صلاح الدين مسلم_
لا يمكننا التطرق إلى الأدب الكردي الحديث بمعزل عن التاريخ الكردي السياسي والفكريّ الحديث، وخاصة بعد تقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء قبل مائة عام، فلم يعد الشغل الشاغل للمثقف الكردي أو لنقل للطليعة الكردية سوى ترسيخ الهوية الكردية، لذلك صار الأدب جزءا من الهوية، فكان الشعر على سبيل المثال عنوانا للثورة، فبرزت الكلاسيكية الواقعية وصارت عنوانا عريضا لحقبة ما بعد استقلال سوريا، ونشوء الأحزاب الكردية بتياراتها اليسارية واليمينية.
كان للأدباء الكرد الهاربين من تركيا إلى سوريا الفضل الكبير في تطوّر الأدب الكرديّ الحديث، أمثال: (حمزة بك، ممدوح سليم، مير جلادت بدرخان، مير كاميران بدرخان، قدري بك، أكرم جميل باشا، حاجو آغا، دكتور نوري ديرسمي)، بالإضافة إلى الفضل الكبير لنور الدين ظاظا، وأوصمان صبري في ترسيخ الهويّة الكرديّة وجعلها مبدأ أخلاقيّاً منافساً للانهزاميين الكرد الذين لجؤوا إلى الانسلاخ عن هويتهم وتبنّي الهوية العربيّة أمثال خير الدين الزركلي، وعدنان مردم بك، وأحمد شوقي، وغيرهم الذين أغنوا المكتبة العربيّة بهويتهم الانسلاخيّة.
كان لجريدة روناهي وهاوار وصوت كردستان، وغيرها من الصحف والمجلات الكرديّة الفضل الكبير في تطوّر الأدب الكرديّ الحديث.
ويمكننا أن نلخص تاريخ الأدب الكردي الحديث في النقاط التالية:
-
بروز الكلاسيكية الواقعيّة الكردية كإثبات للهوية الكردية، ولأنّ معظم من عمل في المجال الأدبي الكرديّ ممّن ذكرناهم ينتمون إلى الطبقة الإقطاعيّة المحافظة في المجتمع الكرديّ.
-
طغيان الثورية على الشعر لفترات طويلة.
-
التأثّر الكبير بالكلاسيكيين الكرد أمثال: (ملاي باتي ١٤١٧-١٤٩١، ملا جزيري ١٥٧٠-١٦٤٠، فقى تيران ١٥٧٠-١٦٤١، أحمد خاني ١٦٥١-١٧٧٠)
-
بروز الأدب الانهزامي للهروب من واقع الإبادة والصهر.
-
كثرة الأدب السطحي وخاصة الشعر الذي صار مرتعا لكل من يريد أن يلقب بالشاعر.
-
بروز الإباحية كحالة انسلاخيّة عن الواقع.
-
انكفاء النقاد والملمين بالأدب على ذواتهم، واعتزالهم الحركة الأدبية، وعدم القيام بواجبهم، ما دفع المتطفلين على الأدب إلى تربع الساحة الأدبية.
-
لقد كانت الرومانسية الكردية مطعمة بالثورية، وكان التطور النقدي غير مواكب للتطور الشعري، فالحركة النقدية هشة في ظل الزخم الكتابي خاصة بعد ثورة روج آفا، فهناك عدة روايات، وعدة مجموعات قصصية، وشعرية، دون أن تكون هناك حركة نقدية مواكبة لهذا الزخم الكتابيّ.