جل آغا/ أمل محمد –
قضت رحاب محمد أمين حسن، ما يقارب الخمسة عشرة عاماً الأخيرة من عمرها وهي تقوم برعاية طفليها المصابين بشللٍ دماغي بكل عزيمة وإرادة، وتعتبر ذلك اختبار من الحياة وهي على أتم الاستعداد لتجاوزه.
في قرية باديان في ريف ناحية جل آغا تعيش رحاب محمد أمين المرأة الأربعينية، والتي غدت مثال للصبر والعزيمة في قريتها، حيث أنها تقضي حياتها في تربية ولديها “صالح” أربعة عشرة عاماً و”نوجان” عشرة أعوام الذين ولدوا وهم مصابين بشلل دماغي، فلا يمكنهم الرؤية ولا التحدث وحتى الجلوس، حيث تقضي رحاب كامل وقتها وهي تقوم برعاية ولديها، والتي أصبحت تمتلك خبرة في التعامل معهم، وعن هذا زارت صحيفتنا منزل رحاب والتي استقبلتنا وحدثتنا بقولها: “أولادي دائماً مستلقين على ظهرهم ولا يتكلمون، ولكن أفهم ما يريدون بدافع غريزة الأمومة، نظمت لهم طيلة هذه السنوات برنامجاً خاصاً بهم، وقت الطعام ووقت للفسحة والخروج، انعزلت تماماً عن العالم الخارجي، ووضعت تربية أبنائي فوق كل شيء”.
وتابعت رحاب حسن قائلةً: “تساعدني والدة زوجي وأبنائي أيضاً في تلبية احتياجاتهم، مرضهم صعب جداً ولا يوجد دواء الأطباء في محافظات عدة أخبرونا أن نتقبّل الأمر وأن نتعايش معه، وأنا راضية بذلك، ولكن الأمر يزداد تعقيداً في التعامل معهم ففي السابق ونظراً لصغر حجمهم مقارنةً مع الآن كنت أخرجهم خارج المنزل ولكن اليوم لا يمكنني القيام بهذا”.
اختبار الحياة… وروتين يومي
كان لصالح أخت توأم وهي مصابة أيضاً بشلل دماغي، ولكنها فارقت الحياة بعمر الخمسة أعوام، فكانت رحاب تعتني بثلاثة أبناء من ذوي الهمم، والأمر كان صعباً لدرجة أن البعض كان ينصحها بعدم الاهتمام بهم بشكلٍ كبير، ولكن إجابتها دائماً كانت بأن لا فرق بينهم وبين باقي أبنائها وأضافت: “ثلاثة أطفال لا يقدرون على التواصل معنا ولا الرؤية، ولم أسمع صوتهم يوماً ولكن هم أبنائي ومن واجبي كأم أن أهتم بهم، يرى الكثيرون أن مهمتي صعبة ولكنها أصبحت روتين من حياتي وألهمني الله الصبر وهذا اختبار من الحياة”.
أصبحت رحاب محمد أمين مثالاً يتغنى به أهل القرية ومن عرف بقصتها لأم كافحت وناضلت لتربية أبنائها المصابين بشلل دماغي، غيّبهم عن الواقع والحياة بشكل تام، واقترن اسمها مع الصبر سوياً وزادت رحاب: “بالإضافة لأبنائي هؤلاء إلا أن لدي واجبات أخرى عليَّ القيام بها، العائلة بمتطلباتها والمنزل باحتياجاته وأبنائي الخمسة الآخرين ولكني أجد نفسي أنني أستطيع مواجهة كل هذا والقيام بواجباتي ومهماي بكلِّ عزم”.
