومساعدة بناتي الثلاثة في الدراسة، كان أقوى من كل شيء”، مؤكدةً: “أن المرأة التونسية قوية، فإن آمنت بقدراتها لن يثنيها شيء عن فعل ما ترغبه، ولن توقفها العراقيل ولا الصعوبات”.
وكالة أنباء المرأة