No Result
View All Result
المشاهدات 1
صلاح الدين مسلم_
لم يستطع الإسلام السياسيّ (بصفته قوميّة بحلّة جديدة) بريادة أردوغان أن يلقى نجاحاً في العالم العربيّ، إذْ حاول أن يوظّف الإسلام الثقافيّ لخدمته، فكانت هذه المراوغة في دمج الحداثة بالتقاليد التاريخيّة أمراً في غاية الغباء، وكانت الحلول أجمعها تنصبّ في عدم القدرة على التعبير عن المعاني الساميّة الموجودة في الثقافة الشرق أوسطيّة، فلم يكن بمقدورها تحديد مسار إرادة الحياة والذهنيّة التاريخيّة للحضارة المتجذّرة في ذوات الشرقيّ الذي شرب من مهد الحضارة الأولى في بلاد ميزوبوتاميا، ما أدّى بها إلى العقم واللا حلّ وعدم الإنتاج، وبالتالي إلى الثورة على هذه الثقافة الجديدة المستوردة التي لا تعتبر من لدن هذه الحضارة التي يستقي منها رغماً عنه.
إنّ إسرائيل بهذه الحرب قد أبعدت الأنظار كلّيّاً عنها، وصارت في طيّ النسيان، فما عادت قضية العرب والإسلام المحوريّة هي إسرائيل، بل صار الالتفات إلى التنقيب عن الصراعات بين السنة والشيعة، والعرب والكرد هو الهاجس الوحيد الذي يقض مضاجعهم.
فالثقافة الإيرانيّة ذات الجذور الفارسيّة التي ارتدت لبوس التشيّع كنظام دولة، في حرب ضروس مع الحداثة الرأسماليّة والدولة بحد ذاتها، فالحداثة الرأسماليّة تصارع من أجل إركاع هذه الثقافة الفارسيّة وضمّها إلى ركبها، وهم أمام حربين: (حرب الديمقراطيّة والتعايش مع الشعوب الأخرى في إيران كالشعب الكرديّ فيها، وحرب الحداثة والحفاظ على هويّة الشرق الأوسط من خلال ريادتها في المقاومة حتّى الآن) لكنّ يبدو إنّ هذه المقاومة هي وسيلة وليست غاية لجعلها سلاحاً فعّالاً في الابتزاز للحصول على لقمة الأسد في هذه المعركة الطاحنة بين الحداثة الرأسماليّة والحداثة الديمقراطيّة، وكلّ هذه التوازنات وحروب بسط الهيمنة لا تخرج عن نطاق نظام المحاصصة، والبحث عن قطعة في هذه الحفلة الدمويّة، لذلك فاحتمال الانصياع إلى نظام القوّة العالميّة المهيمنة أمر وارد، بل هو قريب المدى سواء بالحرب أم بالسلم، وبعد أن قصّوا جناح إيران في هذه الاتفاقيّة النوويّة بينها وبين النظام العالميّ.
لكنّ الصراع بين إسرائيل وإيران في بسط النفوذ مازال جارياً، وكلاهما يتنازعان فرض نظامه المهيمن على الشرق الأوسط، وكانت الثورة السوريّة بمثابة المنقذ لإسرائيل لإنهاك من يقف أمامها، فأطالت في عمر الأزمة، ممّا أدّى إلى التدخّل الإيراني، والروسي، وبالمقابل تركيا وقطر والسعوديّة، وصارت سوريا أرضاً خصبة لتصفية الحسابات، فهذه الطلقات والبراميل وكلّ هذا التدمير المبرمج يفوق ميزانية سوريا في تغطيّة هذه الحرب، وصارت الفرصة مواتية لأردوغان للقضاء على الكرد وإبادتهم وطيّ الصفحة الكرديّة في روج آفا وباكور، والانتقال إلى باشور للقضاء على هذه الدولة القوميّة الكرديّة هناك أيضاً وبسط نفوذه على الشرق الأوسط واستعادة أمجاد الإمبراطوريّة العثمانيّة بحلّة الحداثة الرأسماليّة، لكنّ ثورة روج آفا ومعركة المصير في كوباني كانت الفيصل لهذه الطموحات.
لا يمكن تحليل الصراع في الشرق الأوسط بعيداً عن نظام الهيمنة القائم؛ أي نظام الحداثة الرأسماليّة الذي يعتمد على الربح الأعظميّ والدولة القوميّة والصناعوية.
No Result
View All Result