No Result
View All Result
المشاهدات 4
صلاح الدين مسلم_
حبل الكذب قصير، وسيظهر الكاذب ولو بعد حين، وستتكشّف الأوراق في تركيا، فحقيقة الإرهاب ستظهر بسقوط الإرهابيّ الحقيقيّ في تركيا، هذا الذي طغى وتجبّر، ولكلّ أمد نهاية.
إنّ حقيقة الإرهاب مثلها مثل حقيقة الثورة وحقيقة المجتمع وحقيقة الأنبياء والمفكّرين… فكلّها ترتبط بصورةٍ مباشرة بالنظر إلى التاريخ، فالأمويون كتبوا عن تاريخ الرسول وكذلك كتب العباسيون، لكن كلّ عصر كتب التاريخ بطريقته، وكل إمبراطورية كانت تنبش في الكتب وتحرق ما لا يلائمها، فبالضرورة عندما جاء العباسيون قضوا على الأمويين جسديًّا، وكذلك قضوا على آثارهم وكل ما يمتّ إليهم بصلة، فالعباسيون عندما استلموا السلطة قتلوا كل أموي، حتّى الأطفال الرضّع والنساء والعجائز لم يسلموا منهم، وقد كانت العباسية ثورة على الأموية، وجاءت لتحارب الإرهاب الأمويّ، عن طريق السفّاح العبّاسي، فما هذه الثورة التي يأتي فيها أبو العبّاس أول خليفة عبّاسي ويقول عن نفسه إنّه سفّاح؟ أي يتباهى بأنّه إرهابيّ، وكان الحجاج أيضًا يتباهى بإرهابيته، حتّى وصل الأمر بداعش أنّه لم يعتبر كلمة إرهابيّ شتيمة، بل مدحًا.
لقد كانت الثورة العلمية في أوروبا ضدّ سلطة البابا وسلطة الكنيسة، ففصل الدين عن الدولة، وقد كانت ثورة بحقّ ضدّ إرهاب رجال الدين الذين حرّموا كلّ شيء يتماشى مع العقل والمنطق، وقد أعدمت محاكم التفتيش الملايين بتهم الزندقة والكفر والإلحاد، وجاء عصر التنوير والثورة الفرنسية، وخرجت أوروبا من عباءة الإرهاب الدينيّ لتقع في شرك أعتى إرهاب على وجه الأرض، وهو الإرهاب الذي دمّر العالم بأسره، وهو إرهاب الدولة القوميّة، فرسمت الحدود بين الدول بالدم، ولم تتوقف سيول الدماء قط حتى نهاية القرن العشرين، فمجزرة سربرنيتشا قُتل فيها في يوم واحد ثمانية آلاف بوسني على يد القوات الصربية، والبوسنة مسلمون وصربيا مسيحيّون، فمن منهم هو الإرهابيّ – يا ترى – في التاريخ؟ فكأنّ كلّ جماعة يجب أن تمرّ بمراحل إرهابيّة، ويجب على كلّ دولة أن تمرّ بحالات إرهابيّة، ويجب أن يتحوّل العرق إلى إرهاب والدين إلى إرهاب، فالمسلمون والمسيحيون في يوغسلافيا ينحدرون من أصل واحد، فما يجمعهما هو العرق لكنّ الدين يفرّقهم، فالدولة القومية يجب أن تتأسس على العنف والإرهاب فحسب، سواء كان الاقتتال طائفيًّا أم عرقيًّا، لا فرق، فيجب أن يمرّ الجميع في قالب الدولة، ونمطية الدولة وإلا سيكون خائنًا يسعى إلى تمزيق هذه الدولة التي رُسمت بأقلام أشخاص لا علاقة لهم بالإنسانية وهم الإرهابيون الحقيقيون، فالذين يسلمون منطقة لدولة أخرى بتوقيع واتفاقية هم الإرهابيّون الحقيقيّون، فمن سلّم عفرين هو الإرهابيّ الحقيقيّ، وليس الشعب الذي يناضل ويقدّم التضحيات، فالإعلام المضاد “السلطة” يصوّر الجلّاد ضحيّة والضحية جلّاداً.
فحتّى الآن يعتبر أردوغان حامي الحمى، والمصلح والمؤمن، والرائع، والعظيم في وطنه وبين مؤيديه، لكن إن رحل – وسوف يرحل – فهل سيبقى كذلك؟ نعم سيُعلَن الإرهابيّ الحقيقيّ.
No Result
View All Result