المدرسة الرمزية في المسرح

وليد عمر_

المدرسة الرمزية: ما أهم سماتها وظروف نشأتها وأهم روادها؟ كيف سنعرف بأن هذا النص المسرحي، هو نص رمزي، سنأخذ على سبيل المثال نص (العميان) للكاتب البلجيكي “موريس ميترلنك”، المدرسة الرمزية ظهرت في فرنسا سنة 1870، وقد كانت رد فعل مضاد للواقعية، والمدرسة الطبيعية، وسبب ظهور المدرسة الرمزية عودة كوكبة من المثقفين المهاجرين إلى فرنسا، ومساهمتهم في نشر أفكار الفيلسوف الألماني (كانت) والفلسفة المثالية، وتعني الفلسفة المثالية بأنه من شأن الخيال، والأفكار الذاتية أن تكون أكثر ترفعاً، وأعلى شأناً من الحقيقة الخارجية الواقعية.

 وبوضوح أكثر هو قول الرمزيين أن الشيء هو فكرتنا عن الشيء، بصرف النظر عن وجوده المادي الحقيقي، وهنا قام كتاب الرمزية بتأليف نصوص مسرحية رمزية، من سماتها استخدام الرمز والإيحاء، ورفض محاكاة الواقع، والإيمان بالخيال، وأن تكون اللغة شاعرية ذات إيقاع موسيقي، ومن أشهر النماذج للتأليف الرمزي هو نص مسرحية العميان لموريس ميترلنك (1890)، حيث اللغة شاعرية غير مألوفة لدينا، ومليئة بالصور الخيالية والرموز والغموض.

النص يتحدث عن مجموعة من العميان في ملجأ، يصحبهم الكاهن العجوز في رحلة لرؤية الشمس، قبل حلول الشتاء، تتألف شخصيات النص من الكاهن العجوز، واثني عشر رجلا وامرأة، فاقدين للنظر، ستة رجال، وست نساء.. وثلاث نساء من العمياوات يصلين طوال الوقت، واحدة تحمل طفلاً رضيعاً، وعجوز وفتاة شابة جميلة جداً، وفجأة وفي وسط الغابات يختفي الكاهن العجوز، وعندها يعيش العميان حالة من القلق والتخبط، لأنهم بقوا من دون دليل، وأصبحوا تائهين وسط الغابات، وهنا ومن خلال الحوار يعبرون عن حالتهم المأساوية، وفجأة يتدخل كلب الملجأ، ويقودهم إلى جثمان الكاهن، الذي فارق الحياة، وكان راقداً على مسافة قريبة منهم، يتملكهم الخوف بعد أن يفقدوا الأمل بالخلاص، وتنتهي الأحداث بصرخة الطفل الرضيع، وقد تم تصميم الديكور الذي هو غابة تحتوي على أشجار ونباتات، غير محددة المكان، وكأنه يريد القول بأن هذه المسرحية لا مكان محدد لها، بل تحدث في أي مكان وزمان، حيث لم يحدد الزمان أيضاً، وحتى المؤثرات الصوتية، كما وضحها الكاتب في إرشاداته، تعكس جو الخوف والغموض المسيطر على المكان، والإيحاء للخطر الخارجي المحيط بالعميان، عن طريق المؤثرات الصوتية، على سبيل المثال (صوت طيور ليلية، صوت المطر، صوت سقوط الأوراق، وقع أقدام)، ومن خلال النص يكشف عن الدلالة السياسية، حيث أن موت الكاهن الذي هو دليل العميان، هو رمز لغياب القائد ، ونتيجة لغيابه تغرق الأمة في ظلمات الاحتلال، وللنص تفسير آخر، وهو التفسير الديني حيث يكون الكاهن ممثلاً للسيد المسيح، وعدد الممثلين الاثني عشر يمثلون الحواريين، الذين اختارهم المسيح لنشر الدعوة، حيث أن الاثني عشر شخصية يمثلون البشرية، التي تتأمل أن يعود الدين لأنه فيما يتعلق بهم يعني، الخلاص.